عام 2021..«اهتمام القيادات الدينية» بالقضايا البيئية وفى مقدمتهم شيخ الأزهر

عام 2021..«اهتمام القيادات الدينية» بالقضايا البيئية وفى مقدمتهم شيخ الأزهرجانب من اللقاء

حوارات وتحقيقات27-12-2021 | 14:50

استباقاً لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ فى مدينة جلاسكو فى نوفمبر الماضى، توجه البابا فرنسيس برسالة خاصة إلى زعماء العالم عبر "بى بى سى"، قال فيها: "كل واحد منا يمكنه أن يلعب دوراً فى تغيير استجابتنا الجماعية للتهديد غير المسبوق لتغير المناخ وتدهور بيتنا المشترك".

23132

ومنذ بداية الألفية، تعلن القيادات الدينية عن اهتمامها بالشأن البيئى، ولكن سنة 2021 كانت مفصلية فى انخراطها بخطاب التوعية حول مسألة تغير المناخ، والدعوة لاتخاذ إجراءات جدية لمواجهته.

الجماعات الدينية حول العالم

54524125

فبعد توقيع الجماعات الدينية المختلفة على بيانات وإعلانات منفردة متفرقة للضغط فى مسألة حماية البيئة، استضاف الفاتيكان لقاءً لممثلين عن عدد من الجماعات الدينية الفاعلة حول العالم، صدرت عنه وثيقة توصيات يمكن وصفها بـ"التاريخية"، كانت ثمرة نقاش بين القيادات الدينية وعلماء، حول دور الجماعات الدينية فى إيجاد حلول لتغير المناخ.

وقال الموقعون إن "علينا واجباً أخلاقياً هو التعاون من أجل علاج الكوكب، ومواجهة التحديات من خلال المعرفة العلمية وحكمة الأديان".

وتضمن النداء اتفاق القادة الدينيين على عدة نقاط منها:

تعميق الجهود لإحداث تغيير فى قناعات أتباعهم، وحثهم على تبنى أنماط حياة مستدامة.

السعى لمواءمة الاستثمارات المالية للمؤسسات الدينية مع المعايير المسئولة بيئياً وأخلاقياً.

تقييم السلع والخدمات التى تشتريها المؤسسات الدينية وفق عدسة أخلاقية مراعية للبيئة.

والصيف الماضى، دق شيخ الأزهر الإمام، أحمد الطيب، "ناقوس الخطر"، بعد الفيضانات التى هزّت العالم. وأكد "ضرورة التحرك الجاد والحازم لمكافحة أخطار التغير المناخى، وحماية مستقبل البشرية من هذا الخطر الحقيقى".

ولم يكن ذلك الموقف الأول للأزهر حول الموضوع، ففى أبريل 2020، فى احتفالية يوم الأرض العالمى، دعا الأزهر إلى "عدم إلحاق الضرر بالأرض التى وهبنا الله إياها نظيفة نقية صالحة للحياة، والابتعاد عن كل الممارسات الخاطئة التى تضر بها وتؤثر على حياة البشر".

وفى سبتمبر وجّه البابا فرنسيس رسالة مشتركة مع البطريرك المسكونى برتلماوس ورئيس أساقفة كانتربرى جاستن ويلبى، جاء فيها: "إنّ فقدان التنوع البيولوجى، والتدهور البيئى وتغير المناخ هى النتائج الحتمية لأفعالنا، لأننا استهلكنا بجشع موارد الأرض أكثر مما يمكن للكوكب أن يتحمل. لكننا نواجه أيضاً ظلماً عميقاً: لأن الأشخاص الذين يتحملون العواقب الكارثية لهذه الانتهاكات هم الأشخاص الأشدّ فقراً على هذا الكوكب وهم الأقل مسئولية عن التسبّب فيها".

الفرق الحقيقى الذى يمكن للقيادات الدينية أن تحدثه فى مسألة تغير المناخ

121132

فى دراسة عن جامعة كولومبيا الأمريكية بعنوان "الانتماءات الدينية والتحديات البيئية فى القرن الحادي والعشرين"، منشورة فى مجلة "الدين والسكان" الأكاديمية عام 2020، يشير الباحثون إلى أن تعاظم الأثار السلبية للتغير المناخى، يترافق مع تغيرات ديموغرافية ذات دلالة، وأبرزها أن نسبة سكان العام الذين ينتسبون إلى ديانة معينة، ستزيد، لتصل عام 2050 إلى 87 بالمئة عام 2050، بعدما كانت 84 بالمئة فى عام 2010.

