بالصور: سوق الجمعة ليس اختراعا مصريا.. سوق الجمعة فى طرابلس، وعمان، والكويت، والفجيرة، والخرطوم، وبغداد..
بالصور: سوق الجمعة ليس اختراعا مصريا.. سوق الجمعة فى طرابلس، وعمان، والكويت، والفجيرة، والخرطوم، وبغداد..
[gallery type="slideshow" columns="1" size="large" ids="9870,9871,9872,9873,9874,9875,9876,9877,9878,9879,9880,9881,9882,9883,9884"]
كتب: على طه
الأسواق اختراع بشرى..وسوق الجمعة اختراع مصرى .. هذا ما يظنه البعض ومنهم كاتب هذه السطور لكن الحقيقة غير ذلك، فسوق الجمعة موجود فى كل العواصم العربية من الخليج إلى المحيط، لكن بأشكال وهيئات مختلفة، باختلاف البلد وعاداته وتقاليده ومستوى أهله الاقتصادى والاجتماعى وثقافتهم .. إلخ .. وبالصورة والكلمة نأخذكم لنزور معا سوق الجمعة فى بلاد العرب فتفضلوا.
نبدأ بالقاهرة بلد المنشأ وأشهر "سوق جمعة" فيها هو سوق السيدة عائشة وسمى بهذا الاسم لأنه يمتد على مساحة تبدأ من ميدان السيدة عائشة بطريق صلاح سالم إلى كوبري التونسي، وأول ما يطالعك - فى جولتك - من السوق طيور الزينة والعصافير، ومن بعدها سوق الملابس، ثم الأنتيكات والتحف، فسوق الحمام ومن بعدها سوق الكومبيوتر والساعات والنظارات، ثم سوق الكلاب والحيوانات والطيور فسوق "الموبايلات" ، ثم بعد ذلك سوق الحديد الخردة.
وهواة تربية الحمام كالزاجل والكرزلات والعبسي، سوف يجدون طالباتهم متوفرة فى السوق إضافة إلى الصقور المعروضة للبيع، وزبائنها في معظمهم ينتمون إلى دول الخليج، وليس ببعيد عن الصقور أقفاص الخفافيش والبوم والوطاويط.
وعلى بعد خطوات هناك أنواع مختلفة من الكلاب سوف تقابلك يقبض على زمامها أصحابها، ومنها الشرسة والأليفة، وأنواعها كثيرة منها، "البوكسر والدنوار"، أما عن الأسعار فتتراوح ما بين 400 جنيه حتى 30 ألف جنيه مصري بحسب النوع والسلالة، ليس الكلاب فقط فكذلك تباع في السوق القطط بكل أنواعها، ويمكنك أن تجد القرود والتماسيح الصغيرة والثعابين والسلاحف التى يعشقها الأطفال
ومن الحيوانات إلى أجهزة الكومبيوتر وملحقاتها، وشاشات الكومبيوتر المستعملة تعرض فى «أكوام»، أما المكونات الأخرى فستجدها بوفرة سواء كانت جديدة بـ "كرتونتها" أو سبق استخدامها، فهناك الأقراص الصلبة و "البوردات والبروسسور" ولوحات المفاتيح والطابعات والماوسات وفلاتر الشاشات وسماعات الصوت وحتى الأسطوانات (سي دي) المحملة بالأفلام العربية أو الأجنبية، و "الريموت كنترول" وأجهزة التلفزيون القديمة وأطباق الاستقبال "الدش" وأجهزة الجوال وملحقاتها.
ومن التكنولوجيا الرقمية إلى المستلزمات الطبية موجودة أيضا في السوق بسعر قليل يناسب الفقراء، ومعظمها يكون درجة ثانية في التصنيع، ويمكنك شراء الأربطة والضمادات والأحزمة الطبية التي تستخدم لعلاج الكسور، وكذلك مستحضرات التجميل تباع بكثرة، فهناك كريمات العناية بالبشرة ومثبتات الشعر إلى جانب الشامبوهات وأنواع الصابون والزيوت المختلفة ودهانات الجلد والعطور وأدوات التجميل الخاصة بالمرأة.
وحتى الأنتيكات والتحف لها مكانها في السوق ولها أيضا زوارها، منهم المصريون ومنهم الأجانب، وللمثقف نقول: لن تخذلك سوق الجمعة، فهناك باعة متخصصون في تجارة الكتب القديمة وأثمان الكتب بين 3 جنيهات و10 جنيهات.
