​ذكرياتى فى دمنهور «10»

​ذكرياتى فى دمنهور «10»رجب البنا

الرأى21-1-2022 | 14:52

كان أخى أحمد أقرب إخوتى إلىّ.. لأن إخوتى الثلاثة (محمد والسيد وعبد الوهاب) كانوا أكبر منى بكثير بحيث كانوا فى منزلة الأب والأخ، وكانت رعايتهم لى فيها الأبوة، أما أحمد فقد كان بالنسبة لى صديقًا وأستاذًا مع أن الفارق بينى وبينه أكثر من عشر سنوات، إلا أنه كان يتعامل معى على أننا أصدقاء، كان وهو فى المدرسة الثانوية يشترى لى مجلات وقصص الأطفال ويسألنى ماذا قرأت ويشرح لى العبارات والمواقف التى لم أفهمها.. وعندما كان فى كلية الحقوق كان يصحبنى فى رحلات الكلية وأتاح لى أن أتعرف على زملائه وأصدقائه وكانوا مجموعة مرحة وكلهم يقضون وقتهم فى المذاكرة أو فى المناقشات السياسية والأدبية وكانت هذه فرصة بالنسبة لى لكى أستمع إليهم وهم يتناقشون فى القانون المدنى أو الجنائى أو حول ما ينشره طه حسين والعقاد والدكتور هيكل.. وكل ذلك اختزنه عقلى وأفادنى كثيرًا، كانوا مجموعة من طلبة الحقوق من أبناء دمنهور يلتقون فى مسكن أحدهم (محمود عتمان الذى صار مستشارًا ورئيس محكمة الاستئناف) وكان يستأجر شقة فى الشاطبى ليكون قريبًا من الكلية بينما يحمل الآخرون اشتراكات مخفضة للطلبة فى القطار ويسافرون يوميا فى مواعيد تناسب مواعيد الكلية ويقضون فترة بعد الظهر معا وأحيانا يبيت أحدهم والشقة تسع الجميع وصاحبها يرحب بهم دائما.

عندما تخرج أخى أحمد فى الكلية أمضى فترة التدريب فى مكتب أشهر محامٍ فى دمنهور هو الأستاذ موريس صهيون ثم عمل فى مكتب محام شهير هو الأستاذ نجيب جماتى، وبعد ذلك فتح مكتبا خاصا به، وفى فترة قصيرة صار محاميًا معروفًا، ومع أنه كان مشغولا بعمله إلا أنه كان يجد وقتا للحوار معى، وكنت قد أصبحت فى المدرسة الابتدائية، وبلغت الثالثة عشرة من عمرى.

كان أحمد – بالرغم من انشغاله – قارئا فى مجالات كثيرة بالإضافة إلى مجال القانون، ولديه مكتبة تضم الكتب القانونية وكتب فى الفلسفة، والمنطق، وعلم النفس، وكتب الأدب، وكانت هذه المكتبة كنزا لى، وجدت فيها ما غرس فى الشغف بالقراءة وحب الكتب.

ومن الطريف أن أول قضية انشغل بها كانت تخص أحد الأقارب، كان شابا ناجحا فى عمله، وعندما فكر فى الزواج دله أحد معارفه على فتاة فيها المواصفات التى أرادها، وتقدم إليها بعد أن تكررت زياراته لأسرتها وأعجب بجمالها وعقليتها وبأسرتها، وبعد شهور تحدد موعد القران، وأقيم حفل بهذه المناسبة وعند عقد القران اشترط والدها مبلغا كبيرا جدا لمؤخر الصداق وقال: (هو مبلغ لن تدفعه طبعا ولكنه يشعرنا بالثقة)، ورضخ الشاب ووقع، وجاءت لحظة الجلوس مع العروسة لتقديم الشبكة، وحدثت مفاجأة من مفاجآت الأفلام، فقد وجد العريس أن العروسة ليست هى التى رآها وجلس معها عدة مرات، ووجد أمامه فتاة كبيرة فى السن، ودميمة، وألجمته المفاجأة وأمضى الليلة فى نكد شديد ودفعه الانفعال إلى التسرع فى طلاقها بعد عدة أيام ولم يحسب حساب المؤخر، وبالطبع اتخذ أهل العروسة الإجراءات القانونية ورفعوا دعوى بإلزامه بدفع قيمة المؤخر والنفقة وتعويض عما أصاب الفتاة وأهلها من جراء طلاقها بهذه السرعة.. وكانت المشكلة هى صعوبة العثور على شهود رأوا الفتاة الأولى ليشهدوا أمام المحكمة بما حدث من تزوير وخداع.

