الجنزوري ورد الاعتبار

الجنزوري ورد الاعتبارأميرة خواسك

الرأى1-1-2022 | 10:17

كنت أتمنى لو كان الدكتور كمال الجنزوري على قيد الحياة، ليستمع إلى ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسي عنه أثناء الافتتاح الجديد لمشروع توشكى، لكنها إرادة الله الذي لا راد لقضائه، وربما يعتبر البعض أن توجيه الرئيس بإطلاق اسم فقيد مصر الدكتور كمال الجنزوري على محور توشكى هو تكريم لسياسي مخضرم كان له الفضل فى العمل على إطلاق مشروع تنمية وزراعة توشكى، لكنه فى رأيي هو إعادة اعتبار للرجل الذي نالته سهام كثيرة وتعرض لنقد قاس، بسبب مشروع توشكى الذي ظل اسمه مرتبطا بعدم جدوى المشروع الاقتصادية والتنموية.

لعل الفيلم القصير الذي شهدناه فى بداية الاحتفال والذي عرض عددا من التعليقات التي تناولت بالنقد منذ سنوات هذا المشروع العملاق، والتي شككت فى فائدته، يكشف القليل مما تعرض له الدكتور الجنزوري، ناهيك عما تناولته الصحف الحزبية والمستقلة فى ذلك الوقت، وكان هذا المشروع – كما تردد فى ذلك الوقت – هو السبب الذي أطاح بالدكتور الجنزوري من رئاسة وزراء مصر، والتي عاد إليها فى ظل حكم المجلس العسكري فى عام ٢٠١١، وقد ظل الرجل ملتزما للصمت ولم يتطرق إلى هذه القضية، رغم عودته لتولي رئاسة وزراء مصر مرة أخرى.

كان الدكتور كمال الجنزوري رجل دولة من الطراز الأول الذي أصبح نادرا فى وقتنا هذا، ومنذ اشتغاله بالعمل العام وتقلده لوظائف سياسية واقتصادية وإدارية وهو يثبت جدارة ونجاحًا، فقد شغل منصب المحافظ مرتين، ثم عميدا لمعهد التخطيط القومي، ثم وزيرا للتخطيط عام ١٩٨٢، ونائبا لرئيس مجلس الوزراء فى ١٩٨٦، حتى تولى رئاسة مجلس الوزراء فى يناير ١٩٩٦حتى أكتوبر ١٩٩٩، والمرة الثانية فى أعقاب يناير ٢٠١١ وتحديدا فى ٢٦ نوفمبر ٢٠١١، حتى استقالت وزارته فى يونيه ٢٠١٢.

لقد تولى الدكتور الجنزوري وزارة ٢٠١١، فى ظروف شديدة الصعوبة، وكان صدامه بجماعة الإخوان لا يخفى على أحد، وقد تصاعد الخلاف حتى وصل إلى ذروته منذ أواخر ٢٠١١، وأثناء أحداث محمد محمود الثانية، حتى مارس ٢٠١٢، حيث طالب حزب الحرية والعدالة الجنزوري بتقديم استقالته أو سحب الثقة من حكومته، وقد رفض الجنزوري هذا، وقال: لن أتقدم باستقالتي لأن حكومتي وأعضاءها جميعا كانوا على قدر المسئولية، وأدوا واجبهم بكل إخلاص، وأنه ليس هناك سند قانوني أو دستوري لسحب الثقة، وقال إنه لن يترك مسئوليته ويهرب بعيدا ولن يترك مصر فى هذه الظروف الصعبة.

ثم تجرأ الإخوان وأصدروا بيانا شديد اللهجة اتهموه فيه بالفشل، وهددوا بإعادة الثورة، وانتقدوا رفض المجلس العسكري التخلى عنه ومساندته، وهو ما يحسب للمجلس العسكري، الذي رأى فى الدكتور الجنزوري قيادة وطنية شريفة.

لم تقدم حكومة الجنزوري استقالتها إلا بعد نتائج انتخابات ٢٠١٢، وتولي محمد مرسي الحكم، حينها تقدم الدكتور كمال الجنزوري بالاستقالة حسب ما هو متعارف عليه دستوريا.

لقد رحل الرجل وترك تاريخا وطنيا مشرفا، سيظل مسطرا بحروف من نور، وستظل الأجيال المتعاقبة تعرفه حين يخلد اسمه على محور توشكى ليتساءلوا ويعرفوا كم من رجال عظماء مروا بتاريخ هذا البلد.

أضف تعليق