ما هي حدود العلاقة أثناء فترة الخطوبة؟

ما هي حدود العلاقة أثناء فترة الخطوبة؟فترة الخطوبة

الدين والحياة1-3-2022 | 15:24

تقول الدكتورة أمنة نصير ـ أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر : إن حدود العلاقة بين المخطوبين أثناء فترة الخطوبة يجب أن تكون في حدود الغرباء لأنها فترة للتعارف ، فإن أتى فيها الخير وحدث مودة ورحمة وقبول وراحة نفسية وتوافق وانسجام بين العروسين كان بها وكلل الأمر ب الزواج . أما إن حدث العكس وكان هناك نفور وعدم قبول وراحة . تفارقا بالأدب والاحترام وليس بالصياح والشجار وكشف الأسرار وفضح كل طرفًا للأخر كأنها كانت فترة حرب وتجسس وليس فترة خطوبة ، فديننا الحنيف نهانا عن ذلك .

ووضع لنا أسسًا للزواج وليس ما نراه في زمننا الحالي من أفعال وتجاوزات لا ترضي الله ولا رسوله ، فأنا أتعجب وأحزن كثيرًا حينما أتابع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وأجد كل حيناً وأخر أن هناك شابًا قد قتل خطيبته، وفتاة قد قتلت خطيبها بعد أن كنا نسمع عن هذه الكارثة تحدث بين الأزواج والزوجات الذين كنا نبرر لهم هذه المصيبة بقلة الوعي والدين وتهرب أحدهما من مسئولياته اتجاه الأخر في الزواج ، ولكن أن يصل الأمر إلى الشباب الذين يريدون الارتباط و الزواج ويصبح فكرهم بهذه الدرجة من العنف والإجرام كأن الأمر عادي وبسيط ، فهذا شيئاً خطير ، ويدل على أننا أصبحنا الآن أمام ظاهرة مرضية لم نكن نعرفها منذ نصف قرن من الزمان لغياب المودة والرحمة بين الأهل والمعارف .

وتضيف الدكتورة نصير : فديننا الحنيف لم يمنع الخاطب من أن يتكلم مع خطيبته ، ولكن يجب أن يكون ذلك في إطار المعروف والاحترام المتبادل ، وقد يعترض أحدنا ، ويقول : إن هناك شيئاً أسمه المشاعر ؟! ، وهنا نحن نقول : نعم يوجد شيء أسمه المشاعر ، ولكن العبرة هنا في السلوك المرتبط بهذه المشاعر الذي يجب أن يكون محاطاً بالأخلاق الحسنة التي تمنع أي نوع من أنواع التجاوز الجسدي أو الحسي بين المخطوبين ، لأن الخطوبة لها آداب .

آداب الخطوبة

وتوضح الدكتورة إلهام شاهين ـ مساعد أمين عام مجمع البحوث الإسلامية لشئون الواعظات بالأزهر الشريف : إن من آداب الخطوبة الإستخارة والإستشارة ، وألا يُقدم على خطبة المرأة إلا الراغب الجاد في الزواج ؛ وإذا وعد ب الزواج فيجب عليه الوفاء به ؛ وينظر الخاطب إلى الوجه والكفين ، فإن رأى منها ما يدعوه إلى الزواج ، خطبها وإلا أعرض عنها من غير إيذاءً لها ولأهلها ؛ ولا يجوز للخاطب أن يخلو بمخطوبته أو الخروج معها بدون محرم ، لأن الخطوبة ليست عقدًا شرعيًا يبيح للخاطبين أن يفعلا ما يفعله الزوجان ، بل هي فرصة للمزيد من التعارف والاطمئنان على استقرار الحياة المقبلة ولحماية المخطوبة من أن تمتهن سمعتها وكرامتها . كما ينبغي أن تكون المرأة المراد خطبتها خالية من الموانع الشرعية التي تمنع الخاطب من الزواج منها، كأن تكون محرمة عليه بأي سبب من أسباب التحريم ، أو كانت في عدتها لكونها مطلقة أو متوفي عنها زوجها إذا كان قد سبق لها الزواج قبل ذلك .

وتضيف الدكتورة شاهين : كما إن من آداب الخطوبة هو أنه لا يجوز لأحد أن يخطب على خطبة أحد كان قد توصل إلى إتفاق مع أهل العروسة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : «المؤمن أخو المؤمن فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر ـ أي حتى يترك ويفسخ الخطوبة» رواه أبو داود والنسائي ، ف الخطوبة إذا تمت ووجد أحد الخاطبين من الطرف الأخر سوء سلوك أو جفاء في الطبع أو عرف ما لم يكن يعرفه مما ينفره منه ، فله أن يفسخ الخطوبة لأن الحياة الزوجية لن تكون هانئة ومستقرة ، والفسخ هنا مشروع لأن فيه دفعًا لضرر قد يصعب زواله في المستقبل ، ولكن إذا تعنت أحدهما وفسخ الخطوبة من تلقاء نفسه لأنه رأى طرفًا أخر أكثر مالاً وأعظم جاهًا كان هذا الفسخ حرامًا ولن يفلت فاعله من عقاب الله لأنه ارتكب أثمًا .

الشبكة والهدايا

ويشير الدكتور علي جمعة ـ مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ورئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب : إلى أن الخطوبة وقراءة الفاتحة وقبض المهر وقبول الشبكة والهدايا كل ذلك من مقدمات الزواج ومن قبيل الوعد به ما دام عقد الزواج لم يتم بأركانه وشروطه الشرعية ، وقد جرت عادة الناس بأن يقدموا الخطوبة على عقد الزواج ؛ لتهيئة الجو الصالح بين العائلتين ، فإذا عدل أحد الطرفين عن عزمه في الزواج ولم يتم العقد ، فإن المقرر شرعًا هو إن المهر إنما يثبت في ذمة الزوج بعقد الزواج لأنه حكمًا من أحكام العقد ، فإن لم يتم العقد ، فهنا لا تستحق المخطوبة شيئاً من المهر ، وللخاطب استرداده . أما بالنسبة للشبكة التي قدمها الخاطب لمخطوبته فقد جرى العرف على أنها جزء من المهر ؛ لأن الناس يتفقون عليها في الزواج ، وهذا يخرجها عن دائرة الهدايا ويلحقها بالمهر ، وقد جرى اعتبار العرف في التشريع الإسلامي ؛ لقوله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ [الأعراف: 199] . كما ورد في الأثر عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : "ما رأى المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن ، وما رأوا سيئًا فهو عند الله سيئ" ؛ فالشبكة من المهر ، والمخطوبة المعدول عن خطبتها ليست زوجة حتى تستحق شيئًا من المهر ، فإن المرأة تستحق بالعقد نصف المهر وتستحق بالدخول المهر كله ؛ ولهذا إذا فسخت الخطوبة فالشبكة من حق الخاطب وليس المخطوبة سواء كان الرجوع من طرفه أو من طرفها ، لأن الشبكة جزء من المهر ، وكذلك الهدايا غير المستهلكة إذا كانت ثمينة وطالب بها الخاطب . أما المستهلكة فلا ترد لأن الاستهلاك مانع من موانع الرجوع في الهبة شرعًا .

أضف تعليق