ردًا على ما يثار حاليًا فى بعض وسائل الإعلام عن إنكار معجزة الإسراء والمعراج أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان بأنه سيرد من الجانب الأثرى والتاريخى الذى يؤكد صدق القرآن الكريم فى حادثة الإسراء والمعراج أمّا الجانب الدينى فعلماء الأزهر الشريف قادرون على تغطية هذا الجانب.
وأوضح الدكتور ريحان أن حادثة الإسراء والمعراج تحولت إلى واقع أثرى ببناء المسجد الأقصى الحقيقة الدينية والأثرية والتاريخية التى تؤكد معجزة الإسراء والمعراج حيث أن أول حفائر أثرية بالتاريخ قام بها الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه عند فتحه القدس 15 هـ، 636م فإن أول ما فعله هو البحث عن مكان المسجد الأقصى والصخرة المقدسة الذى عرج منها الرسول الكريم إلى السماء واضعًا نصب عينيه الرواية التى سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء وهذه شهادة من الخليفة عمر بن الخطاب على صدق المعجزة.
ولفت الدكتور ريحان إلى سؤال الخليفة عمر بن الخطاب صحابة رسول الله وكعب الأحبار (وهو من اليهود الذين أسلموا ) والبطريرك صفرنيوس بطريرك القدس عن موضع البقعة المباركة التى أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم إليها، وصلى فيها إمامًا بجميع الأنبياء وليس المسجد كبناء حيث أن المسجد لم يبن وقت الإسراء وإنما المقصود بها المكان والمقصود بالآية الكريمة {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} هو المكان وليس البناء فلم يكن الرسول الكريم قائمًا يصلى فى المسجد الحرام حين حادثة الإسراء بل كان فى بيته والمقصود بالمسجد الحرام هنا مكة المكرمة كلها ولا تقتصر على الكعبة المشرّفة فقط و المسجد الأقصى هى القدس كلها ولكن البقعة الذى أسرى منها هى منزله فى مكة والبقعة الذى أسرى إليها هى موضع البحث من الخليفة عمر بن الخطاب فى القدس .
والمقصود بالصخرة المقدسة هى الصخرة التى عرج منها إلى السموات العلا، وقد عثر الخليفة عمر بن الخطاب على مكان المسجد الأقصى والصخرة المقدسة وكان المكان مطمورا بالأتربة التى تكاد تخفى معالمه وهذه شهادة أخرى من كعب الأحبار والبطريرك صفرنيوس حين دلوا الخليفة عمر بن الخطاب على الموقع بصدق المعجزة .
ونوه الدكتور ريحان إلى أنه حين رفع الخليفة عمر بن الخطاب الأتربة التى غطت المكان بفعل الزمن وجد أن المكان خال تمامًا من بقايا أى مبانى سابقة، رغم ما يزعمه اليهود بأن تيتوس الرومانى دمر الهيكل الثانى عام 70م، فعندما رفع الخليفة عمر بن الخطاب الأتربة لم يكن هناك ولو حجر واحد من مبانى سابقة ولا أى شواهد أثرية تدل عليه وهذا طبيعى فإذ لم يكن هناك هيكل أول، فبالتالى لايوجد هيكل ثانى، وأمر عمر بن الخطاب بإقامة مسجد موضع المسجد الأول وإقامة ظلة من الخشب فوق الصخرة المقدسة والموجود حاليًا ضمن مساحة المسجد الأقصى الشاملة.
وتابع الدكتور ريحان بأنه فى عهد الخليفة الأموى عبد الملك بن مروان بنى قبة الصخرة فوق الصخرة المقدسة عام 72هـ 691م وهذه شهادة منه وتحقيق لمكان الصخرة المقدسة الحقيقى ثم بنى الخليفة الوليد بن عبد الملك المسجد الأقصى عام 86هـ 709م الماثل أمام العالم حاليًا والتى تقوم سلطات الإحتلال بأعمال حفائر نتيجتها حتى الآن هى الكشف عن آثار إسلامية والحفائر مستمرة للبحث عن أى تواجد يهودى دون جدوى كما تهدف الحفائر أيضًا إلى تفريغ التربة من أسفل المسجد الأقصى بحفائر وهمية غير علمية لتهديد الأقصى بالانهيار فى أى لحظة من جرّاء زلزال أو حادث عارض بعد أن فشلت كل المحاولات الأثرية والتاريخية لإثبات وجود الهيكل المزعزم .
وينوه الدكتور ريحان بأنه حين يأتى أحد الأشخاص من غير المتخصصين فى العلوم الدينية أو الآثار أو التاريخ وينكر معجزة الإسراء والمعراج فهو يقدم لهم شهادة على طبق من فضة بأن المسجد الأقصى وهم ويحق لهم هدمه باعتبار الأقصى هو الشاهد الأثرى على معجزة الإسراء والمعراج فإذا أنكرنا المعجزة فلا حاجة لنا إلى المسجد وبالتالى يحق لسلطة الاحتلال هدمه وبناء الهيكل المزعوم الذى يخططون له منذ سنوات والذى لا يستند على أى حقائق أثرية أو تاريخية أو دينية .
