عاطف عبد الغنى يكتب: ضد التمييز!

عاطف عبد الغنى يكتب: ضد التمييز!عاطف عبد الغنى يكتب: ضد التمييز!

*سلايد رئيسى16-12-2017 | 20:39

فى انتخابات نقابة الصحفيين الأخيرة رأيته، أعرفه فهو لا شك نجم من نجوم الصحافة التى لمعت فى السنوات الأخيرة، خاصة بعد ثورة 25 يناير، صحفى، وكاتب رأى، وإعلامى، وباحث فى الأهرام الاستراتيجى، ثم عضو فى البرلمان، وصاحب فضائية، هل هذا يكفى؟

لم يكن فى ذهنى كل هذه الوظائف والألقاب حين توجهت إليه بالسؤال عن إنتاج محدد له، هو الذى بقى فى ذهنى للدكتور عماد جاد.

 وبعد أن ألقيت عليه التحية من مكانى فى الصف الموازى لصفه حيث ينتظر كلانا دوره للتصويت فى الانتخابات قلت له: لماذا لا تفكر فى إعادة إصدار نشرة «ضد التمييز»؟!، وبسبب الزحام والضوضاء الشديدة حوالينا، لم تصلنى إجابته بشكل أستطيع أن أجزم إن كان قد وعد بإعادة التفكير فى إصدارها، من عدمه.

(1)

نشرة «ضد التمييز» كانت مطبوعة دورية أصدرها مركز الأهرام الاستراتيجى، قبل حوالى 15 عاما، وأشرف عليها د. عماد جاد، وكان قطع النشرة «حجمها» أقرب إلى قطع الكتاب الكبير (17 فى 24) وإخراجها الصحفى، وألوانها مميزة، على الرغم من أن عدد صفحاتها لم يكن كبيرا، وبلغة أهل المهنة كانت ملزمتين (32) صفحة على ما أتذكر، لكنها كانت، ذات مستوى تحريرى عال، وتحوى موضوعات مميزة، حيث ترصد السلوك العنصرى التمييزى لسلطة الاحتلال الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية، وكذا ترصد كل مظاهر التمييز العنصرى الإسرائيلى ضد الآخر، خاصة الفلسطينى والعربى.

 ولغة النشرة كانت العربية، ولكم تمنيت أن تصدر فى لغات أخرى كثيرة مترجمة، ونصدرها للعالم، للغرب تحديدًا فنحن لسنا أقل مقدرة عقلية، ولا أقل ثراءً – على مستوى الأفراد - من اليهود، فلدينا أيضا مليارديرات ومليونيرات، مثل هؤلاء اليهود الذين يعملون بدأب شديد على تمويل النشاطات الإعلامية التى تفضحنا ليل نهار بالحق أوالباطل، وتعمل على اصطياد كل كبيرة وصغيرة تصدر عنا، فعلا أو قولا، ويمكن أن توظف على أنها سلوك عنصرى موجه لهم، أو يخدش ساميتهم المزعومة، ويصنعون من ذلك كل يوم، بل كل ساعة دعاية مسمومة ترتد فى هيئة كراهية موجهة إلى شعوب ودول العرب والمسلمين.

(2)

وللمرة الألف ألفت النظر إلى مؤسسة «ميمرى» اليهودية، والاسم اختصار لترجمة «معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط» (Middle East media Research Institute) وهذه المؤسسة التى كتبت عنها كثيرًا هى فى تعريفها البسيط، المعلن، معهد لبحوث الإعلام معنية بما ينشر فى صحافة الشرق الأوسط ومقرها واشنطن، لكنها افتتحت فروعًا لها فى كل من لندن، وبرلين، والقدس، وروما، وشنجهاى، وطوكيو، وبغداد.. تصوروا فى عاصمة عربية!

والمؤسسة أسسها عام 1998 ضابط مخابرات إسرائيلى سابق يدعى «إيجال كرمون» بمعاونة أكاديمية إسرائيلية هى د. ميراف وورمسر، وبعد 3 سنوات من إنشائها وقعت أحداث تفجيرات 11 سبتمبر 2001 فى أمريكا، فكانت فرصة لأن تنطلق المؤسسة وتقوم بترجمة وعرض كل المواد الإعلامية، من مصادرها العربية، فى شتى صور إنتاجها (مكتوبة أو مرئية أو مصورة) وكل فئاتها النوعية، فيديوهات، مقالات، صور فوتوغرافية، كاريكاتير.. إلخ.. ويشتم فيها أن تكون معادية لإسرائيل أو الغرب، أو تعكس جهل أو تخلف العرب والمسلمين، وتترجمها بأكثر من لغة وتنشرها على العالم.

