التسول ظاهرة قديمة مرتبطة بوجود الفقر فى المجتمع، وتدرجت وحدث لها تطور وأصبحت متجددة ومبتكرة، ويعتبر التسول من المهن المربحة، فهناك متسولون يمتلكون الملايين، المتسولون لديهم دائمًا عدة شغل وأساليب تتطور دائمًا، من المقشة فى الشارع وصولاً للتسول الإلكترونى.
وقد تطور التسول تكنولوجيًا ليساير العصر، فالمتسول فى الشوارع لم يعد مقنعًا، ولذلك طوروا مهنتهم ولجأوا للتسول الإلكترونى عبر وسائل التواصل الاجتماعى بتوجيه نداءات الاستغاثة بداعى الفقر تارة أو المرض تارة أخرى، وسيدات يناشدن أصحاب القلوب الرحيمة لتوفير الغذاء لأطفالهن وأنهن مطلقات أو أرامل بلا دخل، أو التى أصيبت بمرض خبيث وتطلب المساعدة من أجل العلاج أو إجراء عملية جراحية.. هؤلاء وهؤلاء يندرجون تحت جريمة النصب، وتنوع أشكال وأساليب التسول الإلكترونى تؤكد أن وراءها عقولاً مدبرة، وهناك مواسم ينتشر فيها مثل شهر رمضان والأعياد وهو ظاهرة معقدة والتغلب عليها يواجه تحديات بسبب طبيعتها وأشكالها المتغيرة.
نصّاب الدقهلية أدار صفحة على فيسبوك لجمع التبرعات، ويدعو الأشخاص للتبرع لبعض الحالات الإنسانية وينشر فيديوهات لها على صفحته.
وتلقى تحويلات بالعملة الأجنبية من بعض الأشخاص على حساب بأحد البنوك ويقوم باستبدالها بالعملة المحلية خارج نطاق السوق المصرفية والاستيلاء على تلك المبالغ لنفسه.. تحريات الأموال العامة أكدت نشاط المتهم وتمكنت من ضبطه، وبلغت حجم تعاملاته خلال عامين قرابة 2.5 مليون جنيه، كما ألقت أجهزة الأمن القبض على متسول ظهر فى مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعى يتفاخر بعمله وتمكنه من جمع 50 ألف جنيه شهريًا حصيلة التسول.. وفيديو آخر لمتسول كان يشترى سجائر من أحد الأكشاك، ويطلب من مصور الفيديو العمل معه مقابل 200 جنيه يوميًا!
التسول الإلكترونى أصبح حرفة، وأصبحت شبكات التواصل الاجتماعى مرتعًا للمتسولين، يروّجون لقصص مكررة وأحداث متشابهة، وعادة ترتبط تلك الظاهرة بجرائم أخرى منها الاتجار بالبشر والتستر وبعض حالات العنف والإيذاء، وكلها جرائم يعاقب عليها القانون.
ومن العجب أن القانون الخاص ب التسول صدر عام 1933، أى مضى على صدوره حوالى 90 عامًا، وقد حاول البرلمان السابق أن يقدم مشروع قانون جديدًا لمواجهة ظاهرة التسول إلا أنه لم ير النور.
ننتظر صدور قانون جديد يستهدف القضاء على التسول، عبر تشكيل شرطة تقوم بضبط أى متسول، وعمل بحث لمعرفة هل لديه دخل أم لا؟! وإذا كان يتقاضى دخلًا تتم معاقبته، وإذا كان بدون دخل تتدخل الحكومة لتوفير فرصة عمل له، وإذا تسول ثانية يتم توقيع عقوبة مشددة عليه.
إن التقديرات المتداولة عن أعداد المتسولين غير دقيقة ولا نعلم عددهم الفعلى، لكن هناك حاجة ملحة لوجود مواجهة حقيقية اجتماعية وإنسانية لحل مشكلة التسول والتى انتشرت كنتيجة مباشرة لتدهور أوضاع الأسرة وتزايد معدلات الفقر، حفاظًا على أمن المجتمع واستقراره وصورته اللائقة.