عيد الشرطة الـ 70.. حكايات الشهداء ترويها قلوب أمهاتهم

عيد الشرطة الـ 70.. حكايات الشهداء ترويها قلوب أمهاتهمأسرة الشهيد ماجد عبد الرازق

لا توجد كلمات يمكن أن تصف حال أم، حملت وأرضعت وسهرت وعانت؛ لترى زرعتها الممثلة فى ابنها تكبر أمامها يوما بعد الآخر، انتظارا لأن تراه رجلا فتيا، وعندما تبلغ لحظة تحقق الحلم يسقط بين يديها مضرجا فى دمائه، وبدلا من أن يحملها فى لحظات كبرها.. تحمله هى إلى مثواه الأخير، وخلال العشر سنوات الماضية، كانت هناك نماذج لآلاف الأمهات، الذين غرسوا روح الوطنية والانتماء فى أبنائهم، وقدموا أرواحهم فداء لمصر، تتشابه القصص ربما تختلف فى بعض التفاصيل لكن الصورة النهائية لابد وأن تحمل فى صدرها صورة الأم.

عريس قسم العريش

هالة علي أم الشهيد النقيب البطل باسم فاروق، قالت كانت وصيته لى «لا ترتدى السواد لو بتحبينى يا ماما ادعيلى أموت شهيد»، وهى آخر كلماته عندما رافقته لمحطة السوبر جيت بعد قضاء الإجازة للعودة إلى مقر خدمته، كان دائما يطلب منى الدعاء لها بالشهادة وكنت أجيبه: «أنا بأدعى أشوفك عريس».


وأضافت: استشهد قبل موعد زفافه بأيام قليلة، ويوم استشهاده فجرا اتصلت به وسمعت أصوات إطلاق النيران وطمأننى بأن زملاءه يحتفلون به لأنه عريس، لكن بعد الإفطار بقليل، جاءنى الخبر أن الإرهابيين قصفوا قسم العريش بالأسلحة الثقيلة، ليستشهد قرة عيني، وقد أخبرنى زملاؤه أنه واجه الموت مقداما لم يهابه، ورفض بشدة ارتداء الواقى من الرصاص حتى يلقى ربه شهيدا.


الشهادة.. حلم الطفولة

«دفعنا من أجل الحرية دمًا غاليًا».. بهذه الكلمات بدأت وفاء السيد والدة الشهيد النقيب البطل مصطفى يسري، حديثها معنا وهى تحدثنا عن نجلها، فقالت التحق نجلى بكلية الشرطة عام 2006 وتخرج منها سنة 2010، كان منذ طفولته يردد “لما أكبر هابقى ضابط شرطة وأموت فى الحرب” وظلت هذه الجملة ملازمة له حتى تحققت.


وأضافت، والدة الشهيد النقيب مصطفى رفض كلية الهندسة وأصر على الالتحاق بالشرطة، عندما أصيب وقبل دخوله فى غيبوبة الموت، زاره قائده فى المستشفى فقال له مصطفى أنا أسف يا فندم لأنى أصيبت، مستطردة: كان عندما يذهب لأى مكان خدمة كان يترك سجادة صلاة ومصحف ذكرى لمن سيأتى بعده، فهو كان قارئا للقرآن، ومحافظا على صلاته، كان خدوما ومتواضعا وقبل استشهاده بفترة وجيزة، أدى العمرة مع والده وعندما استقبلتهم فى المطار قال لى المرافقون فى العمرة بأن ابنى كان خادما لمرافقيه فى تلك الرحلة الروحية.

وعن المواقف التى لا تنساها أم الشهيد مصطفى، قالت: كنت اتصل عليه تليفونيا، للاطمئنان عليه أكثر من مرة، وعندما أقلق لأنه لا يرد، كان يحدثنى عندما تسمح له ظروفه ويقول لي: “عايزة تطمنى إنى لسه عايش.. لا تقلقي” فهو كان دائم الحديث عن الشهادة لدرجة أننى قلت له “يا ابنى أنت ممكن تموت شهيد وأنت فى مكانك من كتر كلامك عن الشهادة وحبك لها”.


وأكدت أم البطل أن المجندين لا يزالوا يتوصلون معى حتى الآن، وأحدهم قال لى إن الشهيد كان يرفض أن أى مجند يغسل له السيارة أو يساعده فى أى شيء خاص به وعندما سُأل عن ذلك قال ليس من عمل المجند.


