صدر المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية عدد "توقعات ٢٠٢٢"، وهو مشروع بحثي سنوي يصدر للعام الرابع على التوالي باللغتين العربية والإنجليزية بمشاركة ٤٠ خبيرًا وباحثًا مصريًا وعربيًا يطرحون توقّعات حول مستقبل العالم والإقليم ومصر في قضايا عديدة منه: مستقبل الصراع بين القوى الكبرى في النظام الدولي، والقوى الإقليمية في الشرق الأوسط، والأزمات والصراعات في المنطقة العربية، والأقاليم الإفريقية، ومستقبل الإرهاب العالمي والأمن البحري والتسلح العسكري والاقتصاد العالمي، و تغير المناخ و جائحة كورونا وتطورات التكنولوجيا.
كما يطرح الخبراء اتجاهات مصر في العام الجديد، على صعيد السياسة الخارجية، وعلى صعيد التطورات الداخلية المختلفة، وفي مقدمتها عملية بناء الجمهورية الجديدة، وإعادة صياغة المجال العام، والنمو الاقتصادي، والتسليح وبناء القدرات العسكرية، وتأثير قضايا ملحة مثل النمو السكاني.
وصرح الدكتور خالد عكاشة، المدير العام المركز المصري بأن "الصدى الكبير الذي تركته الأعداد الثلاثة السابقة من التوقعات قد وضع المركز أمام مسئولية الخروج بمنظور شامل حول مسار الأحداث داخليًا وخارجيًا في العام الجديد".
وأضاف مدير المركز: "هناك سؤال أساسي يحكم تصورات الخبراء والباحثين في عدد التوقعات وهو: إلى أين يتّجه العالم والإقليم ومصر؟ في إطار عام هو أن التوقعات تُمثل استشرافًا مصريًا لقضايا العالم والإقليم.
ويقدم الدكتور "عبد المنعم سعيد" -رئيس الهيئة الاستشارية- في المدخل العام للتوقّعات، رؤية عن اتجاهات التعايش مع كورونا، والإرهاب، وصعود الصين، والتحولات الجديدة في الشرق الأوسط بعد الخروج الأمريكي من أفغانستان، ورؤية للوضع الداخلي في مصر. ويقول "د. سعيد" إن التوقعات السنوية تقوم على جهد هائل داخل المركز المصري بشكل علمي يبتعد كل البعد عن التخمينات، ولكن تسعىالتوقعات من خلال توظيف البيانات والمعلومات إلى الاقتراب من الحقائق قدر المستطاع.
ويستطلع محور "اتجاهات مصرية: انطلاقة نحو الجمهورية الجديدة"،حيث تشير رؤية الباحثين إلى أنّ مصر تنتقل من حالة إلى حالة أخرى في العام الجديد من خلال مرحلة تحول كيفي رئيسية بعد ثماني سنوات من انتخاب الرئيس "عبد الفتاح السيسي". وتشمل التطورات المتوقعة في المرحلة القادمة الانتقال من مرحلة تثبيت الدولة إلى تطويرها بعد إنجاز الكثير في ملفات الأمن وتطوير البنية التحتية، ودفع التنمية والحماية الاجتماعية. وتشمل التوقعات المضيّ قدمًا في ملفات التنمية الاحتوائية اقتصاديًا واجتماعيًا، وتوسع العمران، وإصلاح وتحديث نظام الإدارة والرقمنة، وتوسيع المجال العام.
وفي الملف الاقتصادي، يتوقع إصدار المركز المصري اتجاهات رئيسية هي: استقرار العملة المصرية، وانتعاش قطاع السياحة، وتضييق العجز المالي، وارتفاع معدل النمو الاقتصادي، وتقليص المديونية، والمضيّ في الجيل الثاني من الإصلاحات الهيكلية.
وفي محور الاتجاهات الإقليمية، يتوقع خبراء المركز المصري أن تبقىالأوضاع على ما هي عليه في عدد من الأزمات والصراعات العربية-العربية، وربما يحدث تدهور في بعض الملفات، فيما ستواصل مصر القيام بمزيد من التفاعل الإيجابي مع قضايا الإقليم، في ظل مساهماتها الجادة في محاولة بناء شراكات تخدم حل الصراعات القائمة.