وانشغل أحمد بهذه القضية وظل يؤجلها إلى أن استطاع تقديم أدلة كافية أقنعت المحكمة وحكمت لصالح الشاب المسكين، وكانت هذه القضية سببا فى شُهرة أحمد كمحامٍ بارع توصل إلى الحق وأنقذ الشاب من هذه الورطة التى كانت ستقضى على مستقبله، وبعد ذلك تراكمت وقائع النجاح، وازداد عدد أصحاب القضايا فى دمنهور وفى بعض المراكز، ثم أصبحت لديه قضايا فى الإسكندرية والقاهرة، وصار فى مكتبه عدد من المحامين بعضهم من شباب العائلة.. وكان هو الملجأ لكل العائلة بعد وفاة أبى، فكل من يقع فى مشكلة يذهب إليه، وبيته ملجأ للجميع، من أرادت أن تشكو زوجها تحكى له فيقف إلى جانبها إلى أن يعدل الزوج تصرفاته، وكانت بعض بنات العائلة تقضى فى بيته أياما وأحيانا شهورا إلى أن يعقد اتفاقا مع زوجها، والمحتاجون من الأقارب يجدون عنده ما يرضيهم، وكل شاب من أبناء العائلة يتخرج فى كلية الحقوق يجد مكانه فى مكتب أحمد البنا إلى أن يقف على قدميه ويستقل، ومن لديه قضية يباشرها أحمد فى كل مراحلها حتى النقض.. كان – كما كان يقال – شجرة تظلل العائلة كلها.

بعد سنوات من العمل والنجاح تزوج أخى أحمد من بنت (اللواء) محمد السبع مأمور جمرك الإسكندرية، وكانت له قصة يرويها لنا وهو فخور بها، لأنه عند اندلاع ثورة 1919 كان رئيس نقطة فى إحدى القرى، وعندما اشتعلت ثورة الفلاحين ضد الاحتلال البريطانى صدرت له الأوامر بإطلاق النار على المتظاهرين وإخماد المظاهرات بالقوة، لكنه رفض تنفيذ هذه الأوامر، فوصلت قوة من القوات البريطانية تطلق النار على المتظاهرين فسقط عدد من أبناء القرية، فما كان منه إلا أن فتح مخزن الذخيرة (السلاح ليلك) ووزع السلاح على العساكر وعلى الفلاحين وأمرهم بالرد على القوة البريطانية ومواجهة السلاح بالسلاح، وتحولت القرية إلى ميدان قتال وسقط عدد من الشهداء المصريين كما سقط عدد من جنود الاحتلال إلى أن نفدت الذخيرة فتم القبض عليه هو وعدد من شباب القرية وقدموا إلى محكمة عسكرية بريطانية حكمت عليه بالإعدام، ورفضت دفاع المحامى المصرى الذى تركز فى أنه كان فى حالة دفاع عن النفس هو وأبناء القرية.

وكانت والدته تملك عشرات الأفدنة وثروة ورثتها عن والديها، فباعت كل ما لديها من الأفدنة والذهب وتوصلت إلى توكيل محام بريطانى ترافع أمام محكمة الاستئناف مقابل حصوله على كل أموالها تقريبا، وحكمت المحكمة بخفض العقوبة من الإعدام إلى السجن، وكانت أمه تزوره وتنفق عليه ما تبقى لديها، وبعد سنتين صدر قرار بالعفو عن العقوبة وأعيد إلى وظيفته لكنه تأخر فى الترقيات عن زملائه، وخرج على المعاش برتبة عميد بينما خرج زملاؤه برتبة لواء، وبعد سنوات تذكرت وزارة الداخلية بطولته فى عهد وزير وطنى فقرر تكريمه باعتباره من أبطال ثورة 19 ومنحه شهادة تقدير ودرع الشرطة.

