أجواء أوروبية وشتاء وصقيع قارس تعاني منه مصر، جعلت درجات الحرارة تقارب الصفر مئوية، وهي أجواء صقيع لا يحتمله أحد، وفيما يتعلق بـ عجائب قيام الليل و صلاة الفجر في هذا الصقيع نستعرض لك أجمل ما ورد في فضل هذه الأوقات التي ينزل الرحمن تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فينادي ويجزل العطاء حتى يؤذن للفجر وترفع صحائف المصلين وأعمالهم إلى السماء.
وصف النبي صلى الله عليه وسلم الشتاء بأنه ربيع المؤمن فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (الشتاء ربيع المؤمن) أخرجه البيهقي، ومن حديث الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الصيام في الشتاء الغنيمة الباردة".
وما لا يعلمه الكثيرون أن هناك عجائب قيام الليل وأداء الفجر في هذا الصقيع القارس، منها ما ذكره عبدالله بن مسعود رضي الله عنه حين قال:"إن الله ليضحك إلى رجلين: رجلٌ قام في ليلةٍ باردة من فراشه ولحافه ودثاره فتوضأ، ثم قام إلى الصلاة، فيقول الله عز وجل لملائكته: ما حمل عبدي هذا على ما صنع ؟ فيقولون: ربنا! رجاء ما عندك، وشفقةً مما عندك، فيقول: "فإني قد أعطيته ما رجا، وأمنته مما يخاف".
و قيام الليل من الطاعات التي رغب إليها الإسلام فجاء في كتاب الله تبارك وتعالى: " يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا"، وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت فيما ورد عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ، أنه قال: قَالَتْ عائشة رضي الله عنها: "لاَ تَدَعْ قِيَامَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ لاَ يَدَعُهُ، وَكَانَ إِذَا مَرِضَ، أَوْ كَسِلَ، صَلَّى قَاعِدًا".
ويقول الحافظ ابن رجب: كان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: "ألا أدلكم على الغنيمة الباردة؟ قالوا: بلى فيقول: الصيام في الشتاء"، ومعنى كونها غنيمة باردة أنها غنيمة حصلت بغير قتال ولا تعب ولا مشقة فصاحبها يحوز هذه الغنيمة عفوا صفوا بغير كلفة.
ويستطرد أما قيام ليل الشتاء فلطوله يمكن أن تأخذ النفس حظها من النوم ثم تقوم بعد ذلك إلى الصلاة فيقرأ المصلي ورده كله من القرآن وقد أخذت نفسه حظها من النوم فيجتمع له فيه نومه المحتاج إليه مع إدراك ورده من القرآن فيكمل له مصلحة دينه وراحة بدنه، ومن كلام يحيى بن معاذ : "الليل طويل فلا تقصره بمنامك والإسلام نقي فلا تدنسه بآثامك"، بخلاف ليل الصيف فإنه لقصره وحره يغلب النوم فيه ، فلا تكاد تأخذ النفس حظها بدون نومه كله ، فيحتاج القيام فيه إلى مجاهدة ، وقد لا يتمكن فيه لقصره من الفراغ من ورده من القرآن .
ويروى عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: " مرحبا بالشتاء تنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام ويقصر فيه النهار للصيام"، وروي عنه مرفوعا ولا يصح رفعه . وعن الحسن قال: "نِعم زمان المؤمن الشتاء ليله طويل يقومه ونهاره قصير يصوم"، وعن عبيد بن عمير أنه كان إذا جاء الشتاء قال: " يا أهل القرآن طال ليلكم لقراءتكم فاقرؤوا وقصر النهار لصيامكم فصوموا" .