وتشغل الأثاثات والموبيليات حيزا كبيرا من السوق، فعند تجولك تشاهد غرف النوم والاستقبال والمطابخ الخشبية معروضة على الأرصفة، رخيصة الثمن سواء كانت غرفا جديدة أو مستعملة من قبل، ويمكنك أن تشتري غرفا كاملة أو قطعة منها حسب احتياجك.
هناك أيضا بائعو الخردة، ومعروضات السيراميك والألوميتال التى تقبع عند نهاية السوق، وفيها يعرض السيراميك قليل الجودة "فرز ثانٍ" إلى جانب كسر السيراميك، ومعه أطقم الحمامات، أما الأبواب والشبابيك القديمة والمصنوعة من الألوميتال فستجدها هناك أيضا وبسعر يقل كثيرا عن سعرها الحقيقي.
الجمعة فى الإسكندرية
ليس القاهرة فقط فهناك فى الإسكندرية سوق جمعة شهير تعقد فى مكان قريب من ميناء الإسكندرية وتمتد من ناحية ترعة المحمودية وحتى القباري، حيث يفترش الباعة الأرض في محيط ما يعرف ببورصة مينا البصل الواقعة بشارع عبد العال حلمي (الأسكاريدس سابقا) ، وعملية اللبيع والشراء فى السوق تبدأ من الخميس بعد الظهر، والجمعة، حتى منتصف نهار السبت، وتعرض موبيليا قديمة، وأجهزة كهربائية مثلها، وملابس وأحذية، و تحف تعرضت للتلف أو للخدش أو للكسر، وهناك أيضا الساعات، ملابس، أثاث، أنتيكات متنوعة، أدوات صحية، أجهزة كهربائية، تحف ونجف، عملات نادرة، هواتف قديمة وأخرى حديثة جوالة، أدوات صيد وماكينات، لوحات فنية، قطع غيار سيارات، وقريب من كل هذه المعروضات هناك سوق الخضر والفاكهة، كل هذا وأكثر اجتمع في مكان واحد.
أبو ظبى
وفى بلاد الخليج الغنية أيضا هناك "سوق الجمعة" .. فى أبو ظبي تأسس هذا السوق على يد أحد المواطنين ويدعى خميس الذي كان يحمل بعض البضائع من أسواق الفجيرة وسوق "دبا" الشهير، كالأسماك المجففة وبعض السعفيات، ويجلس مستظلاً بشجرة سمرة على الطريق ليبيعها، وبمرور الوقت، بدأ كبار السن في المنطقة بمجالسته ومؤانسته، ثم تطور الأمر ليبادر كل منهم بجلب منتجاته الخاصة كالعسل والسمن والأجبان المجففة “تسمى اليقط” وغيرها من المنتجات المحلية لعرضها وبيعها.
بعد ذلك، بنيت دكاكين وكان السوق يبقى قائماً من الصباح حتى وقت الظهر، وتوسع فصار يستمر إلى ما بعد صلاة الجمعة وحتى أخر النهار، ما دفع أصحاب الدكاكين بجلب عمال المزارع يوم الجمعة لينوبوا عنهم في السوق خلال وقت الصلاة، وهكذا تراجع وجود المواطنين في السوق، وحل مكانهم تدريجياً الآسيويون.
الفجيرة
وفى إمارة الفجيرة يقع سوق الجمعة بين جبال الساحل الشرقي، والوديان التي تتميز بها المنطقة، ما يجعله وجهة متميزة للنزهات العائلية، إضافة إلى كونه يوفر بضائع متعددة ومختلفة تكاد لا تتوفر إلا في محاله، ومنها الفخاريات والأكلات الشعبية، ومنتجات المزارع المحلية، إضافة إلى أنواع مختلفة من السجاد المتنوع، حيث يصفه البعض بأنه يكاد يكون السوق الأرخص على مستوى الدولة.
وتنتعش حركة البيع والشراء في سوق الجمعة في الفجيرة، تزامنا مع انخفاض درجات الحرارة وانتهاء فصل الصيف، حيث لا يزال السوق يحافظ على أهميته وبريقه كسوق شعبي رئيسي على مستوى الدولة، بالرغم من انتقال معظم قاصدي الساحل الشرقي إلى شارع الشيخ خليفة الجديد، حيث لا يزال كثير من الأهالي والسياح يقصدون الطريق القديم، بهدف المرور على سوق الجمعة لقضاء احتياجاتهم، خصوصا خلال الإجازات وعطلة نهاية الأسبوع.