وروت عن واقعة استشهاده، فقالت: إنه قبل واقعة إطلاق النار عليه والتى تسببت فى دخوله الغيبوبة عام 2013 كان المفروض أن تكون خطوبته ولكنه قام بقراءة الفاتحة وقال لأخته: «تعالى افطر معايا يا عالم هنفطر تانى مع بعض امتى».. كان ينظر إلينا، كأنه يودعنا وكنا جميعا نشعر بأن شيئا ما سيحدث ونزل بعدها وذهب لقطاع الأمن المركزى واتجهوا فى مأمورية من القطاع ( قطاع سلامة ) لتأمينه من الإرهابيين وأثناء سيرهم تأخرت سيارات الدعم فقام مصطفى وذهب مع ثلاثة آخرين فى سيارة شرطة الاستكشاف وكان الإرهابيون الخونة نصبوا كمينا للقضاء على القطاع بأكمله على الأوتوستراد قرب المعصرة، وما إن وصل هناك حتى انهال عليهم الرصاص عام 2013 ودخل المستشفى.


وأشارت والدة الشهيد، إلى أنه كان لديها يقين طوال ثلاث سنوات، هى المدة التى قضاها فى الغيبوبة، بأن نجلها سيفيق ويعود إلى الحياة من جديد، موضحة أن مصطفى تواصل معها كتابيا لمدة أسبوع بعد إصابته، وأنه نشر صورة لأحد زملائه، الذين استشهدوا بجوارها صورة أخرى فارغة كتب فيها ( مستنى دوري) وبعدها دخل فى غيبوبة حتى لقى ربه شهيدا.

التفاصيل في مسلسل

حمدية أبو العينين، أم الشهيد البطل الرائد ماجد عبد الرازق، «ابنى حبيبى نور عينى كان يملأ علينا البيت يخاف الله ضحى بنفسه ليحافظ على بلده» .. بهذه الكلمات بدأت كلامها.

وأضافت: لم أعرف تفاصيل استشهاده إلا من مسلسل «الاختيار»، الذى وثق بطولة استشهاد ابنى النقيب ماجد عبدالرازق، استشهد بعد أقل من أسبوع من والدة ابنته (ليلى).

تحدثت والدة الرائد ماجد عن يوم استشهاده، فقالت: كان عام 2019، أثناء تفقده الحالة الأمنية فى ساعة مبكرة، لاحظ توقف سيارة ماركة هيونداى سوداء اللون بجانب الرصيف فى محيط قسم شرطة النزهة يستقلها مجهولون، فأشار إلى سائق الدورية بالتوجه لفحص الركاب والتعرف على سبب توقفهم وفور اقترابهم من السيارة ترجل منها شخصان وأطلق وابلا من النيران على السيارة الخاصة بالشرطة مما أدى إلى استشهاده، ليلحق بوالد زوجته الشهيد اللواء وائل طاحون مفتش الأمن العام السابق الذى اغتالته يد الإرهاب أمام منزله بمنطقة المطرية عام 2015.
وأضافت: آخر مرة شاهدته، جاءنى بعد أن انتهيت من صلاة الفجر، وقبل رأسي، ويدي، وقال لى «مع السلامة يا ماما».


شهيد «قنبلة الطالبية»

نجاة الجافى أم الشهيد النقيب البطل ضياء فتحي، قالت إن نجلها فور تخرجه من كلية الشرطة عين فى مديرية أمن سيناء لمدة خمس سنوات، وأصيب بطلق نارى فى كتفه أثناء مداهمه لأحد الأوكار الإجرامية سنة 2008، مستطردة: كنت أشعر دائما أن ابنى سيحدث له مكروها، خاصة بعدما شفى وعاد للخدمة قبل انتهاء فترة علاجه، ورفضه محاولات رؤسائه للنقل إلى مكان آخر.

وأضافت: لم أعرف قيمة ضياء ودقة عمله فى الحماية المدنية إلا بعدما استشهد، موضحة أنه توضأ وصلى قبيل استشهاده خلال تفكيكه قنبلة كانت فى محيط قسم شرطة الطالبية متابعة: «ابنى حمى ناس كتير وعمرى ما قلت له سيب شغلك ودى بلدنا ولازم نحميها ولما ابنى استشهد حزنت عليه لكن لم أغضب لازم ناس تضحى علشان مصر تكون أحسن البلاد».

وأعربت فى النهاية، عن سعادتها بقرار محافظة الشرقية إطلاق اسم الشهيد ضياء فتحى على مدرسة بقرية التلين مركز منيا القمح

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2