حرص فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف فى زيارتيه الخارجيتين إلى روما وأبو ظبى فى عام 2021، على مد جسر التواصل بين الشرق والغرب، انطلاقا من أهمية دور القادة الدينيين، فى نشر السلام والاحترام والتفاهم المتبادل ومحاربة النزعة الأصولية.
كما ناقش الإمام الأكبر أبرز قضايا الأمة الإسلامية على الساحة العالمية، وعنى بالتعليم والمعلم، فأطلق ميثاقا عالميا يدعم المعلمين لمواصلة العمل وبذل الجهود رغم كل الصـعوبات والتحديات التـى تواجه المعلم فى الوقت الراهن.
وأشار الأزهر الشريف -فى تقرير عن حصاد عام كامل من العمل- إلى أن زيارة الإمام الأكبر للعاصمة الإيطالية روما فى الفترة 3 - 9 أكتوبر (2021) كانت حرصا على المشاركة فى مناقشة قضية المناخ التى أصبحت واحدة من أهم القضايا التى تشغل الرأى العام العالمى لأنها تمس حياة جميع الكائنات الحية، فضلا عن مستقبل الأجيال القادمة والحياة على وجه الأرض، حيث لم تكن هذه القضية بعيدة عن الأزهر وعن إمامه الأكبر، لذا توجه إلى العاصمة الإيطالية روما، للمشاركة فى قمتى قادة الأديان بشأن المناخ والتعليم، وحضور المؤتمر السنوى لسانت إيجدو، والالتقاء مع عدد من رجال الدين والفكر والسياسة.
كانت المحطة الأولى للإمام الأكبر، فى زيارته للعاصمة الإيطالية روما، مشاركته لقادة الأديان فى إطلاق نداء مشترك للتحذير من "أزمة غير مسبوقة" بسبب التغير المناخى والتى عقدت فى الفاتيكان، تمهيدا لمؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرين لتغير المناخ، وكان فضيلة الإمام الأكبر قد أطلق نداء إنسانيا، خلال كلمته فى قمة قادة الأديان للتغير المناخى بالفاتيكان، للوقوف بالمرصاد فى وجه أى نشاط يضر بالبيئة، أو يفاقم من أزمة تغير المناخ، داعيا علماء الأديان ورجالها أن يقوموا بواجبهم الدينى فى تحمل مسؤولياتهم كاملة تجاه هذه الأزمة، مؤكدا أنهم مع ما يتمتعون به من تأثير روحى فى كآفة الأوساط، يستطيعون نشر الوعى الدينى بأبعاد هذه الأزمة، بما يسهم فى محاصرتها والتخفيف من أخطارها.
كما شارك الإمام الأكبر فى قمة قادة الأديان بشأن التعليم وإطلاق ميثاق بشأنه باعتبارها قضية كل عصر، الماضى والحاضر والمستقبل، والاهتمام بها أمر حتمى لبناء وتطور الأمم، لذا حرص فضيلة الإمام الأكبر على المشاركة فى قمة قادة الأديان بشأن التعليم، والتى عقدت بالتزامن مع يوم المعلم العالمى بالفاتيكان، مطالبا أن تعيد المؤسسات العلمية الدولية الكبرى نظرها فى الاهتمام بقضية التعليم، وإدارة حوار جاد حول التحديات التى تواجهه، وتواجه المعلم أيضا فى عالمنا اليوم.
وشارك شيخ الأزهر أيضا القادة الدينيين حول العالم فى إطلاق ميثاق قادة الأديان تحت عنوان "نحو اتفاق عالمى بشأن التعليم"؛ حيث يأخذ الميثاق بعين الاعتبار التحديات والتوقعات التى تواجه التعليم والمعلم فى الوقت الراهن، وتضمن الميثاق رسالة تشجيعية من قادة الأديان إلى المعلمين لمواصلة العمل وبذل الجهود رغم كل الصـعوبات والتحديات التـى تواجه المعلم فى الوقت الراهن، والتـى تفاقمت بسبب جائحة كورونا.
والتقى الإمام الأكبر الرئيس سيرجيو ماتاريلا، رئيس دولة إيطاليا،، وتناول اللقاء أبرز القضايا على الساحة العالمية، وسبل تعزيز دور القادة الدينين فى المشاركة فى حل أزمات العالم المعاصر بما يمتلكونه من تأثير قوى، كما تطرق الحديث لتفاقم أزمة جائحة كورونا، وأكد الطرفان أهمية التضامن العالمى فى مواجهة كورونا وإقرار سياسة عادلة لتوزيع اللقاحات؛ خاصة فيما يتعلق بالقارة الإفريقية، فضلا عن تناول اللقاء أيضا التغير المناخى وسبل تعزيز مبدأ المسؤولية المشتركة بين الدول المتقدمة والدول النامية للحد من آثار التغير المناخى على استدامة الموارد البيئية.