ويتناول عدد التوقعات تحت عنوان "اتجاهات إقليمية: صراعات مزمنة وانفراجات محتملة" أربع قضايا رئيسية هي: التغيرات الاستراتيجية في منطقة الخليج العربي، وتركيا وإيران وإسرائيل بين التهدئة والتدخلات، وصعود التكامل الثلاثي وتأزم شمال إفريقيا، وتفاوت استجابة اقتصادات القوى الإقليمية تجاه جائحة كورونا.
كما يقدم عدد التوقعات 2022 رصدًا واسعًا للأزمات الداخلية العربية من خلال التركيز على أربعة ملفات رئيسية هي: الاتجاهات المتعددة لعدم الاستقرار في العراق، والمسارات الأربعة المتوقعة للأزمة السورية، وإعادة ترتيب التحالفات خلال انتخابات لبنان، وبروز إيراني مباشر وتغيرات ميدانية باليمن.
وتحت عنوان "القضية الفلسطينية وإسرائيل: جمود تفاوضي وتطبيع متسارع" يشير خبراء المركز المصري إلى الدور المصري المتواصل في العام الجديد لدفع المصالحة وتحقيق السلام في توقيت يزيد فيه التعسف الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، بما يرفع من توقعات وقوع انتفاضة ثالثة، بينما هناك توقعات بتوسع محتمل للتطبيع الإسرائيلي مع دول عربية أخرى في العام الجديد.
وحول قضايا إفريقيا في العام الجديد، يتوقع خبراء المركز تعدد الأزمات، ووجود مسارات مفتوحة خاصة في منطقة شرق إفريقيا التي تحظى باهتمام إفريقي ودولي كبير، خاصةً في ظل الحرب الأهلية الإثيوبية. ويتطرق الملف الإفريقي إلى التعامل مع وباء كورونا، وتراجع الدور الفرنسي في منطقة الساحل والصعود الروسي في القارة.
وفي ظلّ المتغيرات الدولية الراهنة، يحتلّ الأمن البحري مكانة متقدمة في الرؤي الاستراتيجية للعام الجديد، حيث يلعب الأمن البحري دورًا مهمًا في صياغة معادلة التوازن الإقليمي بين الدول الفاعلة بمنطقة شرق المتوسط، بينما يتوقع زيادة الأزمات على مستوى الأمن البحري عالميًا في ظل التوتر بالممرات الملاحية الرئيسية، خاصة في شرق المتوسط والبحر الأحمر والخليج العربي.
وفي ملف الإرهاب، يُشير الخبراء إلى أربع قضايا رئيسية هي:تصاعد ارتباط الإرهاب بالتفاعلات السياسية، وتداعيات صعود طالبان،وكيفية تعامل أوروبا مع المقاتلين الأجانب، ومستقبل العلاقة بين تنظيمي "القاعدة" و"داعش".
ويتناول محور القوى الكبرى المنافسة بين الولايات المتحدة والصين على قيادة العالم واتساع نطاق التوترات بين البلدين، وأيضًا فرص التفاهم بين روسيا والغرب في العام الجديد، حيث من المتوقع أن تدخل التفاعلات بين القوى الكبرى في مسار من التوترات المتصاعدة، وهو ما يفرض قيودًا على الدول الأخرى في إقامة علاقات متوازنة مع تلك القوى. ويتوقع الخبراء أن تشهد منطقتا المحيط الهادي والهندي التوترات الأبرز بين الولايات المتحدة والصين.
ولا يبتعد سباق التسلح العالمي وتطوير التكنولوجيا العسكرية عن المنافسة المتصاعدة بين الكبار على المسرح الدولي، حيث يشير محور "حالة التسلح" إلى اتجاهات تحديث التصنيع العسكري المصري، وتطوير الفعاليات الدبلوماسية العسكرية المصرية والمسارات الخاصة بالتسلح في الشرق الأوسط.
وفي محور "الاقتصادالعالمي" يتناول الخبراء توقعات المؤثرات الدولية على الاقتصادالمصري، فيما يحللون توقعات النمو في الاقتصادات الناشئة والمتقدمة،واتجاهات أسعار النفط والغاز والفحم. ويُحلل محور "تطورات التكنولوجيا" الطفرات الكبرى التي تمزج بين ما هو افتراضي وما هو واقعي، فيما يحلل خبراء المركز استعدادات مصر للتحديات الرقمية في ٢٠٢٢. وفي محور القضايا العالمية، يُركز الخبراء في عدد التوقعاتعلى مستقبل ثلاث قضايا مهمة هي: وباء (كوفيد-١٩)، و تغير المناخ واستضافة مصر القمة المقبلة، والمساعي المصرية لضبط النمو السكاني.