كان (اللواء) محمد السبع شخصية متميزة، أحببناه وأحببنا زوجته (ماما ناهد) التى كانت تغلب عليها الطيبة ورقة المشاعر وعاطفة الأمومة، وكان بيت (اللواء) السبع بيتنا فى الإبراهيمية نقضى فيه أياما مع أحمد وزوجته التى كانت أختا لنا، شاركتنا كل أيامنا على الرغم من أنها تزوجت وهى صغيرة فى السن أكملت دراستها فى مدرسة ثانوية فرنسية، وعاشت فى الإسكندرية ولهذا وجدت صعوبة فى الحياة فى دمنهور ولكنها مع الوقت أحبت دمنهور واندمجت فى العائلة وأصبحت تفتح بيتها لكل من يطرق بابها ويقيم و(أهلا وسهلا) ولا يشعر أحد بأنه غريب فى البيت.. ووصلت إلى مرحلة كانت تفضل فيها الإقامة فى دمنهور حتى بعد أن اشترى أخى أحمد شقة فى جليم تطل على البحر، فكان هو يحب أن يقيم فى الإسكندرية ويتنقل بينها وبين دمنهور، وفتح مكتبا فى الإسكندرية أيضا فتذهب معه أياما وتعود إلى بيتها فى دمنهور وتقول (هنا أهلى).

ولم يكن ذلك غريبا منها، فقد كان بيت (اللواء) السبع هو بيتنا، وفى حرب 1956 كنت قد وصلت إلى المرحلة الثانوية وتطوعت فى الدفاع الشعبى وأشرف على تدريبنا (النقيب) عبد المنعم حسين رئيس الحرس الوطنى – اللواء أركان حرب بعد ذلك – ولكن لم نذهب إلى السويس كما كان مقررا وقيل لنا أنكم (تحت الطلب)، وبعد ذلك عندما أنهيت دراستى وعشت بعيدًا عن دمنهور وتزوجت (كما سيأتى) كانت أمتع أيام حياتى هى الأيام التى أقضيها أنا وأسرتى الصغيرة مع أخى أحمد وأسرته فى الإسكندرية فى الصيف، وبعد ذلك أكتشف مصيف رشيد وأحبه لما فيه من بساطة وهدوء، فكان يقضى شهرا – وأحيانا شهرين – فى مصيف رشيد، وكل ما فيه مجموعة شاليهات وكازينو وجمعية استهلاكية ومحلان لبيع الخضر والفاكهة، وأخى أحمد يقضى يومه فى دمنهور بين المكتب والمحاكم ويعود فى الليل فى سيارة محملة باللحوم والدواجن ولوازم البيت بما يكفى العدد الكبير الذى يقيم عنده، فقد كنا نتبادل الإقامة معه وكل عائلة تقضى أياما – وربما أسبوعا أو أكثر – وكان ابنى محيى وابنتي أمانى يسعدان فى هذه الأيام بصحبة عمهم وزوجته وأبنائه، فنقضى النهار فى البحر وعلى البلاج، ونقضى الليل فى سمر ولعب حتى الفجر، وإلى اليوم نستعيد ذكريات هذه الأيام كلما التقينا.

ولم أشعر بالحزن على فقد حبيب – مع كثرة الأحزان – كما شعرت على فقد أخى أحمد وزوجته، بعدها انطفأت شمس كانت تنير أيامنا فى دمنهور، وبعده انقطعت عن زيارة الإسكندرية فقد كانت ذكرياتى معه تطاردنى فى كل مكان، وقد بقيت ذكرى أخى أحمد إلى اليوم فى قلوب كل أفراد العائلة كبيرهم وصغيرهم وبقيت ذكراه فى الوسط القضائى، ونظمت نقابة المحامين حفل تأبين وقال عنه نقيب المحامين إنه كان أستاذا تعلمنا منه أصول المهنة وقيمها الأخلاقية.