وأجزم أن هذا العمل الذى قام على التبرعات قد ساهم بصورة كبيرة جدا، فى تفشى ظاهرة الإسلاموفوبيا فى الغرب، مع التنبيه إلى أنها لم تنفرد بمثل هذا النشاط، ولكن كان هناك مؤسسات أخرى تمارسه مثل مركز «شمعون فيزنتال» ومقره لوس أنجلوس وغيره.

(3)

ونعود لنشرة «ضد التمييز» فنقول إنها ارتبطت بواقعة محددة، أما الواقعة فهى ذلك المقال الذى نشره الكاتب الصحفى عادل حمودة فى صحيفة الأهرام، وكان موضوعه فطيرة «عيد البوريم» التى اشتهرت فى التاريخ بأن اليهود يعجنونها بدماء بشرية لشخص يقومون بذبحه وتصفية دمائه، وهذا الشخص بالطبع ليس يهوديا ولكن من «الجوييم» أى الأغيار أعداء اليهود (حسب تصوراتهم التلمودية) ويا حبذا لو كان رجل دين، ومسيحيًّا!!.

 وعلى أثر المقال تم تحريك دعوى فى المحاكم الفرنسية ضد صحيفة الأهرام ورئيس تحريرها وكاتب المقال، وصدر حكم ضدهم وأصبح إبراهيم نافع وعادل حمودة مطلوبين على قوائم الانتظار فى مطارات فرنسا لتنفيذ الحكم.

وملابسات الواقعة شجعت وحمست نافع رئيس أكبر مؤسسة صحفية مصرية على إصدار نشرة «ضد التمييز»، لكنها صدرت لأعداد قليلة، ثم توقفت، وسكت الصوت الواهن المنظم الذى كان يشير بأصبع صغير إلى حيث الصديد والتقيح، وينبه إلى الورم السرطانى العنصرى الصهيونى الذى يكبر فى جسد العالم يومًا بعد يوم حتى صار مخيفًا إلى هذه الدرجة، ولا سبيل لاستئصاله إلا أن تتنزل رحمة ربنا على البشر.

(4)

واليوم يعود د. عماد جاد ليخطف بعض الأضواء ببعض الآراء التى يلبسها رداء المعلومات، ويثير بها الجدل حين يرتدى مسوح الواعظ ويشهر فى وجه قراء مقالاته فى بعض الصحف الخاصة سيف المصلحة الوطنية فى يد، وفى الأخرى درع الموضوعية ليتقى به هجمات مضادة، ربما كان يتوقعها أو ينتظرها.

وفى مقالات جاد الأخيرة لم أر صورته المختزنة عن المحارب الذى أنجز «ضد التمييز»، ولكن وجدت آخر، وقد فقد حماسه وفترت مقاومته وهو يدعو قومه للاستسلام للأمر الواقع، والاعتراف بفضل إسرائيل على المصريين، لأنها دعمت ثورة 30 يونيو، ولأن وفود نتنياهو التى أرسلها إلى الولايات المتحدة مارست ضغوطًا كبيرة من أجل تبنى رؤى موضوعية تجاه الأحداث فى مصر (!!) وهذه بعض أقواله للأسف، التى تضعنا فى خندق المصلحة الاستراتيجية مع إسرائيل نزولا على واقع لابد أن نستسلم له، وآراء أخرى مشابهة كتبها جاد فيما يخص القدس، فماذا أصاب الرجل؟!

الذى أصابه حالة ضربت العرب فى أعز ما يملكون وهى غدة المقاومة، والمقاومة المطلوبة من أرباب القلم مثل جاد أو غيره، ليست فى تدبيج الخطب الرنانة أو العبارات «الحنجورية» التى شبعنا منها، ولكن فى عمل مثل نشرة «ضد التمييز»، فبمثل هذه الأعمال التى تندرج فى مجال الإعلام، ووظيفته، نجحت إسرائيل فى الوصول إلى أهدافها وفشلنا نحن!

    أضف تعليق

    حظر الأونروا .. الطريق نحو تصفية القضية الفلسطينية

    #
    مقال رئيس التحرير
    محــــــــمد أمين
    إعلان آراك 2