وأكد الدكتور ريحان من خلال دراسة علمية موثقة منشورة فى مجلة الاتحاد العام للآثاريين العرب أن الحقائق الأثرية الدامغة تؤكد عدم وجود هيكل يهودى أسفل المسجد الأقصى وقد تم الفصل فيما يدعيه اليهود باسم حائط المبكى على أنه من بقايا الهيكل القديم منذ عام 1929، وجاء فى تقرير لجنة تقصى الحقائق التى أوفدتها عصبة الأمم السابقة على الأمم المتحدة، "أن حق ملكية حائط المبكى (البراق) وحق التصرف فيه، وفيما جاوره من الأماكن موضع البحث فى هذا التقرير هى للمسلمين لأن الحائط نفسه جزء لا يتجزأ من الحرم الشريف".
وتابع بأن كل ادعاءات سلطة الاحتلال ثبت كذبها ومنها الإدّعاء بكشف مبانى يطلق عليها إسطبلات سليمان، وجاءوا بعالمة الآثار البريطانية كاثلين كينيون، لتؤكد صحة هذا الكشف وقامت بأعمال حفائر بالقدس وطردت من فلسطين بسبب فضحها للأساطير الإسرائيلية حول وجود آثار لهيكل سليمان أسفل المسجد الأقصى، واكتشفت أن ما يسميه الإسرائيليون مبنى إسطبلات سليمان ليس له علاقة بنبى الله سليمان، ولا إسطبلات أصلًا بل هو نموذج معمارى لقصر شائع البناء فى عدة مناطق بفلسطين، ولقد نشرت هذا فى كتابها (آثار الأرض المقدسة)، وهذا رغم أن كاثلين كينيون جاءت من قبل جمعية صندوق استكشاف فلسطين التى أسستها المنظمات الصهيونية لغرض توضيح ما جاء فى الروايات التوراتية.
وحتى الأدلة الدينية على بناء الهيكل فهى وهمية كما يشير الدكتور عبد الرحيم ريحان حيث تذكر سلطة الاحتلال أن نبى الله سليمان بنى هيكلًا لليهود مقصود به مكان لحفظ تابوت العهد، وأن هذا الهيكل يزخر بالرموز الوثنية والأساطير الخاصة بعبادة الآلهة الكنعانية مثل بعل وغيره، وأن نبى الله سليمان بنى الهيكل لإله اليهود يهوه أو ياهو وهذا يعنى أن الهيكل بنى لحفظ تابوت العهد، كما يدّعون وأن نبى الله سليمان كان يعبد إلهًا غير الذى كان يعبده باقى الأنبياء، وأنه كان من عبدة الأوثان.
ويرد الدكتور ريحان على هذا بأن القرآن الكريم ذكر ملك نبى الله سليمان، وليس من بينه هيكل وثنى بل كان له قصر عظيم من الزجاج الصافى شاهدته بلقيس ملكة سبأ، وعندما تأكدت أنه نبى الله أتاه الملك والعلم والنبوة وليس فقط كسائر الملوك آمنت وأسلمت لله رب العالمين وليس لياهو إله بنى إسرائيل، والذى كان يعبده نبى الله سليمان كما يدّعون، وهذا ينفى تمامًا بناء نبى الله سليمان لهيكل لليهود
وذكر الدكتور ريحان أن حقائق التاريخ تؤكد عدم وجود تابوت العهد بفلسطين أيام مملكة نبى الله سليمان، وتابوت العهد هو صندوق مصنوع من خشب السنط أودع به لوحا الشهادة اللذان نقشت عليهما الشريعة، وتلقاها نبى الله موسى عليه السلام بسيناء، وكان بنى إسرائيل يحملونه معهم أينما ذهبوا، وذكر تابوت العهد فى التوراة 200 مرة لكنه لم يذكر فى الكتب التالية على التوراة، وأيضًا لم يكن فى قائمة الممتلكات التى أخذتها جيوش نبوخذ نصر عند انقضاضه على أورشليم 586 ق م، ولم يذكر عند بناء الهيكل الثانى، كما يدّعى اليهود على يد ملك الفرس كورش.
وتابع بأن تابوت العهد ذكر فى القرآن الكريم أيام أول ملك لبنى إسرائيل، وهو طالوت (الذى تذكره التوراة باسم شاؤل) وكانت حدود مملكة طالوت خارج مدينة القدس، حيث أقاموا أول معبد لهم فى مدينة جبعون وكان اليبوسيون العرب يحكمون مدينة القدس، ويؤكد كل هذا أن تابوت العهد فقد من اليهود لأنهم لم يحافظوا على ما جاء فى لوحى الشهادة، وبهذا تنتفى كل الأسباب الدينية لبناء الهيكل وبالتالى فلا وجود له دينيًا أو تاريخيًا أو أثريًا.