ليلة من البهجة

الرأى3-1-2022 | 09:52

كانت ليلة روحانية ممتعة، شعر فيها الجمهور بنشوة غامرة بما يسمعه وبما يراه.. كنا فى "قبة الغورى" نسمع فى صمت ونتجاوب بالنظرات والوجدان وكأننا فى "صلاة جامعة"، حيث فرقة " السلام الدولية" بقيادة المبدع انتصار عبد الفتاح تحتفل بالعام الميلادى الجديد، ويردد منشودها "عودى يا ليالى الرضا.. بالأمس الذى مضى"، ويردد الكورس "ما أحلى ساعة الصلاة" فى مناجاة بعنوان "كن مع الله".

وما أن تنتهى تلك المناجاة، تبدأ الفرقة فى ترديد "يارب صلّ على نبينا طه المبجل باهى الجمال.. " ثم نستمع إلى من ينشد "المجد فى العُلى وعلى الأرض السلام وعلى الناس المسرة"، يرد عليه منشد آخر "يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"..

الطريف فى الموضوع أن تلك الفرقة المدمجة "السلام" تضم عدة فرق مختلفة منها فرقة الآلات النحاسية، والآلات الشعبية، والمزمار البلدى، والإنشاد الدينى الإسلامى والقبطى فهى فرقة متعددة المكونات، ولكنها معبرة عن الروح المصرية الواحدة بتراثها المتنوع والمتراكم على مر الزمان إنها مصر الولادة دائمًا.. لقد استدعت الذاكرة زكريا الحجاوى وعبد الرحمن الشافعى، وها هو انتصار عبد الفتاح يعيد الكره، ولكنه يقدم جديدا مختلفا على المستوى المحلى والدولى، فمنذ تكليفه من الفنان فاروق حسنى، وزير الثقافة الأسبق بتولى مسئولية مركز إبداع بقبة الغورى عام 2006، وهو يحاول تنفيذ "الفلسفة"، التى وضعها لهذا المركز التراثى المهم بأن يتحول إلى "منارة ثقافية وفنية ودولية، بهدف إحياء التراث المصرى المتعدد والمتنوع وبعمقه الثقافى والحضارى ونشره عالميًا من خلال الجولات والقوافل التى تقوم بها فرقة " السلام الدولى".

وقد لا يعلم البعض أن الفنان انتصار عبد الفتاح من أسرة فنية فوالده المرحوم المؤرخ الفنى عبد الفتاح غبن، وشقيقه الأكبر المرحوم هناء عبد الفتاح، المخرج المسرحى والممثل المعروف، وزوجته الفنانة سهام، المدير الحالى لمركز إبداع، وقد لاحظت أن ابنتيه "فيروز وقيثارة" أثناء العرض وأداء الفرقة لمقطوعاتها الغنائية المختلفة تقفان على أطراف أصابع أقدامهما وكأن الجينات الفنية انتقلت لهما من الجد والأب.

ولكى ينفذ الفنان انتصار "مشروعه" نظم على مدار الخمسة عشر من السنوات السابقة الكثير من المهرجانات والفعاليات الثقافية والفنية.. منها مهرجان "سماع الدولى للإنشاد والموسيقى الروحية".. وأيضًا مهرجان "الطبول من أجل السلام" والذى تشارك فيه سنويا أكثر من 30 فرقة مختلفة من أنحاء العالم.

وأيضًا "ليالى المقامات الروحية"، حيث يؤدى العازفون مقامات موسيقية مختلفة، بمصاحبة نغمات صوتية يقوم بها منشدون مسلمون وأقباط.

وقد علمت أن الفرقة على وشك القيام بجولة فنية دولية تزور فيها كل من بولندا وسويسرا والمجر، حيث يتولى تنسيقها رجل الأعمال أشرف عبد المجيد نجل أستاذنا المرحوم د. عصمت عبد المجيد، وزير الخارجية الأسبق والأمين العام الأسبق للجامعة العربية.

مع العلم أن فرقة السلام الدولية سبق وقامت بالعديد من الجولات فى كل من فرنسا ولندن وألمانيا، حيث حصلت فيها على العديد من الجوائز، كما تم تكريم قائدها بجوائز مختلفة، ولا أجد ختامًا لهذه "الانطباعات" السريعة أفضل مما قالته الصديقة د. رانيا يحيى فى كتابها عن الفنان انتصار، من أنه "فنان من طراز فريد، مهموم بالتراث الثقافى والإنسانى العميق النابع من الحضارة الفرعونية، حمل على عاتقه مسئولية الإبداع الفنى موسيقيًا ومسرحيًا، وأخذ من المحبة و السلام شعارًا وهدفا لأطروحاته الفنية".

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2