ماذا تقول الكلمات في حضرة غيابك أيها الحاضرُ الذي لا يغادر قلوب من تعلموا علي يديه ، ومن عملوا معه عن قرب ؟؟
ماذا تقول الكلمات في من تعلم من قلمك الذي كنت تكتب به والورقة التي تكتب عليها؟
حقا لقد كانت مقالتك " ورقة وقلم" عنوانا لسمو أخلاقك وعشقك لـ " صاحبة الجلالة " .
ربما لم تشأ الأقدار أن أكون واحدا من الذين عملوا معك عن قرب ولكن ما سمعته عنك من زملاء في جريدة " الأخبار " وأخواتها من مطبوعات ، ومقالاتك التي كثيرا ما كنت أتعلم منها، تجعل قلمي الذي أُنعيك به الآن ينزف بدلا من الحبر دما حزنا على فقدان قلب مثل قلبك الكبير.
الكل يذكر كم كنت ودودًا، وكم كانت ضحكتك الخصوصية ذات إيقاع ساحر في مناخ العمل، وفي إيقاع أي جريدة كنت تعمل بها وترأس تحريرها ، لقد كان لا يهدأ لك عقل ، ولا تستريح سواعدك منذ أن يبدأ يومك مع مطبوعتك بداية من المادة التي ستنشر ، ومرورا بالشكل، والتصوّر ، حتي أن تصل لـ لحظة ذهابها إلى المطبعة. هكذا كنت أسمع عنك بل كنت أسمع من زملاء كانوا يعملوا معك أنك رجل بلا متاعب خاصة، فلم يسمع من عمل معك عبارات التأوّه، أو الملل، والإعياء في مهنة جميعا يعلم أنها مهنة المتاعب الأبدية، بل إن زملاءَك في العمل كانوا يرجون منك أن تأخذ نصيبك من الراحة، وكنت تقاتل من أجل الحرص على العمل.
لا أجد ما أقوله في حقك أيها الأستاذ بعد أن رأيت هذا الحب الجارف ، وكلمات الرثاء ، وشهادات المحبين لك والمقربين منك سوي هذه الحقيقة أنه " لا خلودَ في دارِ الدنيا لأحَد، لكنّ الأعمال الجليلَة، والآثار الجميلَة، والسنَن الحسَنة، تخلِّد ذكرَ صاحبها بين الناس، وتورثه في حياتهِ وبعدَ موتهِ ذكراً وحمداً وثناء ودعاءً"
فكم من القادة والعلماء والفضلاء والعظَماء قد غيَّبهم الأجل، وطواهم الموت، ولازالت مآثرُهم وآثارُهم ومفاخِرُهم تبعَث في المجالس طيباً، وأريجاً وعَرفًاً، يحمل الناس على عمل الخير، وفعل الجميل؟، والاقتداء الحسَن.