السلوكيات المرتبطة بتغير المناخ

5214321

بحسب الدراسة، فإن العامل الدينى مهم لفهم عدد من السلوكيات المرتبطة بتغير المناخ، منها مثلاً الخصوبة والإنجاب، وإيمان الأفراد بأن تغيّر المناخ ناتج عن سلوكيات بشرية، أو عن قوى ماورائية.

وتحاول الدراسة إيجاد رابط بين المعتقدات الدينية والسلوكيات المرتبطة بها من جهة، والنمو الاقتصادى، وانبعاثات غازات الدفيئة، والتعرض للضغوط البيئية (مثل الحرّ أو البرد الشديدين، التلوّث السمعى، الزحام، وغيرها)، من جهة أخرى.

تخلص الدراسة إلى المفارقة التالية: تسجل البلدان ذات النسبة الأقل من المتدينين، منسوب انبعاثات غازية أعلى، ولكنها فى المقابل، أكثر جهوزية لمواجهة التحديات المناخية، كما أن النمو السكانى فيها منخفض أو سالب. أما الدول ذات النسبة الأعلى من المتدينين، فتسجل نمواً سكانياً عالياً، وجهوزيتها لمواجهة التحديات البيئية أقل.

على سبيل المثال، تسجّل أقل نسبة من المنتمين دينياً، فى دول مثل الصين واليابان والاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة، وهى أيضاً أكثر دول مسئولة عن انبعاث غازات الدفيئة. فى المقابل، تسجل الدول الأفريقية الأقل مسئولية عن انبعاثات غازات الدفيئة، أكبر نسبة من المنتمين دينياً.

وبحسب الدراسة، فإنّ فهم تركيبة العالم الدينية تساعد على تحديد أى سياسيات بيئية يمكن أن تكون أكثر نجاعة، لأن إيجاد حلول للتغير المناخى، لا يمكن أن يغفل السلوك البشرى، وبعض الأعراف الاجتماعية والثقافية، وتأثير الدين على الخيارات وأسلوب الحياة.

ولأن الدين قد يؤثر على سياسات الاستعداد لمواجهة انعكاسات تغير المناخ، من المهم فهم التغيرات فى التكوين الدينى للسكان، بموازاة دراسة حالة البيئة، وذلك من خلال ملاحظات عدة، أبرزها بحسب الدراسة:

إيمان الناس بأن التغير المناخى ناتج عن قوى ماورائية، يمكن أن يدفعهم إلى تجاهل اتباع سلوكيات صديقة للبيئة، فبعض المؤمنين بسيناريوهات القيامة ويوم الدينونة قد يترددون فى دعم سياسات الحد من التغير المناخى.

فى المقابل، يمكن للمجموعات الدينية أن تدفع إلى سلوكيات صديقة للبيئة لأسباب لاهوتية، منها الإيمان بأن البشرية مسئولية عن حماية الأرض والخليقة.

يرتفع منسوب التدين بين الجماعات بعد الكوارث الطبيعية، لأن الإيمان والروحانيات تساعد كثراً فى التعامل مع المآسى.

تلعب المؤسسات الدينية، خصوصاً فى الدول الفقيرة، دوراً جوهرياً فى تشكيل طريقة تعامل المجتمع مع الأزمات.

الهجرات التى قد تنتج عن عوامل مناخية حادّة، قد تغير التركية الديموغرافية والدينية فى مجتمعات معينة، ما يتطلب دراسة طريقة تفاعل الجماعات المهاجرة والمضيفة مع بعضها البعض.

أبرز وباء كورونا، أهمية صوت القادة الروحانيين والدينيين فى حثّ جماعاتهم على الانصات إلى العلم، وعدم الاستجابة للأخبار الكاذبة والدعايات المضللة التى انتشرت فى أوساط جماعات دينية عدّة.

ويبدو أنه يمكن البناء على تجربة دور المؤسسات الدينية خلال الوباء، فى التعويل على الأثر المعنوى للقادة الدينيين فى التوعية حول التحديات البيئية، خصوصاً أن بعض ناكرى تغير المناخ على سبيل المثال، يبررون موقفهم بقناعات دينية محافظة.

لكن الأمر يتجاوز حدود الأثر المعنوى والروحى، إذ يمكن أن تكون الكنائس والمساجد والجمعيات الخيرية من أبرز المستثمرين فى الطاقة البديلة.

أضف تعليق