كتب: عمرو فاروق
يبدو أن المواجهة بين زعيم هيئة "تحرير الشام" أبو محمد الجولاني، وأيمن الظواهري، زعيم تنظيم "القاعدة"، وصلت إلى قمة الصراع، في ظل الحديث عن تشكيل فرع جديد تابع لتنظيم "القاعدة"، في سوريا بديلا عن "جبهة النصرة"، التي أعلنت فك ارتباطها بـ"القاعدة".
وتمثل جماعة "أنصار الفرقان في بلاد الشام"، ذراع الظواهري الجديد في سوريا، والتي أُعلن عن تأسيسها في أكتوبر2017.
وقدمت "أنصار الفرقان"، نفسها بأنها: "كيان جهادي سني مسلم يتكون من مهاجرين وأنصار ممن حضر أغلب أحداث الشام الأولى"، مشيرة إلى هدفها هو "إعادة الخلافة بالجهاد والإعداد له".
وفي جزء آخر من البيان توضح جماعة "أنصار الفرقان"، فتقول: "تملك السلاح بكافة أنواعه واقتناؤه وحمله حق وواجب على كل مسلم، ولا يجوز تركه، ولا يحل لأحد المساس بهذا الحق، كما لا يجوز لأي كيان منع المسلمين من امتلاك السلاح، ويتعين على الناس الإعداد والتحضير والتسلح للوقوف بوجه أعداء الدين والدنيا".
وتطرق البيان الاول "أنصار الفرقان"، إلى تعريف مفهومه مصطلح الجهاد بأنه: "القتال الذي افترضه علينا، وهو فرض عين على كل مسلم مكلف لاتساع دائرة الوجوب على كل المسلمين، في كل مكان، وعليه فإن الجهاد بكل من النفس والمال واجب على القادر بهما دون تجزئته إلا بوجود عذر شرعي".
وانتقدت "أنصار الفرقان"، الجماعات الإرهابية الموجودة في سوريا بسبب غياب الشورى فيما بينهم، قائلًا: "الشورى ملزمة ونرى أكثر فساد الجماعات إنما وقع بسبب غياب الشورى".
وتتفق جماعة "أنصار الفرقان"، مع تنظيم "داعش"، في رفضها قيم الديمقراطية والحداثة والشيوعية، وأيضا في تكفير الحكام المسلمين العرب، وترى وجوب قتالهم، فتقول في البيان أن قتالها لنوعين من الأحزاب، الأول وهم المسلمون من الحكام العرب، أما الحزب الآخر فهم من يقاتلوهم في ديارهم، الشيعة، وأنصار نظام بشار السوري، والشيعة والروس، والمسلمين المناصرين للروس والأمريكان.
فيقول البيان: "دفع الصائل النصيري الرافضي الروسي عن أهلنا في الشام أولى الأولويات وأوجب الواجبات، لا ينبغي أن نشغل عنه بغيره، لكن دفع الكفار المرتدين أصحاب المشاريع الديمقراطية والوطنية والمرتدين من حكومات العرب والعجم مقدم إن هم شغلونا عن قتال الصنف الأول".
تختلف جماعة "أنصار الفرقان"، عن تنظيم "داعش"، في كونها لا تكفر عموم المسلمين، وترفض استباحة دمائهم لاختلافهم معهم في الرأي، وترى فيهم أن العاصي منهم ومرتكبو الذنوب لهم عقوبات لا تصل إلى حد القتل، إلا ما اتفق عليه العلماء وأهل الفقه.
أما عن الهيكل الخاص بجماعة "أنصار الفرقان"، فوفقًا للبيان التأسيسي يتكون هيكل الجماعة من الأمير، ومجلس الشوري، ومجلس الفتوى والنوازل، واللجنة العسكرية، وأخيرا اللجنة الإعلامية.
وتبين جماعة "أنصار الفرقان"، مهية عمل كل مجلس من هذه المجالس واللجان، أما اختصاصات مجلس الشورى للجماعة الجديدة: "فيحق لهم عزل الأمير ومحاسبته، وعزل ومحاسبة سائر الأعضاء إن قصر الأمير".
ولكن لم تعلن جماعة "أنصار الفرقان"، الموالية لتتظيم "القاعدة"، عن اسم قائدها بعد، أو قياديها، كما لم تقم بنشر كلمة أمير لجماعة سواء كانت مكتوبة أو مرئية أو مسموعة.
ويرى محللون أنه بعد وجود إجماع دولي على إنهاء فرع تنظيم "القاعدة" في سوريا، وذوبان جبهة النصرة الذراع السوري لها، كان لابد من إيجاد فصيل جديد يحمل نفس فكرة تنظيم "القاعدة"، لا سيما وأن أعضاء من "جبهة النصرة" رفضوا الدخول في تحالف أحرار الشام، وبعده هيئة تحرير الشام، على اعتبار أنها انسخلت عن أهدافها وعقيدتها التي تربت عليها ووضعت يدها في يد من أسمتهم العلمانيين وأعداء الدين.
وبيشير المحللون إلى الظهور المتعدد والممهد له من قبل تنظيم "القاعدة"، وزعيمه أيمن الظواهري، لنجل بن لادن حمزة، يكشف عن دور مستقبلي سيقوم به نجل زعيم "القاعدة" المثير للجدل، لا سيما بعد تردد أنباء عن وجوده في سوريا، وهو ما أكدت عليه صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، بأن المخابرات البريطانية تلاحق نجل زعيم تنظيم "القاعدة"، حمزة بن لادن في سوريا.
