حددت دراسة علمية جديدة الأساس الجيني وراء تفضيل بعض الأشخاص لتناول قهوة سادة بدون إضافات أو الشوكولاتة الداكنة أو الخالية من السكر، وفوائدها الصحية المتعددة.
وبحسب ما ورد في تقرير نشره موقع شبكة "سي إن إن" CNN الإخبارية الأميركية، فإن هذه السمة يمكن أن تمنح صاحبها دفعة نحو صحة جيدة.
ووفقًا للباحثة مارلين كورنيلس، أستاذ مساعد في الطب الوقائي في كلية الطب بجامعة نورث وسترن فينبرغ، فإن نتائج الدراسة أثبتت أن تناول كميات معتدلة من ال قهوة السوداء أو السادة، أي ما يتراوح بين 3 إلى 5 أكواب يوميًا، يقلل من خطر الإصابة بأمراض معينة، من بينها مرض باركنسون وأمراض القلب والسكري من النوع 2 وأنواع عديدة من السرطان.
وأوضحت كورنيلس أنه من المرجح أن تكون الفوائد الصحية أكثر وضوحًا إذا كانت ال قهوة خالية من جميع أنواع الحليب والسكريات والنكهات الدسمة الأخرى التي يميل الكثيرون إلى إضافتها للقهوة.
أضافت كورنيلس أنه من المعروف "أن هناك أدلة متزايدة تشير إلى أن تناول ال قهوة مفيد صحيًا، ولكن عند القراءة بين السطور، فإن أي شخص ينصح شخصًا ما بتناول ال قهوة سينصحه عادةً بتناول ال قهوة السوداء نظرًا للاختلاف بين تناول ال قهوة السوداء وال قهوة مع الحليب".
وقالت كورنيلس إن ال قهوة السوداء "خالية من السعرات الحرارية بشكل طبيعي"، في حين أن ال قهوة بالحليب "يمكن أن تحمل مئات السعرات الحرارية الإضافية، وربما تكون الفوائد الصحية مختلفة تمامًا".
وفي بحث سابق، اكتشفت كورنيلس وفريقها البحثي أن متغيرًا جينيًا وراثيًا يمكن أن يكون السبب وراء استمتاع بعض الأشخاص بالعديد من أكواب ال قهوة يوميًا.
وقالت إن "الأشخاص الذين لديهم "هذا" الجين الوراثي يستقبلون الكافيين بشكل أسرع، وبالتالي تزول التأثيرات المحفزة بشكل أسرع، ويحتاجون إلى شرب المزيد من القهوة".
وأضافت أن "هذا يمكن أن يفسر لماذا يبدو أن بعض الأفراد على ما يرام وهم يستهلكون الكثير من ال قهوة مقارنة بشخص آخر يمكن أن يصاب بالأرق أو يصبح قلقا للغاية".
وفي دراسة جديدة، نُشرت في Nature Scientific Reports، قامت كورنيلس بتحليلات وفقًا لمعايير أكثر دقة تم الفصل من خلالها بين أنواع شاربي القهوة، سواء كانوا يعشقون ال قهوة السوداء أم من محبي ال قهوة المضافة إليها الكريمة و السكر (أو أكثر).
قالت كورنيلس إنه تبين "أن شاربي القهوة، الذين يوجد لديهم المتغير الجيني، أي الذين يشهدون عملية تمثيل غذائي أسرع للكافيين، يفضلون ال قهوة السوداء المرة. كما تم اكتشاف أن نفس المتغير الجيني، لدى الأشخاص الذين يفضلون الشاي العادي على الشوكولاتة الداكنة والمُحلاة والمرّة على شوكولاتة الحليب الأكثر نعومة".
وأعربت كورنيلس وفريقها البحثي عن اعتقادهم بأن التفضيل لا علاقة له بمذاق ال قهوة أو الشاي الأسود العادي، وإنما يفضل هؤلاء الأشخاص ال قهوة السوداء والشاي لأنهم يربطون النكهة المرة بزيادة اليقظة الذهنية التي يتوقون إليها من الكافيين.
وقالت كورنيلس إن "تفسيرنا هو أن هؤلاء الأشخاص يوازنون بين مرارة الكافيين الطبيعية وتأثير التحفيز النفسي. ويتعلمون ربط المرارة بالكافيين والتعزيز الذي يشعرون به، فيما يُعد تأثيرًا مكتسبًا".
وأضافت أن الأمر نفسه ينطبق على تفضيل الشوكولاتة الداكنة على الشوكولاتة بالحليب والسكر.
كورنيلس قالت إنهم "عندما يفكرون في الكافيين، فإنهم يفكرون في طعم مر، لذلك فهم يستمتعون أيضًا بالشوكولاتة الداكنة. ومن الممكن أن يكون هؤلاء الأشخاص حساسين للغاية لتأثيرات الكافيين أو أنهم تعلموا أيضًا اتباع نفس السلوك مع الأطعمة المرة الأخرى."
وتحتوي الشوكولاتة الداكنة على بعض الكافيين، ولكنها تحتوي على قدر أكبر بكثير من مركب يسمى الثيوبرومين، وهو مركب منبه معروف للجهاز العصبي مرتبط بالكافيين. لكن كشفت نتائج الدراسات أن المزيد من الثيوبرومين، أو الجرعات العالية منه، يمكن أن تزيد من معدل ضربات القلب ويفسد الحالة المزاجية.
إن الشوكولاتة الداكنة مليئة أيضًا بالسعرات الحرارية، لذا فإن تقليل الاستهلاك مفيد لمحيط الخصر. ولكن وجدت الدراسات أنه حتى تناول قطعة صغيرة من الشوكولاتة الداكنة يوميًا يمكن أن تساهم في تحسين صحة القلب وتقليل خطر الإصابة بمرض السكري.
ويرجع السبب على الأرجح إلى أن الكاكاو يحتوي على الكثير من مركبات الفلافانول - إيبيكاتشين وكاتشين - وهي مركبات مضادة للأكسدة معروفة بتحسين تدفق الدم. وتشمل قائمة الأطعمة والمشروبات الأخرى، التي تحتوي على الفلافانول، الشاي الأخضر والشاي الأسود والكرنب والبصل والتوت وثمار الحمضيات وفول الصويا.
قالت كورنيلس إن الدراسات المستقبلية ستحاول معالجة التفضيل الجيني للأطعمة المرة الأخرى "التي ترتبط عمومًا بفوائد صحية أكثر"، مشيرة إلى أنه ربما "يتبين أن الأفراد، الذين يوجد لديهم استعداد وراثي لاستهلاك المزيد من القهوة، يشاركون أيضًا في سلوكيات صحية أخرى محتملة".