سحرتني أمي مع سبق الإصرار والترصد

سحرتني أمي مع سبق الإصرار والترصدالكاتب والناشر حسين عثمان

الرأى25-1-2022 | 19:05

عاصرت معرض القاهرة الدولي للكتاب في مقراته الثلاثة، الجزيرة و أرض المعارض بمدينة نصر ومركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس، وكل منها يرتبط بمساحة في شخصي يشغلها مشهد أو عدة مشاهد مرت السنوات ولم تغادر الذاكرة، جميعها يتصدر المشهد فيها معرض الكتاب ولكن في مراحل عمرية مختلفة، اختلف العمر وأحداثه وشخوصه وذكرياته ولم يغادر المعرض موقعه على أجندة أولوياتي مهما كان انشغالي، ولو اختلف في أي وقت موعد ومكان انعقاده واقتربت أو ابتعدت المسافات، حتى أن دوائر الأسرة والأصدقاء والأقارب والمعارف أدركوا مع الوقت، أن تمامي هناك طالما معرض القاهرة الدولي للكتاب يفتح أبوابه يوميًا من العاشرة صباحًا وحتى العاشرة مساءً.

مشهد معرض القاهرة الدولي للكتاب بمقره الأسبق بالجزيرة، موقع دار الأوبرا المصرية حاليًا، يرتبط في ذاكرتي بسن الطفولة، وتلعب دور البطولة فيه أمي متعها الله بالعمر والصحة، وهكذا أحب أن أناديها لغويًا، أمي، ولا أنسى لها ما حييت ولا يوجد ما يثمن فضلها في اصطحابي طفلًا إلى هناك، صحيح أنني وُلِدتُ في أسرة قارئة بطبعها وعاداتها اليومية، تحوطني صحف ومجلات وكتب، وأرى أبويا يقرأ وكأنه يصلي، وهكذا أيضًا أحب أن ألقبه رحمة الله عليه، أبويا، لكن أمي هي من أخذت بيدي وعبرت بي بوابات كل هذه المعارف والآفاق، فكان أن ندهتني نداهة القراءة والكتابة، سحرتني أمي مع سبق الإصرار والترصد.

أما الدكتور سمير سرحان، أستاذ الأدب الإنجليزي والمؤلف المسرحي والمترجم والناقد، فكان بكل جدارة بطل مشهد معرض القاهرة الدولي للكتاب بمقره الثاني، أرض المعارض بمدينة نصر، حوالي عشرين عامًا قضاها الرجل في منصب رئيس الهيئة العامة للكتاب، رحلة جاءت أول ما جاءت على حساب صحته، ولكنه صعد خلالها بالمعرض إلى القمة، تولاه جناحًا واحدًا وتُوفِيَ تاركًا المعرض ثاني أكبر وأهم المعارض الدولية بعد معرض فرانكفورت، وأدار بوعي وحكمة دفة محاوره ومناظراته مهما تعقدت وتشابكت، كنت شاهد عيان على المناظرة التاريخية "مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية" يناير 1992 بين فريق الشيخ الغزالي وفريق الدكتور فرج فودة، رحمة الله على الجميع.

فإذا حان موعد الاحتفال باليوبيل الذهبي لمعرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2019، وجب الاحتفاء بما يليق بمكانته التاريخية، بعدما اهتزت مكانته الآنية وقتها إلى حدٍ كبير نتيجة تردي أوضاع أرض المعارض بمدينة نصر، ولم يكن مركز مصر للمعارض الدولية الجديد إلا المقر الأنسب ولا يزال، كانت بالفعل نقلة حضارية أعادت لمعرض القاهرة الدولي للكتاب هيبته، مساحة إجمالية 45 ألف متر مربع، تضم خمس قاعات على أعلى مستوى من التنظيم والنظافة وسلاسة الحركة فيما بين القاعات أو الأجنحة داخل القاعة الواحدة، يتخللها جميعًا اختيارات متنوعة توفي كافة احتياجات زواره الأساسية، المكان يتصدر مشهد البطولة في مقر المعرض الثالث حاليًا بالتجمع الخامس.

ساعات قليلة ويفتح معرض القاهرة الدولي للكتاب الـ53 أبوابه، وسط أجواء لا تزال استثنائية في حضور ضيف يستمر ثقيلًا على القلوب قبل الجيوب، تتعدد مسمياته ولقاحاته وجرعاته بينما تمتد أخطاره مهددة دون ضوابط أو روابط حاسمة حتى الآن، ومع ذلك يظل أهل الشغف قراءً وكتابًا وناشرين مفعمين دائمًا بروح متجددة مصدرها المُلْهِم دائمًا القراءة، في القراءة ليس فقط حياة وإنما ألف حياةٍ وحياة، اذهب الآن إلى صفحتك على شبكة التواصل الاجتماعي الفيسبوك، وتابع أجواء الاستعدادات لمعرض الكتاب على صفحات الناشرين والكتاب ومجموعات القراءة، حياة بكل مرادفات الكلمة ومعانيها، فلا شيء أهم من المعرفة، وقمة المعرفة أن تعرف أنك لا تعرف.

أضف تعليق

تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2