وقد رحب الرئيس الإيطالى ب شيخ الأزهر فى العاصمة الإيطالية روما، مؤكدا ترحيبه بهذا اللقاء المهم؛ نظرا لما يقوم به شيخ الأزهر من أنشطة عالمية لتعزيز قيم السلام العالمى والأخوة بين أتباع الأديان، معربا عن إعجابه بالعلاقة التى تربط شيخ الأزهر والبابا فرنسيس، وأنها تظهر المعدن الحقيقى للصداقة والأخوة بين علماء الدين وأتباع الرسالات، وتقدم القدوة ليحذو الجميع حذوهم.
وشارك فضيلة الإمام الأكبر فى الجلسة الختامية للمؤتمر السنوى لسانت إيجدو، بحضور بابا الفاتيكان والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، تحت عنوان: "الدعـــاء من أجــل السلام"، وأكد فضيلته أن السياسات العالمية إزاء جائحة كورونا لا تشير إلى أن وعيا حقيقيا بضرورة الالتجاء إلى الله تعالى بالصلاة والدعاء بدأ يأخذ مكانه اللائق به فى تصرفات الناس، ومواجهتهم لهذا الخطر الدائم، فإنتاج اللقاح وفلسفة توزيعه على المستحقين لم يكن أى منهما على مستوى المسؤولية الإنسانية، وكانت النتيجة أن حصد الموت أرواح خمسة ملايين من الضحايا فى أقل من عامين، كما أن الخلل الفادح فى نظام التوزيع أدى إلى حرمان قارات بأكملها من الحصول على هذه اللقاحات.
كذلك، عقد الإمام الأكبر، والبابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، لقاء خاصا بحاضرة الفاتيكان، حيث ناقشا القضايا الدينية والإنسانية والأخلاقية التى تؤرق العالم اليوم، والتحديات التى فرضتها التغيرات والأحداث على الساحة العالمية، والدور الحقيقى الذى يقع على عاتق قادة الأديان وعلماء الدين؛ ليساهموا بدور فعال فى التقليل من حدة الاحتراب والانقسام التى تعانيه مناطق متفرقة حول العالم، ومجابهة الأفكار المتطرفة والمخالفة لما نادت به الرسالات السماوية السمحة، وأشاد فضيلة الإمام الأكبر وقداسة البابا فرنسيس بجهود ومبادرات اللجنة العليا للأخوة الإنسانية فى تفعيل وترسيخ قيم وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل التعايش بين البشر.
وحرص العديد من الشخصيات الدينية والقيادية على لقاء الإمام الأكبر والمناقشة معه فى القضايا التى تهم العالم، فاستقبل الشيخ نهيان مبارك آل نهيان، وزير التسامح الإماراتى، حيث التقى شيخ الأزهر بجاستن ويلبى، رئيس أساقفة كانتربرى، وأعربا عن مخاوفهما من رفض البعض لتلقى لقاحات فيروس كورونا، داعين للتوعية بأهمية لقاحات فيروس كورونا، مشددين على ضرورة تفعيل دور القادة الدينيين لما يمتلكونه من تأثير، وتقليل الفجوة بينهم وبين صناع القرار العالمى.
كما التقى الإمام الأكبر أعضاء لجنة تحكيم جائزة زايد للأخوة الإنسانية فى دورتها الثالثة 2022 بالعاصمة الإيطالية روما، وخلال الاجتماع، حث الإمام الأكبر أعضاء اللجنة على المضى قدما فى عملهم بالمشروع الإنسانى العالمى للأخوة الإنسانية، مشددا على أن وثيقة الأخوة لم تكن يوما موجهة لدين معين أو عرقية وقومية محددة، وإنما هى للإنسان أيا كان عرقه أو دينه أو لونه. كما استقبل الإمام الأكبر البطريرك برثلماوس الأول، بطريرك القسطنطينية، وتناول اللقاء سبل تعزيز دور قادة الأديان فى التوعية بالتحديات المعاصرة، والتفكير فى حلول ناجعة بشأنها، والتنسيق بينهم وبين صناع القرارات لرفع الوعى بخطورة التغير المناخى وحقوق المرأة ومحو الأمية، والاهتمام بالجوانب الأخلاقية فى ظل طغيان المادة والمصالح الشخصية.
واستقبل شيخ الأزهر، محمد يوسوفو، الرئيس السابق للنيجر،؛ لبحث سبل دعم القارة الإفريقية، مؤكدا فضيلته على أهمية التضامن لإيجاد حلول لما تعانيه قارتنا الإفريقية من صراعات ونزاعات؛ لافتا إلى أن هذه النزاعات كانت سببا فى تراجع شعوبنا عن ركب التقدم والحضارة طيلة قرون، مشددا على أنه قد حان الوقت لنتحد ونبذل كل ما فى وسعنا لتقدم ونهضة إفريقيا، كما أكد الرئيس السابق للنيجر أن الأزهر من خلال مناهجه ومبعوثيه هو علامة مضيئة فى القارة الإفريقية.
