أنا وصديقى كمال الدسوقى من أصول ريفية، ويمكن القول بأننى " فلاح بالوراثة" لكنى درست ثم اشتغلت بالصحافة، وهو فلاح "من بتوع المدارس" لأنه قرأ وبحث ودرس، ثم تخصص فى الصناعة، وحصل على الدكتوراه فى فلسفة الجودة، وهو حاليًا رئيس شعبة المواد العازلة باتحاد الصناعات، ونائب رئيس غرفة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية.
والمعنى مما تقدم أن المقدمات كثيرًا ما تكشف عن النتائج المتوقعة، ونظرًا لأن الدسوقى قد جمع بين خبرة الممارسة العملية، والتخصص الأكاديمى، وخبرات العمل العام، فقد جاء كتابه "الصناعة.. مفتاح الـ 100 مليار" وكأنه استراتيجية واضحة المعالم لتعظيم الصادرات المصرية والوصول بها إلى رقم مائة مليار دولار سنويًا، لكن بشرط أن تكون الصناعة هى مفتاح العبور لما نريد!
نعم.. الدولة لديها رؤية للنهوض بالصناعة المصرية تضمنتها رؤية مصر 2030، وكذلك وزارة التجارة والصناعة لديها استراتيجية للنهوض بهذا القطاع الذى يساهم بحوالى 17% من الناتج المحلى، ويستوعب 15% من العمالة، ويمثل نسبة 15% فقط من الصادرات المصرية.
وهنا يلح التساؤل: هل نستطيع تغيير الوضع الحالى فى القطاع الصناعى، وبما ينعكس على الصادرات المصرية بالإيجاب، وبالزيادة المطلوبة رقميا؟
أعتقد أن كتاب د. الدسوقى يجيب عن هذا التساؤل وبالتفصيل الذى يصل إلى درجة التكرار بين فصوله المختلفة، حيث تم استعراض بعض التجارب الدولية للنهوض بقطاع الصناعة وزيادة مساهمته فى الناتج المحلى، مثل شيلى، وكوريا الجنوبية، والكونغو الديمقراطية.. وبعضها دول نامية لا تختلف كثيرًا عن مصر!
وعلى سبيل المثال فالقطاع الصناعى فى الكونغو يساهم بنسبة 50% من الناتج المحلى، وتصل قيمته فى جنوب إفريقيا إلى حوالى 96 مليار دولار!
والمسألة ليست سحرًا ولا شعوذة، إنما تم تحديد الأهداف، ووضعت السياسات، واتسم التنفيذ بالجدية والاستمرار، فقد طبقت بعض دول شرق آسيا ما يسمى بالاستهداف الصناعى، وطبقت سياسة صناعية انتقائية، دول أخرى اهتمت بالتنسيق بين القطاعين العام والخاص، بضبط سلوك الشركات العاملة فى القطاع الصناعى وتخصيص إنتاجها للتصدير، فضلاً عن الاهتمام بالنظام التعليمى وتأهيل الخريجين وتشجيع ملكات الابتكار والإبداع لديهم.
وقد حققت بعض الدول نتائج مذهلة فى سنوات قليلة، فمثلا السويد انتقلت من فقر مدقع لأغلب مواطنيها إلى تحقيق أعلى دخل للمواطن فى العالم.
كذلك تايوان وكوريا وكانت صادراتهما مقصورة على رقائق الأخشاب وباروكات الشعر، والآن هما من الدول العشرة الأكبر صادرات عالميًا.
والمعنى.. أن الحلم يمكن أن يتحول إلى حقيقة..
فماذا عن الحلم المصرى (100 مليار صادرات)؟ وما معوقات تحقيقه؟!
وإلى الأسبوع القادم.. إن شاء الله