أزمة شغلت العالم خلال الأيام الماضية، وفي تصعيد جديد، أقدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على القيام ب عملية عسكرية في الأراضي الأوكرانية، قائلاً: "إنها لا تهدف إلى احتلال أوكرانيا، وإنما الدفاع عن النفس"، وذلك بعدما تلقي طلباً من جمهوريتي دونتيسك ولوجانسك ليل الأربعاء بتقديم الدعم العسكري، بعد 48 ساعة من اعتراف موسكو باستقلال الجمهوريتين فما هي الأسباب الكاملة لإقدام بوتين على تلك الخطوة؟ وما هي دوافع روسيا وأهدافها العسكرية في الأزمة الأوكرانية؟.
أهمية جيوسياسية
تتمتع أوركانيا بأهمية جيوسياسية فى نطاقها الجغرافى، حيث تقع في شرق أوروبا، وتحدها روسيا من الشرق، بيلاروسيا من الشمال، بولندا وسلوفاكيا والمجر من الغرب، رومانيا ومولدوفا إلى الجنوب الغربي، والبحر الأسود وبحر آزوف إلى الجنوب.
علاقة الجزء بالكل
ترتبط أوكرانيا تاريخيا بين عامي 1923-1991 علاقة وثيقة بروسيا، حيث كانت عضو في رابطة الدول المستقلة، وإحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي، وكانت تسمى بـ جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية، عاصمة الدولة مدينة كييف كما أنها أكبر مدنها.
استقلال دونتيسك
اعترفت روسيا باستقلال جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك الشعبيتين، في 21 فبراير 2022، حيث كانت جمهوريتي دونتيسك ولوجانسك في أبريل 2014، جمهوريتين معلنيين من طرف واحد من قِبل نحو 100 شخص معظمهم من الناشطين والمحتجين السياسيين الناطقين باللغة الروسية.
دونتيسك هي المدينة الرئيسية في المنطقة، وعاصمة "جمهورية دونيتسك الشعبية" التي أعلنها الانفصاليون، وهي اليوم المعقل الرئيسي لهم، ولا سيما بعد أن أجبرتهم القوات الأوكرانية على ترك عدة مدن أخرى في المنطقة، مثل سلافيانسك وكراماتورسك.
تقع المدينة في قلب إقليم دونيتسك، وقد أنشئت عام 1869، وحملت آنذاك اسم حاكمها "يوزوفكا" حتى عام 1924، ثم سميت "ستولينو" نسبة إلى الزعيم السوفياتي الراحل جوزيف ستالين. وفي عام 1961 أطلق عليها اسم دونيتسك.
تعتبر خامس أكبر مدينة في أوكرانيا، إذ تبلغ مساحتها نحو 358 كيلومترا مربعا، ويعيش فيها أكثر من 900 ألف نسمة.
المناجم
وإلى جانب غناها بالمناجم والمصانع أيضا، تشتهر دونيتسك بفريق عمال المناجم لكرة القدم "شاختار"، والملعب الدولي المسمى باسم الفريق أيضا، الذي احتضن عددا من مباريات بطولة كأس الأمم الأوروبية "يورو 2012″، كما يرتبط اسمها بالملياردير رينات أخميتوف الذي يمتلك معظم المصانع والشركات فيها.
الصناعة والزراعة
وبجانب الصناعة والزراعة، تتمتع المدينة بحياة ثقافية نشطة، حيث فيها الكثير من المسارح والمعارض والجامعات والمعاهد، لذلك فهي قبلة رئيسية للطلاب من داخل أوكرانيا وخارجها.
استقلال لوجانسك
من جانب أخر تأسست لوجانسك لتكون مصنعا عام 1795 وحتى 1882، ثم كبرت وتحولت إلى مدينة "فوروشيلوفجراد" حتى عام 1958، وكان فيها الكثير من سجون ومعتقلات الاتحاد السوفياتي السابق.
وتعتبر لوجانسك من أكبر مدن أوكرانيا، إذ تبلغ مساحتها نحو 286 كيلومترا مربعا، تحتوى على عدة مناجم ومصانع للآليات، والكثير من الجامعات والمعاهد في مختلف المجالات العلمية والأدبية.
ومن أبرز مدن المواجهات في منطقة لوجانسك، تقع مدينة ألتشيفسك إلى الغرب منها، على مساحة تبلغ 50 كيلومترا مربعا، وقد أسست عام 1895.
يشار إلى أن قبل اعتراف روسيا رسميا باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوجانسك الشعبيتين، كانت تتعامل معهما في كل مجال تقريبا، عدا حركة الطيران، واجهت الجمهوريتين تعاقب على الحكم من اتصفوا بشدة الولاء لروسيا، وآخرهم دينيس بوشلين رئيس جمهورية دونيتسك الشعبية، وليونيد باسيتشنيك رئيس جمهورية لوجانسك الشعبية.
ويتردد اسم بوشيلين منذ سنوات بحكم نشاطه واستقرار الأوضاع السياسية نسبيا في دونيتسك، خلافا للوجانسك التي شهدت خلافات كثيرة بين مسؤوليها.
أهداف روسيا
أرادت روسيا تعهدًا ملزمًا بأن الناتو لن يتوسع أكثر فى أوكرانيا، فقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف: "بالنسبة إلينا، من الإلزامي تمامًا التأكد من أن أوكرانيا لن تصبح أبدًا عضوًا في الناتو".
وقال بوتين: "إن العملية تأتي بموجب الاتفاقيات المبرمة بين موسكو وجمهوريتي دونيتسك ولوجانسك في إقليم دونباس شرقي أوكرانيا، وتستهدف حماية المدنيين الناطقين بالروسية هناك مما وصفها بالإبادة الجماعية التي يتعرضون لها من 8 سنوات".
وأضاف بوتين: "أن العملية تأتي أيضا لحماية روسيا من التهديدات التي تستهدف أمنها، ومن ضمنها سعي كييف لامتلاك سلاح نووي، وأن بلاده لن تسمح ل أوكرانيا بحيازة هذا السلاح".
وتابع: "أن بلاده تسعى من خلال العملية لنزع سلاح أوكرانيا وتخليصها ممن وصفهم بالنازيين الجدد، ونفى وجود خطط لاحتلال الجارة الغربية لروسيا، داعيا العسكريين الأوكرانيين إلى إلقاء السلاح والعودة لبيوتهم".
الجدير بالذكر أن هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية كشفت الخسائر التي قامت بها القوات الروسية منذ بدء العملية العسكرية في أوكرانيا، حيث بلغت 5 آلاف و710 أشخاص و29 طائرة و29 مروحية وسبعة أنظمة دفاع جوي و24 من قاذفات الصواريخ المتعددة ومئات الوحدات من المعدات العسكرية فيما وقع 200 شخص في الأسر.