الصلاة على النبى، صلى الله عليه وسلم، من أجل القربات إلى الله سبحانه وتعالى، ولها فضل عظيم وجزيل فى الدنيا والآخرة.
ولمَ لا، وقد خاطب الله تعالى المؤمنين فى كتابه الحكيم فى أكثر من آية لحثهم على تلك العبادة العظيمة حيث قال تعالى فى سورة الأحزاب: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا".
وورد فى فضل الصلاة على النبى الكريم عدة أحاديث نبوية كثيرة، ومنها ما رواه سيدنا أبى بن كعب أنه قال للنبى صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إنى أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتى؟ فقال: ما شئت، قال: قلت: الربع؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: النصف؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قال: قلت: فالثلثان؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتى كلها؟ قال: إذًا تكفى همك ويغفر لك ذنبك". رواه الترمذى وقال: حسن صحيح.
وذكر العلماء عن هذا الحديث أنه إذا صرف المسلم جميع أزمان دعائه فى الصلاة على النبى، صلى الله عليه وسلم، فسوف يكفيه الله تعالى ما يهمه من أمور الدنيا والآخرة، ولم لا وهو سبحانه وتعالى، الذى يعلمها، والقادر سبحانه، فقط على إزالتها.
وعن أبى ابن كعب، رضى الله عنه قال، سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول وصلوا على فإنه من صلّى على مرة واحدة صلى الله عليه عشرًا ثم سلوا لى الوسيلة فإنها منزلة فى الجنة لا تنبغى إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لى الوسيلة حلت عليه الشفاعة".. رواه الإمام مسلم.
وقال، صلوات الله وسلامه عليه، فيما رواه الإمام الطبرانى فى معجمه: "من صلّى علىَّ حين يصبح عشرًا وحين يمسى عشرًا أدركته شفاعتى"، وروى الإمام مسلم أن النبى الكريم قال: "من صلّى على واحدة صلى الله عليه بها عشرًا".
وروى سيدنا عبدالرحمن بن عوف قال: "أتيت النبى وهو ساجد فأطال السجود قال: "أتانى جبريل وقال: من صلّى عليك صليت عليه ومن سلّم عليك سلمت عليه فسجدت شكرًا لله".. رواه الإمامان الحاكم وأحمد، وقال الحاكم: حديث صحيح.
وفى رواية أخرى، روى سيدنا يعقوب بن زيد بن طلحة التيمى قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم-: "أتانى آت من ربى فقال: ما من عبد يصلى عليك صلاة إلا صلى الله عليه بها عشرًا" فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله أجعل نصف دعائى لك، قال: إن شئت، قال: ألا أجعل ثلث دعائى!. قال: إن شئت. قال: ألا أجعل دعائى كله قال: "إذن يكفيك الله هم الدنيا والآخرة".
وفى هذا السياق، روى سيدنا عبد الله بن مسعود عن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال: "إن لله ملائكة سياحين يبلغوننى من أمتى السلام"، وقال فى حديث آخر: "من صلّى على واحدةً صلّى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر خطيئات ورفع له عشر درجات".
الصلاة على النبى الكريم محمد، صلى الله عليه وسلم، يجب أن تكون فى كل وقت وحين، حيث سيغتنم المسلم أجرها وخيرها فى الدنيا والآخرة، ولكنها ليلة ويوم الجمعة تكون أشد أجرا وأعظم ثوابا، حيث قَالَ النَّبِى، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ِإنَّ أَقْرَبَكُمْ مِنِّى يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِى كُلِّ مَوْطِنٍ أَكْثَرُكُمْ عَلَىَّ صَلاةً فِى الدُّنْيَا، مَنْ صَلَّى عَلَى مِائَةَ مَرَّةٍ فِى يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةِ الْجُمُعَةِ قَضَى اللَّهُ لَهُ مِائَةَ حَاجَةٍ، سَبْعِينَ مِنْ حَوَائِجِ الآخِرَةِ وَثَلاثِينَ مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا، ثُمَّ يُوَكِّلُ اللَّهُ بِذَلِكَ مَلَكًا يُدْخِلُهُ فِى قَبْرِهِ كَمَا يُدْخِلُ عَلَيْكُمُ الْهَدَايَا، يُخْبِرُنِى مَنْ صَلَّى عَلَى بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ إِلَى عَشِيرَتِهِ، فَأُثْبِتُهُ عِنْدِى فِى صَحِيفَةٍ بَيْضَاء".
وفى هذا الصدد، قال الإمام السخاوى، عن أبى عبد الرحمن المُقرى، قال حضرت فلانا، ووذكر اسم رجل من الصالحين، فى ساعة الاحتضار، فوجدنا رقعة تحت رأسه مكتوب فيها: "براءة لفلان من النار"، وعندما سألوا أهله ماذا كان يفعل؟، فأجابوا: "كان إذا ما كان يوم الجمعة صلى على النبى، صلى الله عليه وسلم، ألف مرة".
وكلنا يعلم الحديث الشهير، والذى قال فيه الحبيب المصطفى: "إن من أفضلِ أيامِكم يومُ الجمُعةِ، فيه خُلِقَ آدمُ وفيه قُبضَ وفيه النَّفخةُ وفيه الصَّعقةُ، فأكثِروا على من الصلاةِ فيه فإنَّ صلاتَكم معروضةٌ علىَّ"، ولذلك فلابد وألا تمر هذه الأحاديث الطيبة على مسامعنا مرور الكرام دون أن نستلهم منها خير الصلاة على النبى الكريم فى يوم الجمعة وفى كل وقت وحين.
وفى هذا الصدد، أكد الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بـ الأزهر الشريف، متحدثا عن فضل الصلاة على النبى يوم الجمعة، "أن الإمام على بن ابى طالب رضى الله تعالى عنه قال: "مَنْ صَلَّى عَلَى النَّبِى، صلى الله عليه وسلم، يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِائَةَ مَرَّةٍ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَى وَجْهِهِ مِنَ النُّورِ نُورٌ، يَقُولُ النَّاسُ: أَى شَيْءٍ كَانَ يَعْمَلُ هَذَا".
وذكر، عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك" حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فضل الصلاة على النبى حيث قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أولى الناس بى يوم القيامة أكثرهم على صلاة".. رواه الإمام سنن الترمذى.
ورد فى صحيح البخارى، أِنَّ النَّبِى الكريم، صلى الله عليه وسلم، أجاب عن سؤال الصحابة الأبرار عن صيغة الصلاة عليه فقال: "قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ"، وأشار العلماء إلى أنه يستحب تسييد النبى فى الصلاة عليه خارج الصلاة واختلفوا فى التشهد، ولذلك فالأفضل أن يقول المسلم عند الصلاة على النبى خارج الصلاة "اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد".