مشكلة الانتحار في المجتمع المصرى الأبعاد وآليات الوقاية

مشكلة الانتحار في المجتمع المصرى الأبعاد وآليات الوقايةمشكلة الانتحار في المجتمع المصرى الأبعاد وآليات الوقاية

منوعات18-1-2022 | 02:08

في إطار حرص المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية على بحث ودراسة الموضوعات المطروحة على الساحة بأسلوب علمي رصين، عقد المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أمس يوم الإثنين، في تمام الساعة الحادية عشرة ظهرا، حلقة نقاشية تتناول "مشكلة الانتحار في المجتمع المصري الأبعاد وآليات الوقاية"، تحت إشراف كل من أستاذة دكتورة هالة رمضان، مدير المركز، وأستاذة دكتورة سعاد عبد الرحيم، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية.


في البداية، أكدت دكتورة سعاد عبد الرحيم على حرص المركز على دراسة مشكلة الانتحار بالمجتمع للوقوف على أبعادها المجتمعية، وقد أشارت إلى الصعوبات التي صاحبت دراسة الظاهرة وإلى المحاولات لتخطيها للوصول إلى قدر كبير من الموضوعية في النتائج، وأوضحت مدى قوة ومهنية الفريق البحثي متعدد التخصصات وحرص جميع أفراده على تخطي تلك الصعوبات مستندا على القواعد المنهجية في العلوم الاجتماعية.


وقدمت أستاذ دكتور سهير عبد المنعم، أستاذ القانون بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ورقة بعنوان "مشكلة الانتحار في المجتمع المصري الأبعاد وآليات الوقاية" أظهرت من خلالها أهمية الموضوع الذي ينبع من اهتمام المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بدراسة مشكلة الانتحار بهدف عام مقتضاه، الإحاطة بالأبعاد المجتمعية - الاجتماعية والنفسية والثقافية والإعلامية والقانونية والمؤسسية - بما يساعد على ترشيد آليات المواجهة والوقاية من الانتحار في ضوء ما يمثله البعد الاجتماعي من عوامل لصيقة بالفرد وظروف مؤثرة في طريقة حياته ونمط معيشته ودوره الاجتماعي وقدرته على التكيف، وما يرتبط بذلك من توصيف قانوني لأفعاله، وقد أوضحت آن دراسة الظاهرة سارت على مرحلتين: المرحلة الأولى: استكشافية للواقع الميداني، والمرحلة الثانية قياس اتجاهات عيئة "قومية" من الشباب تجاه الانتحار.


وقد تناول دكتور عماد عبد المقصود أستاذ مساعد الإعلام بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية ورقة علمية بعنوان "عوامل الخطر والوقاية في التغطية الإعلامية للانتحار في مصر: دراسة استكشافية"، وقد تناولت الدراسة بالتوضيح عوامل الخطر وعوامل الوقاية في التغطية الإعلامية للانتحار استنادا إلى نتائج البحوث والدراسات السابقة التي تراكمت منذ أوائل السبعينيات من القرن العشرين في عدد مختلف من دول العالم، كما استعرضت الدراسة المبادئ والمعايير المهنية المستقر عليها لتغطية الانتحار تغطية مسئولة وفقا لما تضمنته مجموعة من المواثيق الأخلاقية التي تهتم بهذا الجانب والتي أتاحها المجتمع الدولي منذ التسعينيات من القرن العشرين، وقد حاولت الدراسة تقديم فهم أولى لكيفية تغطية الانتحار في وسائل الإعلام المصرية، بهدف استكشاف عوامل الخطر وعوامل الوقاية في التغطية من خلال دراسة حالة المواقع الإلكترونية للصحف المصرية، والتي تم اختيارها استنادا إلى عدد من الحقائق التي تشير إلى أن طريقة تغطيتها قد تعكس أسلوب ومدى وعي القائمين بالاتصال في وسائل الإعلام المصرية بصفة عامة تجاه تغطية الانتحار.


كشفت نتائج الدراسة التحليلية في مجملها عن أن أسلوب تغطية الانتحار في مصر يشكل مصدرا محتملا للخطر، فهو لا يتفق مع الكثير من المبادئ والمعايير المهنية المستقر عليها لتغطية الانتحار تغطية مسئولة، كما أن مقارنة النتائج مع نتائج دراسات أخرى أجريت في عدد مختلف من دول العالم يظهر ارتفاع نسبة الانتهاكات بشكل لافت للنظر .
والجدير بالذكر أن الحلقة النقاشية كانت بحضور كوكبة من السادة الممثلون للجهات الشريكة للمركز من: النيابة العامة، وزارة الداخلية، وزارة الدفاع ، الأمانة العامة للصحة النفسية وكوكبة من أساتذة الجامعات المتخصصين، وممثلين عن الكنيسة وأساتذة المركز.


