الإفتاء توضح المدة الزمنية التي يجوز فيها للرجل مراجعة مطلقته لعصمته

الإفتاء توضح المدة الزمنية التي يجوز فيها للرجل مراجعة مطلقته لعصمتهالإفتاء

الدين والحياة31-1-2022 | 13:37

ورد سؤال إلى دار الإفتاء يقول فيه صاحبه "ما المدة الزمنية التي يجوز فيها للمُطَلِّق مراجعة مُطَلَّقته لعصمته؟ وما كيفية حسابها؟"، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي:

العدة: من العدِّ؛ وهي أجل معين بتقدير الشارع له، يلزم المرأة عند الفرقة من النكاح، سواء أكانت الفرقة بطلاق أم بفسخ أم بوفاة زوج.

وقد شُرعت العدة لمعانٍ عدة؛ منها: استبراء الرحم، والتعبد لله تعالى بالالتزام بأحكامها، والتفجع على الفُرْقَة، ولا يحلّ للمعتدة الزواج من غير مُطلقها حتى تنقضي عدتها منه.

قال الإمام الأزهري في "تهذيب اللغة" (1/ 69، باب: العين والدال، ط. دار إحياء التراث العربي): [والعِدَّة: مصدر عَدَدْتُ الشَّيْء عَدًّا وَعِدَّةً. وَالْعِدَّةُ عِدَّة الْمَرْأَة شهورًا كَانَت أَو أَقراء أَو وضع حَمْل كَانَت حَمَلَتْهُ من الَّذِي تَعْتَدُّ مِنْهُ. يُقَال: اعْتَدَّتِ الْمَرْأَة عِدَّتَها من وَفَاة زَوجهَا وَمِنْ تطليقه إِيَّاهَا اعْتِدَادًا. وَجمع العِدَّة عِدَدٌ، وأصل ذَلِك كلِّه من العَدِّ] اهـ.

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (3/ 389، ط. دار الكتاب الإسلامي): [-العدة- مدة تتربص فيها المرأة لمعرفة براءة رحمها، أو للتعبد، أو لِتَفَجُّعِهَا على زوج] اهـ.

ومراجعة المرأة من طلاقٍ رجعي لا تخرج عن ثلاثة أحوال:

- فإما أن تكون حاملًا: فانقطاع حقّ الرجعة حينئذٍ يكون بوضع الحمل، بشرط أن يكون مُسْتَبِين الخِلقة، ولو بعد الطلاق بلحظة؛ لقول الله تعالى: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: 4].

- وإما أن تكون آيسة من المحيض: فانقطاعُ الحقّ في المراجعة حينئذٍ بتمام ثلاثة أشهر قمرية من بعد الطلاق؛ لقول الله تعالى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ﴾ [الطلاق: 4]، وسنّ اليأس هو السنّ الذي ينقطع رجاء المرأة فيه من نزول دم الحيض عليها في قابل الأيام، وهو عند السادة الحنفية خمسة وخمسون عامًا قمريًّا، ويشترط للحكم بالإياس في هذه السن أن ينقطع الدم عن المرأة مدة طويلة؛ وهي ستة أشهر في الأصح؛ سواء مضت هذه المدة قبل بلوغ سن الإياس أو بعده؛ قال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار على الدر المختار" (3/ 516، ط. دار الفكر):

- وإما أن تكون من ذواتِ الحيض: فينقطع حقّ الرجعة في هذه الحالة بمُرور ثلاثِ حيضاتٍ على المُطَلَّقة؛ بحيث تكون بداية أُولاها بعد الطلاق، ويُعْرَفُ ذلك بإخبار المُطَلَّقة، وذلك فيما بين ستين يومًا كحدٍّ أدنى، وعامٍ قمريٍّ كاملٍ كحدٍّ أقصى؛ لقول الله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: 228].

والنساء في ذلك مؤتمناتٌ على أرحامهن؛ فالأصل أنهُنَّ مُصَدَّقاتٌ في المسائل التي لا يَطَّلع عليها إلَّا هُنَّ غالبًا، ومنها انقضاء العِدَّة؛ قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (3/ 403): [حكم الرجعة من الصحة وعدمها مبنيٌّ على العدة من قيامها وانقضائها، وهي أمينةٌ فيها مُصَدَّقةٌ بالإخبار بالانقضاء والبقاء] اهـ.

والقول بأن عدة ممتدة الطهر سنة قمرية، هو المفتى به على مذهب الإمام مالك، والذي عليه العمل عند المحققين من الحنفية، والمعتمد عندهم إذا قضى به القاضي، وممن نص على الفتوى بذلك من فقهاء الحنفية: العلَّامة نجم الدين الزاهدي في "المجتبى شرح القدوري"؛ حيث قال: [وقد كان بعض أصحابنا يفتون بقول مالك في هذه المسألة للضرورة، خصوصًا الإمام والدي] اهـ. نقلًا عن "البحر الرائق" للعلامة ابن نجيم الحنفي (4/ 142، ط. دار الكتاب الإسلامي)، والعلامة الطحطاوي في "حاشيته على الدر المختار" (2/ 217، ط. بولاق).

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2