منذ عدة أيام توفيت المغنية التشيكية، هانا هوركا، متأثرة بإصابتها بفيروس كورونا، ابنها يان ريك قال إن والدته لم تتناول أي جرعة من التطعيم، وقد توفيت وهي تقترب من التعافى، ويقول أيضا إن والدته رفضت تناول التطعيم، لكن حين أصيب هو ووالده بالفيروس، قررت أن تكون ملازمة لزوجها وابنها ولا تعزل نفسها، فانتقل إليها الفيروس وحين اقتربت من الشفاء توفيت فجأة!
تأثرت كثيرا بهذه القصة التي استرعت انتباهي لأنها جسدت مضمون الكثير من القصص التي مرت علينا خلال انتشار هذا الوباء، الذي وإن كان قد أصاب البشرية فى مقتل، وعطل الحياة لشهور على الكرة الأرضية، وفرض على الناس التباعد والحذر والعزل والانعزال، وجعل الحياة أكثر وحشة وتوترًا وقلقًا وخوفًا، إلا أنه كشف جانبا إنسانيا رائعا ما كان ليُكتشف إلا فى ظروف صعبة وحقيقية كتلك التي صنعها هذا الوباء.
لم تكن هذه المغنية الشعبية هي وحدها أول من اقترب من أحبابه رغم علمها بمدى خطورة تصرفها على صحتها بل على حياتها، أمهات وزوجات وبنات وأبناء وإخوة وأصدقاء اقتربوا من أحبابهم رغم الخطر، وساعدوا رغم المحنة، ومدوا يد العون وهم يدركون أنها ستعود إليهم محملة بالوباء، ولم يكن أمامهم سوى مساندة محبيهم وشد أزرهم ومنحهم القوة والعزيمة للتمسك بالحياة، حتى وإن كان ذلك على حساب حياتهم هم أنفسهم.
ربما كانت الأطقم الطبية هي الأروع أداء والأكثر تضحية، فمن الطبيعي أن يخاف كل شخص على من يحبهم ويشكلون جانبا مهما فى حياته، لكن هؤلاء الأبطال الذين تصدوا بشجاعة وتضحية ليس لهم دافع سوى أداء الواجب، وإنقاذ المرضى الذين لا حول لهم ولا قوة، ولقد شاهدنا فى بداية الجائحة كم توفى من الأطباء والتمريض والمساعدين على مستوى العالم، وكيف ظلوا لشهور فى عملهم دون أن ينعموا بإجازة أو حتى قسط من النوم.
كما أن الجائحة أيضا كما صنعت أبطالا، وأبرزت مشاعر إنسانية عظيمة كنا نعتقد أنها قد تبخرت مع تطور البشرية، فهي أيضا أفرزت أغنياء حرب وتجار سوق سوداء، ومستغلين وانتهازيين تاجروا بأرواح البشر واستغلوا ضعفهم ليحققوا أكبر استفادة ممكنة، فلم يتركوا شيئا إلا وتاجروا فيه وربحوا أموالا طائلة.
أعتقد أنه ما من أسرة مصرية أو فى أي مكان فى العالم إلا وتحمل قصة بل قصصا إنسانية، أثناء تلك الأيام الصعبة التي مرت على البشرية، والتي يعتقد الكثيرون أنها تقترب من نهايتها، أو كما قال البروفيسور چولين هيسكوكس، رئيس قسم العدوى بجامعة ليڤربول: "نحن على وشك الوصول، إنها الآن بداية النهاية، على الأقل فى بريطاينا، أعتقد أن الحياة فى ٢٠٢٢، ستعود تقريبا إلى ما كانت عليه قبل الوباء".
هذا ما نتمناه جميعا للبشرية كلها، ولكن ربما ونحن على أعتاب النجاة نكون على يقين هناك من أحبونا ومدوا لنا يد المحبة والإنسانية والتمسك بالحياة، وهذا هو الجانب المضيء فى تلك التجربة الصعبة.