وقد أكد المستشار أحمد حمادة الصاوي، رئيس النيابة ومدير إدارة البيان والعضو بالمكتب الفني للنائب العام على حرص النائب العام على التعاون مع المركز في الاهتمام بالقضايا والظواهر الاجتماعية الملحة وقد استعرض أهداف ومهام إدارة النيابة العامة كإدارة أنشئت حديثا في عهد النائب العام ، ولدور النيابة في مواجهة المشكلات المجتمعية الملحة ، وتقديم أحدث الإحصاءات والانتهاء بعرض بعض المقترحات التوعوية.
كما قام المستشار مصطفی محمود عبدالعزيز رئيس نيابة التعاون الدولي بمكتب النائب العام بعرض لأحدث الإحصاءات حول مشكلة الانتحار بداية من يناير ۲۰۲۱م حتى تاريخه، من خلال ما قاموا به من حصر عام على مستوى الجمهورية حيث بلغ إجمالي عدد حالات الانتحار منذ يناير الماضي (٢٥٨٤ حالة)، وقد أكد أعضاء النيابة على أن النيابة العامة هي مرآة حقيقية للمجتمع وللواقع الذي نعيشه، مؤكدين على التاريخ المشترك الحافل بين النيابة العامة والمركز، من خلال ورش علمية أنت ثمارها وساهمت في الكشف عن بعض الجرائم من خلال ظواهر اجتماعية.


كما كان من بين المعقبين ممثلي وزارة الداخلية، الأمانة العامة للصحة النفسية ورئيس مركزالدعم النفسي بجامعة القاهرة وعدد من المتخصصين والأكاديميين والخبراء ورجال الدين، حيث أشارت بعض التعقيبات إلى مخاطر المرض النفسي، والذي يعد أحد مسببات الانتحار، مؤكدين على ضرورة التعاون بين المعالج النفسي والأسرة لإنقاذ المريض النفسي من محالات الانتحار، إضافة إلى ضرورة الالتزام بالمعايير الدولية للحفاظ على الصحة النفسية، ولا بد من وجود تعاون حقيقي بين المعالج النفسي والأسرة لإنقاذ المريض النفسي من الشروع في الانتحار، وأظهرت التعقيبات أنه لا يتم اكتشاف سوى نسبة ضئيلة من الأمراض النفسية في المجتمع والتي تعد أحد المسببات الرئيسية لمحاولات الانتحار.


كما أكدت التعقيبات على أن جريمة الانتحار تختلف عن غيرها من الجرائم حيث أن المنتحر ليس مجرم بطبعه وإنما يعاني من خلل نفسي أو مجتمعي لا يستطيع مواجهته، وأشاروا إلى خطورة ترويج الجماعات الإرهابية للانتحار كسبيل للشهادة.


وقد توصلت الورشة لعدد من التوصيات منها : أن الانتحار مشكلة مجتمعية تتطلب تعاون وتضافر كافة الجهات المعنية بالقضية، دعم الوعي المجتمعي بمخاطر المرض النفسي وأهمية علاجه، دعم الوعي المجتمعي حول مخاطر استخدام الإنترنت والألعاب الإلكترونية في التحريض على الانتحار والترويج للأفكار الانتحارية خاصة بين المراهقين، توجيه البحث العلمي لإعداد خريطة للمخاطر بهدف التخطيط للوقاية، سد الفراغ التشريعي في قانون العقوبات بتجريم التحريض والمساعدة على الانتحار والترويج للأفكارالانتحارية، تجريم التحريض على المساعدة في الانتحار وتجريم بيع حبوب الغلال لغير المختصين، حيث أنها مادة شديدة السمية ولابد من تخطى مرحلة تقنين بيعها إلى تجريم بيعها لغير المختصين. بالإضافة إلى وضع نص ينص على غلق الصفحات المروجة للأفكار الانتحارية على الشبكات الاجتماعية، الاهتمام بنبذ الأسباب الداعية للانتحار ضمن أنشطة وزارة التربية والتعليم، معالجة فزاعة العلاج النفسي والخجل منه لدى المريض وذويه، وعلى الجانب الإعلامي دعم الوعي المجتمعي بمخاطر المرض النفسي، التوجيه بضرورة الاعتماد الكلي على بيانات النيابة العامة و وزارة الداخلية عند التداول الإعلامي لقضايا الانتحار، تناول الإعلام لعلاج أسباب الانتحار ومعالجتها بدلاً من الخوض في ملابسات الوقائع، مع عقد دورات تدريبية للقائمين بالاتصال في مختلف المؤسسات الإعلامية تركز على الأبعاد والجوانب المختلفة لعلاقة وسائل الإعلام بالانتحار، وكيفية تناوله ومعالجته بطريقة آمنة ومسئولة.

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2