المجتمع يتحدث عن الانتحار باعتباره ظاهرة، وهو أمر لا يعتمد على زيادة أعداد المنتحرين طبقًا للإحصائيات الرسمية، لكن لتسريب فيديوهات لحوادث الانتحار على المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعى، فمن فتاة المول إلى شابين داخل فندق بالإسكندرية إلى بسنت إلى الموظف نور الدين عاشور، كلها حوادث أحدثت أثرًا كبيرًا فى المجتمع لانتشارها على المواقع وصفحات التواصل، وفى ديسمبر الماضى أصدر المجلس الأعلى للإعلام كود تغطية حوادث الانتحار لضمان التزام وسائل الإعلام بأصول المهنة وأخلاقياتها وتضمن 13 بندًا يتم مراعاتها عند تغطية حوادث أو محاولات الانتحار، أهمها منع وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية من بث مقاطع الفيديو، وعند ضرورة تغطية الحوادث توضع رسالة تحذيرية تنبه الجمهور للمحتوى شديد الحساسية.
وفى كل عام ينتحر أكثر من 700 ألف شخص حول العالم، وكان نصيب مصر من هذا الرقم 2584 حالة انتحار خلال عم 2021 وهو ما وثقه الحصر الذى قام به مكتب النائب العام على مستوى الجمهورية.
ومؤخرًا عقد المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية حلقة نقاشية تناولت "مشكلة الانتحار فى المجتمع المصرى الأبعاد وآليات الوقاية" للوقوف على أبعادها المجتمعية، ومن أهم توصياتها: أن الانتحار مشكلة مجتمعية تتطلب تعاون الجهات المعنية بالقضية، فضلاً عن دعم الوعى المجتمعى بمخاطر المرض النفسى وأهمية علاجه، بالإضافة إلى دعم الوعى المجتمعى حول مخاطر استخدام الإنترنت والألعاب الإلكترونية فى التحريض على الانتحار والترويج للأفكار الانتحارية خاصة بين المراهقين.
كما ناقشت الحلقة ورقة علمية بعنوان "عوامل الخطر وعوامل الوقاية فى التغطية الإعلامية للانتحار"، والتى توصلت لعدد من الحقائق التى تشير إلى أن طريقة تغطية المواقع الإلكترونية تشكل مصدرًا محتملاً للخطر، ولا تتفق مع الكثير من المبادئ والمعايير المهنية المستقر عليها لتغطية الانتحار تغطية مسئولة.
ومنذ أسبوعين تقدم النائب طارق الخولى بطلب إحاطة لوزيرة التضامن الاجتماعى بشأن سُبل مواجهة الانتحار، وأشار النائب إلى أن الإحصائيات أشارت إلى نسب تستدعى النظر فى الأمر وإيجاد خطوات جادة لتوجيه الدعم النفسى والإرشاد الصحيح للمواطنين وبخاصة الشباب.
إن أولادنا وبناتنا يحتاجون التقدير والتقبل كما هم، يستحقون الحب والاهتمام لذاتهم، فلا نقارنهم بأحد، وأى امتحان أو شهادة ليس نهاية الكون، فهم أولادنا سواء أخفقوا أو تفوقوا، ومنحهم الثقة ودعمهم مطلوب والحوار معهم مطلوب أكثر، الصحة النفسية لأولادنا وبناتنا هدف لا يرقى إليه أى هدف آخر.