وأن قوام جماعة "أنصار الفرقان"، مكون من الشرعيين المنشقين عن "هيئة تحرير الشام"، وأن حمزة بن لادن، من الواضح أنه سيكون الزعيم لهذا الكيان الجديد، لا سيما مع رفض الشرعيين لسياسة أبو محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة السابق، والذي كان ينتمي للقاعدة ثم أعلن خلع بيعته عنها.
كما تشير الأنباء الواردة إلى سعي “شرعيو هيئة تحرير الشام” المنشقين إلى جلب العديد من أعضاء الهيئة لهذا الكيان الجديد، ومن أبرزهم بلال خريسات، وإياد الطوبازي (أبو جلبيب)، والعريدي، ومصلح العليان ومحمد المحيسني.
وحمزة، يُطلِق عليه مبايعو "القاعدة" إسم "الأمير"، ويكنى بـ"أبي معاذ" ومدرج على لائحة تصنيف الإرهابيين الدوليين، بعدما تعزّزت مكانته في أوساطهم.
وكان أسامة بن لادن يُعدُّ نجله لخلافته في زعامة تنظيم "القاعدة"، محاولاً إبعاده عن الميدان العسكري، والتركيز على الخطابة والفقه، فيما كان حمزة يُصرُّ على التدريب العسكري.
وكُشِفَ النقاب عن أنّ حمزة، الذي كان الأحب إلى قلب والده، قد أنهى فترة التدريب والتأهيل باستخدام السلاح والخطابة على أيدي أحد المقرّبين من والده عطية الله الليبي (جمال إبراهيم إشيبتوي) من التابعية الليبية.
وترتيب حمزة هو الـ15 بين إخوته الـ20، وهو الثمرة الوحيدة من زواج أسامة الثالث من الدكتورة خيرية صابر، من بين زوجاته الخمس، والذي تمَّ في عام 1987 بعد طلاق بن لادن لزوجته الثانية خديجة شريف، بعدما أنجبت له 3 أولاد.
وكان حمزة مع والده في أفغانستان قبل هجمات 11 سبتمبر 2001، حيث انتقل ووالدته وبعض أفراد الأسرة، وأقاموا في جلال أباد في إيران، وذُكِرَ أنّه غادرها بداية شهر يناير 2011، وفيما لم يحدد المكان الذي قصده حمزة، التحقت والدته خيرية بزوجها أسامة، حيث كانت متواجدة معه لحظة الهجوم الذي تعرّض له على أيدي فريق النخبة في البحرية الأميركية فجر 2 مايو 2011 أثناء تواجده في "مجمع أبوت أباد"، شمال غرب باكستان، ما أدّى إلى مقتله مع عدد من أفراد عائلته وجرح آخرين واعتقال عدد منهم.
منذ فترة ظهر الشاب حمزة في تسجيل صوتي متوعّداً بإنزال حساب قاس على مَنْ قتل والده، قائلاً: "لا تظنّوا أنّ جريمتكم في أبوت أباد مرّت بغير حساب، حسابكم عسير".
وكان ظهور حمزة الأوّل في عام 2005 في أوّل مقطع مرئي ضمن مجموعة خاصة من مقاتلي "طالبان" استهدفت جنوداً باكستانيين في وزيرستان الجنوبية.
فيما كانت أوّل رسالة صوتية بُثّت له عبر أحد المواقع التابعة لـ"القاعدة" يدعو فيها أتباع التنظيم في كابول وبغداد وغزّة إلى "إعلان الجهاد ضد الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا".
وفي أغسطس 2015، رُصِدَتْ رسالة صوتية نُسِبَتْ إلى حمزة بعنوان "تحية سلام لأهل الإسلام"، دعا فيها إلى شن هجمات ضد أميركا و"إسرائيل"، مبايعاً الملا عمر زعيم حركة "طالبان"، آنذاك، ومشيداً بجهود زعيم "القاعدة" في جزيرة العرب ناصر الوحيشي "أبو بصير"، الذي كان يشغل منصب السكرتير الخاص لأسامة بن لادن، وقُتِلَ بغارة طيارة من دون طيّار في مدينة مكلا ، شرق اليمن، في 12 يونيو 2015.
وكانت نشأت تنظيم "القاعدة"، جرت إثر عدّة اجتماعات بين أسامة بن لادن ومجموعة من أبرز قادة "الجهاد الإسلامي المصري" مثل سيد إمام الشريف، وأيمن الظواهري، وعبدالله عزام، حيث اتُّفِقَ على توظيف أموال بن لادن مع خبرة "منظّمة الجهاد الإسلامي"، ومواصلة الجهاد في مكان آخر، بعدما انسحب السوفيات من أفغانستان.
وبتاريخ 20 أغسطس 1988 تمَّ التوافق على أنْ تكون "القاعدة"، الجماعة الرسمية التي تجمع الفصائل الإسلامية التي هدفها "رفع كلمة الله والانتصار لدينه"، وفي أبريل 2002، أصبح إسم المجموعة "قاعدة الجهاد".