الكويت
فى الكويت يفتح "سوق الجمعة" أبوابه وتفرش البضاعة على بسطاته ثلاثة أيام في الأسبوع، تبدأ من بعد ظهر الخميس، وتنتهي بعد صلاة العشاء من يوم السبت، وهذا أمر يعرفه الجميع، فينطلقون معه لشراء احتياجاتهم، سواء من البضاعة المستعملة و الأنتيكات، أو الجديدة منها، لكن هناك مشكلة تؤرق البعض بخصوص هذا السوق وهى العمالة التي تبيع وتشرف على تلك البسطات، وكثيرا ما لاحظ رواد السوق كيف خلت الغالبية العظمى من البسطات من البائعين عندما نفذت وزارة الداخلية حملات أمنية على السوق، ما يؤكد أن الغالبية العظمى من بائعي السوق مخالفون، إما للإقامة، أو "للعمل لدى الغير".
وسوق الجمعة فى الكويت يحتوي على منتجات رخيصة والزبون يقوم بفحصها قبل الشراء والسوق له سمعة طيبة منذ افتتاحه من عدة سنوات ولا توجد أي شكاوى الا نادرا، والمواطن الكويتي هو الأكثر إقبالا على الشراء من الوافد وهذا دليل على جودة المنتجات.
طرابلس الثائرة
سوق الجمعة فى طرابلس الليبية صار الآن بطعم الثورة.. بوابته تشير إلى ذلك، وقد نشأت السوق تاريخياً فى قرية "عمر بن العاص" التي أسسها بعض النازحين من الأندلس من المسلمين واليهود، وكان أغلبهم من الصناع والحرفيين الذين جعلوا منها مركزاً تجارياً وحرفياً هاماً وسط مزارع ساحل طرابلس فصنعوا الأواني والسيوف والأدوات الزراعية والجلدية وغيرها، مما جعل من قرية "عمر بن العاص" قبلة لقاطني المنطقة توفر لهم احتياجاتهم المختلفة، وقد صار هؤلاء يستغلون رحلاتهم إلى القرية لتسويق منتجاتهم الزراعية والحيوانية، وهي رحلات ما لبثت أن انتظمت لتصبح سوقاً ثابتاً ينعقد يوم الجمعة من كل أسبوع ليجمع فلاحي الساحل بحرفيي عمر بن العاص إضافة إلى البدو الرحل المقيمين في أطراف وبعض مناطق ساحل طرابلس، واتسع نشاط السوق فيما بعد ليستقطب أهالي طرابلس داخل المدينة والنازحين لمنطقة تاجوراء ووما جاورها.
عمان.. سوق كل الطبقات
فى العاصمة الأردنية عمان سوق الجمعة، أو "Friday Mall" كما يحب الشعب الأردني أن يسميه، هو باختصار سوق كبير يجمع تناقضات كثيرة؛ فتجد فيه أثمن الماركات العالمية بأرخص الأسعار، وهو مكان يتوجه إليه الفقراء المعدمون والطبقة الوسطى، ويشاع بأنه محطة للأثرياء أيضاً، فهو سوق يشهد اكتظاظاً طبقياً كبيراً، ويجمع كل هذه التناقضات، ويرى بعض المهتمين بالشأن العام فى الأردن أنه يجب كسر الحواجز الاجتماعية بدلاً من تعزيزها وإعلاء سورها، فالمشكلة هنا ليست في المكان وطبيعته، بل في إنكار حقيقة الذهاب إليه من باب الترفع والتعالي على الآخرين.
فى الخرطوم وباقى العواصم
وفى الخرطوم عاصمة السودان هناك أيضا سوق للجمعة يبيع المنتجات التى اشتهرت بها المدينة من توابل إلى مصنوعات جلدية وغيرها، وفى بغداد أيضا هناك سوق للجمعة ينطبق عليه كثير مما قلناه عن الأسواق السابقة وهكذا يمضى الأمر لينتهى بنا إلى الحكم بأن العرب اختلفوا على أمور كثيرة لكنهم اتفقوا على إقامة أسواقهم الشعبية الرخيصة يوم الجمعة.