عاطف عبد الغنى يكتب: اللهم اكفنا شر الأغبياء

عاطف عبد الغنى يكتب: اللهم اكفنا شر الأغبياءعاطف عبد الغنى يكتب: اللهم اكفنا شر الأغبياء

*سلايد رئيسى11-3-2017 | 00:37

الكيان الذى قام قبل أكثر من 3 آلاف عام فى الجزء الجنوبى الغربى لبلاد الشام (فلسطين) وحمل اسم مملكة إسرائيل تلك التى سكنتها قبائل منسوبة إلى نسل نبى الله يعقوب (إسرائيل) لم نعرف أخباره –تقريبا- إلا من العهد القديم (التوراة).
ويقدر دارسو العهد القديم أن هذا الكيان لم يعش أكثر من 120 عامًا حددوها فى الفترة ما بين أعوام 1050 وحتى 930 قبل الميلاد، وفى معظم هذه السنين قام نبيا الله داود وابنه سليمان (سلام الله عليهما) على حكم هذا الشعب صعب الرقبة – حسب وصف الإله الوارد عنهم فى كتابهم المقدس - حكماهما بالحديد والنار، وبعد رحيل سليمان انقسم الكيان إلى كيانين إسرائيل، ويهوذا، وتفرقت القبائل بينهما ودخلا فى حروب طويلة ومريرة ضد بعضهم، هذا غير الحروب التى دخلاها ضد جيرانهما من الفلسطينيين وغيرهم من الشعوب، كما تخبرنا التوراة أيضا وظل الأمر على هذا الحال حتى أنهت الإمبراطوريات التى قامت فى منطقة الشمال (العراق حاليا) وجود الكيانين سياسيًا وأذلت شعوبهما اجتماعيًا ولم يقم مرة أخرى كيان سياسى لهذه الفئة من البشر التى تظن فى نفسها النقاء العنصرى إلا بعد مرور ما يقرب من ثلاثة آلاف عام، ويكاد التاريخ يعيد نفسه اليوم بالقلم والمسطرة كما يقولون.
(1)
 وتخبرنا التوراة أيضا أن الذين سكنوا أرض فلسطين طارئين عليها قبل 3 آلاف عام اختلطوا بالشعوب الوثنية التى جاورتهم وزنوا (كفروا) خلف آلهتها، فسقطت عنهم مواعيد إلههم بالأرض والأمن والسلام إلى الأبد، كما تقول التوراة التى جاء فيها أيضا وصف حروبهم ومعاركهم ودسائسهم بتفاصيل ولغة تجاوزت جلد الذات إلى ما هو أكبر من ذلك مما سجلته التوراة ويتعبد به المؤمنون بالكتاب المقدس إلى اليوم، ويكشف نفسية بشر تأسست على الخداع والدسيسة والوقيعة، ولا تستطيع العيش إلا أن تقتات على الكراهية والحرب.. وما أشبه الليلة بالبارحة.
(2)
أؤجل لأسباب مختلفة منذ ثلاثة أسابيع الكتابة عن أحداث الأردن الداخلية التى يقف خلفها تحركات الفصيل الغاشم المنسوب للإسلام فى الداخل الأردنى، وقد نجح هذا الفصيل نسبيا فى اللعب على وتر الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى تمر بها المملكة لتحريك مظاهرات ضد النظام الحاكم الذى نجح حتى اللحظة فى النأى بالمملكة من موجة الربيع العربى، ليس هذا فقط ولكن بسبب  موقعه الجغرافى تحمل الأردن عبء أكثر من مليون لاجئ سورى – هذا غير العراقيين - عبروا حدود بلدهم المنكوب خلال السنوات الست الماضية  إلى الأردن ليستظلوا بأمنه فإذا بالأردن نفسه يتهدده الآن الاضطراب والفوضى وتنشط ضده فى الشهور الأخيرة هجمات الإرهاب، وتقف داعش على حدوده، فى تمهيد إذا تصاعد لا قدر الله سوف يقوده للانضمام إلى نادى الدول الساقطة فى مستنقع الفوضى من العرب على مذبح فكرة وهمية لدولة الخلافة.. هذه مسألة أخرى، أما المسألة التى يجب أن تؤرقنا بشدة على المصير القريب للأردن فهى دخول إسرائيل على خط أزمته الداخلية.. إسرائيل الطيبة التى خلعت جلد الذئب المفترس وظهرت فى إهاب الشاه عندما أعلنت قبل أيام قليلة على لسان سفيرتها فى الأردن «عنات شلاين» قلقها حيال عدم الاستقرار فى المملكة، فأين قالت السفيرة هذا الكلام؟!
