فى معقل الدول الكبري الداعمة للاحتلال الإسرائيلي تؤيد جامعاتها الحق الفلسطيني، وليس ببعيد واقعة طرد السفيرة الإسرائيلية من جامعة لندن للاقتصاد، وكانت تشغل وزيرة للاستيطان، وخرجت وسط هتاف العشرات من طلاب وأساتذة بريطانيون يناصرون فلسطين، ورددوا فى هتافهم "ألا تخجلون.. عار عليكم".
ويعكس الحدث ارتفاع مظاهر التعاطف مع القضية الفلسطينية فى المملكة المتحدة، رغم الجهود المضنية المبذولة من جهة اللوبي الإسرائيلي فى بريطانيا، ويشهد أكثر من حرم جامعي جوا مشحونا بين أنصار القضية وبين مؤيدي الاحتلال، وتتزايد فى الوقت الراهن مظاهر التعاطف والتأييد للفلسطنيين فى لندن، حتى حزبي العمال والليبرالي الديمقراطي أدانا الاحتلال الإسرائيلي فى جرائمه ضد الفلسطنيين.
ولا يختلف الأمر كثيرا فى الولايات المتحدة الأمريكية، فقد أعلن "كورنل وست" أستاذ الفلسفة فى جامعة هارفرد تركه الجامعة المرموقة، وقال فى حيثيات استقالته إن الجامعة تعادي القضية الفلسطينية.
وتحركت مجموعة من الطلبة الأمريكيين من جامعة هارفرد وتقدمت بعريضة إلى الإدارة، وطالبوا بمنح كورنل الحصانة الأكاديمية، التي تحصنه من سياسات التعسف الإدارية للجامعة، وبلغ عدد الموقعين نحو 90 جمعية طلابية و1800 توقيع شخصي.
وتعد قضية البروفيسور كورنل واحدة من بين مثيلاتها فى الجامعات الأمريكية، والتي تحولت فى الفترة الأخيرة إلى ساحة صراع أكاديمي فلسطيني إسرائيلي، ومن هذه النماذج ما وقع خلال الحرب الأخيرة على غزة من إعلان المنظمة الطلابية لجامعة ميشجان بيانا شديد اللهجة ضد إسرائيل، واعتبرت أن ما يدور فى غزة تطهيرا عرقيا.
ووثقت تقارير هيئات حقوقية بواشنطن الزيادة المتطردة فى التأييد الأكاديمي الداعم للقضية الفلسطينية من طرف الأساتذة الجامعيين والطلبة الأمريكيين، ومن جهة أخرى ترصد التقارير أيضا التهديدات والإجراءات العقابية ضد مؤيدي القضية، وتأتي تلك المضايقات من إدارة الجامعات والجمعيات اليهودية واليمنية الداعمة لإسرائيل.
ولكي يزيد الخناق على مناصري القضية الفلسطينية، وقع الرئيس السابق ترامب فى 2019 مرسوما يأمر جميع الهيئات الحكومية بما فيها الجهات التعليمية بإدانة كل موقف يعادي السامية، وأعقب المرسوم تبادل القضايا بين الداعمين للقضية وبين مؤيدي الاحتلال الإسرائيلي فى ساحات القضاء الأمريكي.
وبرغم ذلك بعد صدور المرسوم، أجرى طلبة جامعة كولومبيا استفتاء بمقاطعة الشركات المتواطئة مع إسرائيل فى الانتهاكات ضد العرب، وتوالت استفتاءات أخرى داخل عدة جامعات أمريكية، وكان من بينها استفتاء يدعو لإنهاء التعاون بين شرطة الجامعة وبين جيش الاحتلال.
ويوضح هذا المشهد ما تعانيه الحركة الصهوينية من مأزق على المستوي الشعبي والثقافي، ولا يعني كذلك تراجع تأثير تلك الصهيونية تجاه المؤسسات السياسية فى واشنطن، فمازالت لها تأثيرها القوي على البيت الأبيض والكونجرس.
ولكنه يعكس دلالة عن تصاعد موجة شبابية حديثة مناصرة للقضية الفلسطينية تخرج من عباءة الجامعات الغربية، تختلف بشكل جذري عن فكر الشباب الغربي فى الحقبة الزمنية السابقة.