تحل اليوم الذكرى الأولى لوفاة النجم الكبير عزت العلايلي، وأحيا نجله محمود العلايلي ذكراه من خلال كلمات مؤثرة قام بنشرها عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك قائلا:
"يوافق اليوم بالتحديد الذكرى السنوية الأولى لوفاة والدى، الفنان عزت العلايلى، وبالرغم من تمسكى بعدم تناول أى شأن شخصى على هذه الصفحات، فإننى أستسمح قارئتى وقارئى بكتابة، ولو نبذة عنه، باعتباره شخصًا عامًا أولًا، وباعتباره والدى فى مقام آخر".
وأردف قائلا: حصل العلايلى على العديد من الجوائز الفنية، بالإضافة إلى وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى، وكان يسعد جدًا بتكريمه سواء من المهرجانات الدولية أو المؤسسات المحلية لشعوره أن هذا- بجانب احتفاء الجمهور- هو المردود الحقيقى للفنان، وهو ما كان يُشعره بالامتنان فى شهوره الأخيرة لتكريمه فى مهرجان الإسكندرية السينمائى، والشروع فى تكريمه فى مهرجان شرم الشيخ.
وقال: كان والدى دائمًا ما يدمج حكاياته- عن مشواره الفنى من بدايته منذ مرحلة الطفولة باستخدام السرير وملاءته كخشبة وستارة مسرح مرورًا بالدراسة فى المعهد العالى للفنون المسرحية وتأثره بدراسته وأساتذته، وصولًا إلى الاحتراف فى المسرح والسينما والتليفزيون- بأحداث اجتماعية وسياسية موازية، وهو ما جعله متسقًا مع مجتمعه وحركته، وكانت نشأته فى حى «السيدة» منبعًا مهمًا للثقافة المحلية المصرية المُجمَّعة، حتى حار الكثيرون فيما إن كان من أصول صعيدية أم أنه من أبناء الوجه البحرى.
وأشار قائلا: كانت مساحة المغامرة محدودة فى مشوار أبى الفنى، وكنت أمثل الوجه الجرىء بالنسبة له عندما كان يسمح لى بطرح الرأى فى عمله الفنى، إلا أن تفكيره المحافظ هو ما كان يغلب محاولات بعض زملائه ومحاولاتى للقليل من التغيير، إلا أن ما كان يدهشنى أنه فى السادسة والثمانين من عمره كان يفكر فى مشروعاته الفنية المقبلة بنفس حماس ابن الثلاثين.
كان عزت العلايلى يتسم بالقلق الفنى الشديد، وكان يوافق ويرفض نفس العمل أكثر من مرة فى اليوم الواحد، وكان ذلك النمط يزداد كلما تقدم فى العمر لأنه كان دائمًا يحتاط لرصيده الفنى السابق أكثر مما يتحسب مستقبل العمل الجديد، وكان موضوع قلقه مادة للتندر- لا ينكرها- بيننا وبين بعض الفنانين، الذين كانوا بمثابة أصدقاء مشتركين، والذين كنت أجدهم أحيانًا- بعد أن ييأسوا فى الوصول معه إلى قرار- يتصلون بى بطلب واحد دون اتفاق بينهم، وهو: كلم أبوك.
كان أبى دائمًا ما يذكر والده- الذى لم أرَه- بنوع من الحنين والصداقة، التى لم أعهدها فى الثقافة المصرية، التى قدمت آباء ذلك الزمن بالصورة النمطية للأب التقليدى، وهو ما انعكس على علاقتنا فى سن معينة عندما تَشارَكنا الاهتمامات وصار لنا أصدقاء مشتركون وكنا نخرج وندخل معًا بحكم السكن المجاور والدعوات المشتركة إلى نفس الفعاليات، وهو النموذج الذى أكسبنى أوفى صديق وأعزهم على مدار عمره وعمرى.
كانت جدتى لأبى محل حب شديد من ناحيته، كما كان هو بالنسبة لها أيضًا بحكم أنه بكرها ووحيدها على خمس بنات، بينما كانت أمى تمثل لوالدى أيقونته المقدسة، فقد كانت الحبيبة التى يجاهر بعشقه لها، وكان يرجع إليها فى كل ما يخصه ثقة وحبًا، وكان والدى يُعلى من شأنها فى وجودها وغيابها بكل احترام، حتى وكأنه قد ماتت روحه بفقدانها قبل أربع سنوات من وفاته، وصار تائهًا فى مكانه حتى يبدو لى أنه قد آثر الرحيل مستسلمًا لوحدته بهدوء فى كامل صحته، خصوصًا بعد وفاة أخته الأقرب إليه سنًا وروحًا قبله بحوالى شهرين وإحساسه أنه فقد آخر رفاق الرحلة.
وأخيرًا..
كان والدى هذا النوع من الآباء الذى يستيقظ ليلًا أكثر من مرة ويمر على غرفنا ليتأكد من إحكام أغطيتنا ويقوم بفردها وإحكامها برفق على مَن انحسر عنه الغطاء، وقد ظل مداومًا على عادته بالاهتمام بنا بكل حب وشغف، على الرغم من نضوجنا وتقدم عمره، حتى إننا لم نفقد دفأه أبدًا إلى أن رحل.