وللمرة الثالثة نقيم حفل زفاف على سطح البيت.. جاء لعزيزة عريس من قريتها، وكانت قد قضت معنا سنوات وتعودنا عليها كواحدة منا، وعندما تقدم العريس لطلب يدها طلبت أمى أن يأتى العريس ويطلبها منا، وفعلاً جاء وجلس مع أخى عبد الوهاب واتفق معه على التفاصيل، وبدأت تدب فى البيت حركة واستعدادات لتجهيزها وبدأت أمى وأخواتى فى الخروج معها لشراء ما يلزمها، وحين تم تحديد يوم لعقد القران صممت أمى على أن يعقد قرانها فى بيتنا وأن يكون أخى عبد الوهاب وكيلا للعروسة – وهى يتيمة الأب – أو يكون شاهدا على العقد، وأن يسجل فى العقد مؤخر صداق كبير ولا يهم مقدم الصداق وليكن خمسة وعشرين قرشا، وأقامت أمى وليمة لأهل العروسين، وكانت مشغولة وسعيدة وكأنها فى زفاف واحدة من بناتها، وظلت تقول عبارتها التى كانت تكررها كل مرة: «لازم يعرف إن لها أهل»، وتركت عزيزة فراغا بخروجها من البيت، لكنها لم تنقطع عن زيارتنا وتحكى لأمى عن أحوالها حتى تطمئن أمى على أنها راضية وتعود وهى محملة بـ (اللى فيه النصيب).. وبعد فترة قصيرة جاءت بعدها سنية لتنضم إلينا كواحدة منا.

وانقلبت الأحوال فى دمنهور بعد أن وصلت معارك الحرب العالمية الثانية إلى حدود الإسكندرية، قبل ذلك كان الناس يتابعون أخبار الحرب من الراديو والصحف على أنها بعيدة عنا، وكانت المناقشات بين من يتمنى أن ينتصر الألمان فى الحرب وأن تنهزم بريطانيا لكى نتخلص من الاحتلال العسكرى وبين من يخشى من انتصار هتلر وهو ديكتاتور يضطهد الأجناس غير الجرمانية، ويتناقل الناس أن هتلر أعلن إسلامه وأنه أصبح (الحاج محمد هتلر) وكان مصدر هذه الإشاعة شعبة الإخوان وأعضاء الجماعة، وكانت جماعة الإخوان تعمل علانية وأعضاؤها ينشرون دعوتها ويعملون على تجنيد الشباب وفى كل مدينة وقرية فى مصر مقر لشعبة الإخوان عليه لافتة (شعبة الإخوان المسلمين بدمنهور) ولم ينقلب الرأى العام عليها إلا بعد مقتل الخازندار والنقراشى وانكشفت الأهداف الخفية للجماعة، وخرج كثير من الشباب من الإخوان بعد أن أدركوا ما فى دعوتهم من خداع.

مع اشتداد المعارك فى العلمين كنا نشاهد – من البلكونة – الطائرات الألمانية وهى تشن غاراتها بالليل على الإسكندرية وتلقى القنابل فنسمع الدوى الهائل لانفجارها، و دمنهور قريبة من الإسكندرية والسماء مفتوحة، ونيران الحرائق ترتفع فى الفضاء، ونرى أعمدة الضوء من الكشافات تطارد الطائرات فإذا حاصرتها نسمع انطلاق المدافع واشتعال الطائرة وسقوطها، وكثيرا ما كانت الطائرات تلقى حمولتها وتفر من نطاق الكشافات والمدافع..

كنت امتلئ رعبا كلما دوت صفارة الإنذار وانطلق فى الشوارع رجل ليصيح بأعلى صوته (طفى النور) فيجرى الناس نحو المخبأ تحت الأرض قريبا من بيتنا ولكننا لم نكن نذهب إليه، ونكتفى بدهان زجاج النوافذ باللون الأزرق، وإطفاء الأنوار، وكنا مقتنعين بما يقوله أبى (لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) ونجلس معا فى الظلام، وأحيانا نسمع أزيز طائرة اضطرت للمناورة فوصلت إلى دمنهور..

