ارتفع متوسط عدد زوار معرض القاهرة الدولي للكتاب إلى حوالي نصف مليون زائر يوميًا، مع أول أيام إجازة منتصف العام الدراسي صباح الجمعة الماضي، ليفوق عدد زوار المعرض في أيامه الأربعة الأخيرة، إجمالي عدد زائريه طوال أيامه التسعة الأولى، الأمر الذي يتأكد معه مجددًا ضرورة أن تهتم الحكومة، بأن تتزامن إجازة منتصف العام الدراسي، مع موعد معرض القاهرة الدولي للكتاب، ولا يصح الطرح هنا بأن يحدث العكس، فتُقرر وزارة الثقافة موعد المعرض قياسًا على موعد الإجازة، المعرض موعده على الأجندة الدولية الأربعاء قبل الأخير من يناير، وأقصى ما تستطيعه هيئة الكتاب ترحيله أسبوعًا واحدًا كما حدث في دورة هذا العام.
كما لا يصح طرح فكرة أن مواكبة إجازة منتصف العام الدراسي موعد المعرض تؤثر سلبًا على الموسم الدراسي، أصحاب الطرح ينسون أن الموسم الدراسي في الأصل بدأ متأخرًا في أكتوبر العامين الماضيين نتيجة انتشار وباء كورونا، مطلوب إذًا أن يعود الموسم الدراسي ليبدأ منتصف سبتمبر كالمعتاد تاريخيًا، وقتها تعود إجازة منتصف العام الدراسي أو الجزء الأكبر منها على الأقل ليتزامن مع دورة معرض القاهرة الدولي للكتاب، دبت الحياة بالفعل دون أي مبالغة في أوصال المعرض في أيامه الأربعة الأخيرة، بعودة الحشود الكبيرة على شبابيك التذاكر والبوابات والقاعات والأجنحة والندوات والطرقات والساحات والحدائق والمطاعم، ولم يكن الشباب إلا في صدارة المشهد.
الشباب هو كلمة السر في كل وقت أو هكذا يجب أن يؤمن الجميع، حضور الشباب كان لافتًا في دورة معرض الكتاب هذا العام على كافة المستويات، حتى صار متوهجًا مع حضور شباب الزائرين مع بداية إجازة منتصف العام الدراسي في أيام المعرض الأربعة الأخيرة، قبلها تواجد الشباب بقوة في صفوف المنظمين سواء فيما يتعلق بالخدمات الإدارية أو التنسيقية أو التوجيهية، وتواجد الشباب أيضًا في صفوف العارضين في معظم أجنحة دور النشر، كما تواجد شباب الكتاب وسط صفوة الكتاب بكتب أولى أو عناوين جديدة أو ألق خاص بالحصول على إحدى جوائز المعرض أو خطف أضواء الكاميرات في جلسات الحوار وحفلات التوقيع.
تواجد كذلك شباب مجموعات القراءة على السوشيال ميديا، وتباروا في نقل فعاليات المعرض على الهواء مباشرة على شبكات التواصل الاجتماعي، كما تسابقوا في الحصول على الصور الفوتوغرافية مع الناشرين والكتاب الحاضرين من مختلف الأجيال، وأيضًا مع ماكيتات كبار الكتاب الراحلين أو الغائبين لظروف مرضية متعهم الله بالعمر والصحة، أما صحافة معرض القاهرة الدولي للكتاب ورقية أو رقمية، فلم تكن قائمة في الأصل إلا على فرق من الشباب، شكلوا خليات عمل انتشرت في كافة أنحاء المعرض حتى أنه لم يفتها صغيرة أو كبيرة إلا وضعتها أمام المهتمين والمتابعين في التو واللحظة، كان إيقاع الجميع سريعًا يواكب إيقاع العصر بلا أي مبالغة.
كل هذا الشباب جدد حياة وحيوية معرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته الـ53 هذا العام، حتى أن اسم مجلة المعرض اليومية "الكتاب 50+3" جاء بمثابة رسالة بأن المعرض هذه الدورة يُولَدُ من جديد عفيًا مواكبًا لتحديات العصر وأفكاره وأدواته، ولم تكن الهيئة العامة للكتاب هذا العام إلا قائدة بحق لتحول كبير نحو إعادة التأسيس لصناعة النشر، تطور ملحوظ في التواصل والتفاعل والتسويق والبيع والتوصيل، ودعم برنامج مهني يقدم رؤية استراتيجية مبشرة لمستقبلها، صحيح هو خطوة أولى على طريق الألف ميل، لكن أي إنجاز لم يبدأ يومًا إلا حُلمًا، انتهى معرض القاهرة الدولي للكتاب، لكن الحديث عنه يستحق وأن يظل متواصلًا ومستمرًا.