قالته فى لقاء ضمها ورئيس أركان الجيش الإسرائيلى الذى استدعاها وسألها ثم خرج ينقل انطباعه للعالم عبر الدبلوماسيين الأجانب الموجودين فى إسرائيل وقد استدعاهم أيضا وجلس إليهم وقال لهم إنه فى حال اقتضت الحاجة والضرورة فإسرائيل مطالبة بدعم ومساندة صديقتها بالطرف الشرقى (الأردن).
عند هذا الحد هتفت بداخلى: الأردن؟! أكثر الدول العربية قربا وتعاونا مع إسرائيل، وعلى العديد من المستويات الأمنية، والاستخباراتية، والعسكرية، والاقتصادية، وحتى الاجتماعية.. ماذا تنوى إسرائيل بها؟!
(3)
هل يتم تجهيز الأردن لاستخدام أراضيها فى المخطط الإسرائيلى الذى توضع لمساته الأخيرة الآن على الأرض، وحجر الزاوية فى هذا المخطط إعلان الدولة اليهودية حسب الرؤية السياسية المستقاة من التاريخ المقدس العنصرى لفئة من البشر كذبت على نفسها آلاف السنين، ووظفت الكذبة لخداع العالم، وفعلت ذلك بدأب وإخلاص شديدين وبتقديم تضحيات فى المال والبشر (دعونا نعترف ونجلد ذاتنا نحن أيضا) لم يقدمه العرب – إلا مصر – بثرواتهم الخرافية، وديموجرافيتهم وجغرافيتهم اللتين تفوقان إسرائيل بأضعاف كثيرة.
نتنياهو يعرف ما يفعله جيدا، لقد ضمن أمريكا فى وجود ترامب حتى أن تصريحات الأخير لا تخرج من واشنطن أو نيويورك ولكن من تل أبيب.. يمكنك أن تلاحظ هذا بسهولة فى التصريحات الصادرة عن الطرفين فيما يخص نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، أو حل الدولتين، هذا التعبير الذى تجاذبه الطرفان ترامب ونتنياهو، فإذا قال الأول إنه مع حل الدولتين، يقول الثانى ليس المهم المسميات ولكن المضمون هو الأهم، والمضمون هو ما يريده نتنياهو كما أسلفنا.
لقد ضمن الأخير واشنطن وها هو يسعى إلى موسكو ليقنعها بالتخلى تماما عن حلفائها فى سوريا إيران وحزب الله ومن فى حكمهما، ويضمن أيضا موقفا روسيا إيجابيا فيما ينوى فعله فى القادم القريب، ومنه مثلا ضم الجولان السورية نهائيا إلى دولته العنصرية المنتظر إعلانها، وفى تحركاته وكلامه الذى يصدّره للرأى العام العالمى فنتنياهو دائم الحديث الآن عن الإرهاب الشيعى الممثل فى إيران بعد أن اقتنع العالم بأن داعش يمثل إرهابًا إسلاميًا من نوع آخر هو الإرهاب السنى، والعرب إما صامتين أو مؤيدين فقد انقسموا من قبله وتوزعوا بين المعسكرين السُنى والشيعى.
(4)
ونعود إلى مخطط إسرائيل الذى يستهدف الأردن وقد اختارتها إسرائيل لتلعب دور «الأسفنجة» وتمتص الفلسطينيين الذين سوف يتم طردهم من مملكة اليهود القادمة، وغالبا لن تستوعبهم أرض الدويلة الفلسطينية التى يمكن أن تسمح إسرائيل بقيامها.
والأردن هى البديل المناسب بعد أن فشلت إسرائيل وغيرها أن تفرض ذلك على مصر أو تتفاوض بشأنه معها.. ومن أجل كسر مقاومة الملك عبد الله الذى تجرأ وفتح مع ترامب موضوع نقل السفارة الأمريكية للقدس وحذّره من خطورة هذا القرار.. من أجل هذا وغيره فإسرائيل تخرج الآن وتقول لملك الأردن عبد الله بن الحسين نحن من سيحمى عرشك ونقف معك ضد الفصائل الغبية التى تخرب بلادها بأيديها.. واللهم اكفنا شر الأغبياء.
أضف تعليق

رسائل الرئيس للمصريين

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2