وقتها كنت أنكمش خوفا فى حضن أمى، ولا نجد ما يخفف التوتر والخوف إلا حكايات عما فعلته الحرب من دمار فى الإسكندرية، وعشرات الآلاف من الألغام زرعها الإنجليز فى الصحراء قريبا من الإسكندرية، وحكايات عن الغلاء الذى لم يعد يحتمله أحد، وكساد تجارة عدد غير قليل من التجار الكبار، وتعرض بعضهم للإفلاس.

وفى يوم حدث انفجار شديد تسبب فى تحطيم زجاج النوافذ، وجرى الناس بحثا عن مصدر الانفجار فوجدوا طفلا ينزف دماء غزيرة من يده، وكف يد مقطوعة، وتبين أنه عثر على قطعة حديد فأمسك بها وأخذ يلعب بها، وكانت قنبلة يدوية تسربت من معسكر للقوات البريطانية موجود فى أطراف دمنهور بعد استيلاء القوات البريطانية على المنطقة وأقامتها منشآت لإقامة القوات ومخازن للسلاح والمعدات والمؤن، وأثار هذا الحادث سخط الناس على الاحتلال البريطانى فسارت مظاهرات تهتف بسقوط الاحتلال، وتجمع الشباب فى ميدان الساعة وسط المدينة وأحرقوا العلم البريطانى، وترك هذا الحادث أثرًا كبيرًا فى نفسى وحتى اليوم تعود صورة الطفل ويده مقطوعة والدماء تسيل على الأرض وتصبغ ملابسه بلونها.. وتحول لعبنا (عسكر وحرامية) فرقة تمثل المصريين وفرقة تمثل البريطانيين (وكان الأطفال يرفضون أن يقوموا بدور البريطانيين ولكن ذلك كان ضروريا للعبة ووجدنا الحل بأن نتبادل الأدوار مرة نقوم بدور المصريين ومرة نقوم بدور البريطانيين، وفى كل مرة ينهزم البريطانيون ويفروا من الضرب الذى ينهال عليهم (!). وهدأت نفسى عندما تناقل الناس خبر العثور على جثة ضابط بريطانى مقتول فى حى العبارة، وتهامس الناس بأن جماعة سرية من الشباب تكونت لقتل الجنود البريطانيين، وبعدها لم يعد جندي من جنود الاحتلال يظهر وحده وكانوا يسيرون مجموعات مسلحة وظهرت على حوائط المدينة كتابات عدائية.. يسقط الاحتلال البريطانى.. اذهبوا إلى بلادكم.. الحرية لمصر والمصريين.. وبلغت كراهية الاحتلال البريطانى منتهاها ولم يعد الناس يطيقون رؤية جنود الاحتلال بملابسهم العسكرية ويبصقون كلما مرت سيارة من سياراتهم محملة بالجنود.. وازداد حجم المؤيدين للألمان ليخلصونا من الإنجليز.. لكن أبى كان يقول: (لا نريد الإنجليز ولا الألمان) لكن كان فى وقت آخر يعلن أن انتصار الألمان هو الحل للتخلص من الإنجليز..

وكان إخوتى يحاولون العثور على الإذاعة البريطانية ليستمعوا إلى أحاديث العقاد المعادية للألمان ولديكتاتورية هتلر، ويعلقون بأن العقاد مطلوب من الألمان للتخلص منه ولهذا هرب من البلاد ولجأ إلى السودان ويذيع أحاديث من هناك، وحصل أخى أحمد على نسخة من كتاب العقاد عن هتلر وكان يتبادلها مع أصدقائه، وكنت حريصا على أن أستمع إلى حواراتهم حول تطورات الحرب ونتائج المعارك وأردد ما يقولونه عندما ألتقى مع أطفال الجيران.. ونسير فى مظاهرات طفولية تردد ما نسمعه.. يسقط الاحتلال.. عاشت مصر حرة مستقلة.

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2