وانطلاقا من دور الأزهر العالمى فى خدمة قضايا الأمة الإسلامية والعربية، توجه فضيلة الإمام الأكبر إلى العاصمة الإماراتية أبو ظبى لرئاسة الاجتماع الدورى الخامس عشر لمجلس حكماء المسلمين فى الفترة 29 نوفمبر حتى 1 ديسمبر (2021)، مؤكدا أهمية دور مجلس حكماء المسلمين فى نصرة ودعم قضايا الأمة الإسلامية، وتصحيح الصورة السلبية والمفاهيم الخاطئة عن الدين الإسلامى الحنيف.. وناقش الاجتماع أبرز قضايا الأمة الإسلامية على الساحة العالمية، كما ناقش ارتفاع وتيرة أعمال العنف ضد المسلمين فى المجتمعات الغربية، ودور التشريعات القانونية فى الغرب تجاه خطابات الكراهية الموجهة ضد الإسلام ونبيه الكريم والرموز والمقدسات الإسلامية.
وأصدر المجلس تقريرا خاصا حول الموقف القانونى لمحاربة خطاب الكراهية ضد الإسلام، وإجراءات التقاضى فى أوروبا، كما قرر المجلس استكمال جولات مبادرة "حوار الشرق والغرب"، وعقد النسخة القادمة من المبادرة فى مملكة البحرين تحت عنوان "حوار الشرق والغرب من أجل الأخوة الإنسانية".
كما شارك الإمام الأكبر فى الاحتفال بيوم الشهيد الإماراتى والذى يوافق 30 نوفمبر من كل عام.
وعقد شيخ الأزهر على هامش رئاسته الاجتماع الدورى لمجلس حكماء المسلمين عدة لقاءات، حيث التقى الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية الإماراتى، وتناول اللقاء سبل تعزيز الأمن الفكرى والمعلوماتى، وبحث التعاون المشترك فى مجال مكافحة التطرف والإرهاب، إلى جانب بحث استغلال الجماعات المتطرفة للفضاء الإلكترونى فى نشر أفكارها المتشددة، وسبل مواجهته والتصدى له، وضرورة تحصين الشباب العربى من الوقوع فى براثن هذه الجماعات والأفكار.
كما التقى الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة، رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية البحرينى، مؤكدا اعتزازه بالعلاقات الطيبة التى تجمع الأزهر بمملكة البحرين.
واستقبل شيخ الأزهر الشيخ محمد بن زايد بن سلطان آل نهيان، ولى عهد أبو ظبى، مؤكدا فضيلته أن الأزهر يعتز بعلاقته بدولة الإمارات.
ومن جانبه، أعرب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولى عهد أبو ظبى، عن تقديره للدور الذى يقوم به الأزهر الشريف فى التعريف بوسطية الإسلام وسماحته، ونشر قيم السلام والمحبة والأخوة الإنسانية، مشيدا باضطلاع الأزهر بدوره التاريخى فى خدمة علوم الدين واللغة العربية.
واستقبل شيخ الأزهر، نورا الكعبى، وزيرة الثقافة والشباب الإماراتية، مؤكدا أن المؤسسات الدينية والثقافية فى الوطن العربى تضطلع بمهام تعميق الإحساس بالهوية العربية وإعادة إحيائها فى نفوس وعقول الشباب والنشء، وتوثيق ارتباطهم باللغة العربية فى مواجهة حملات التغريب التى تستهدف الشباب العربى خاصة فى ظل الانفتاح الذى فرضه التطور التكنولوجى والفضاء الإلكترونى الواسع.
كما أصدر مجلس حكماء المسلمين برئاسة الإمام الأكبر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، البيان الختامى لاجتماعه الدورى الخامس عشر المنعقد بمقر المجلس بالعاصمة الإماراتية أبو ظبى، فى حضور أعضاء المجلس، لمناقشة أهم القضايا الإسلامية، وأبرز الموضوعات ذات الشأن الإنسانى المطروحة على الساحة العالمية، وقد جاءت بعدة توصيات أكدت أهمية الدور المهم الذى ينبغى أن ينهض به علماء ورجال ورموز الأديان فى تعزيز الوعى بأهمية العمل المشترك من أجل مواجهة الآثار الوخيمة المترتبة على التغير المناخى، بوصفه معضلة كارثية تهدد مستقبل البشرية.
ودعا المجلس الحكومات والمؤسسات الإعلامية بالدول الإسلامية؛ لتبنى برامج توعوية لإعادة إحياء القيم الإسلامية الأصيلة والترويج لها، ووضع خطة محكمة لوقاية الشباب المسلم؛ تستهدف حمايته وتحصينه ضد الغزو الفكرى والثقافى الوافد الغربى، كما أعرب المجلس عن قلقه من الحملات الممنهجة التى تستهدف النيل من شبابنا المسلم وانسلاخه من هويته الإسلامية، وزعزعة تمسكه بالقيم الأصيلة فى ديننا الحنيف، والترويج لقيم غريبة دخيلة ومرفوضة لدى المجتمعات الإسلامية.