قد كانت حاتشبسوت الوريثة الشرعية للملك بعد وفاة ابيها الملك تحتمس الأول وشاركت زوجها وأخيها غير الشقيق تحتمس الثانى الحكم واعتبرت نفسها وصية على الملك تحتمس الثالث بعد وفاة أبوه الملك تحتمس الثانى الذى لم يكن ابن لها وإنما كان أبنا لتحتمس الثانى من زوجة ثانوية وتولت حاتشبسوت رعايته لصغر سنه وبعد فترة وجيزة قامت بالانفراد بالحكم ولحقت باسمها كافة الألقاب الملكية وقد اظهر معبد الدير البحرى تفاصيل ولادتها الإلهية وأنها ابنة آمون رع وأنها تولت الحكم بناء على إرادته .
دعم "حابو سنب" كبير الكهنة لمعبد آمون بالكرنك الملكة حاتشبسوت وكذلك المهندس "سننموت" الذى صمم لها معبد "جسر جسرو" أو قدس الأقداس والذى عرف لاحقا باسم الدير البحرى حيث تم إقامة ديرا للعبادة على ذلك المعبد واستمر استخدام ذلك الدير حتى القرن الحادى عشر .
استمر حكم الملكة حاتشبسوت لفترة تتجاوز الواحد وعشرون عاما قامت خلالها بالعديد من الحملات العسكرية لغزة والتأديبية للنوبة وسوريا وفلسطين والحملات التجارية لبلاد بونت لجلب البخور والتوابل والجلود ونباتات الزينة .
كما أرسلت بعثة لأسوان لاستجلاب الجرانيت لانشاء مسلتين تمجيدا لامون بمعبد الكرنك – حيث توجد أحداهما حاليا بباريس والتى تم نقلها إبان الحملة الفرنسية على مصر والأخرى لا تزال بمعبد الكرنك.
يبدو أنه كان من الصعب على المصريين تصور أن يكون حاكم البلاد امرأة لذلك صورت حاتشبسوت نفسها فى هيئة الملك القوى ذو البنية الكاملة والهيئة الصلبة لتجعل المصريين يقنعون بكونها حاكم البلاد وترغمهم على قبول ذلك الامر وتبقى صورة الحاكم كما هى فى نظرهم.
تميز عهد حاتشبسوت بالازدهار والرخاء والعمل الجاهد على إبقاء الحدود المصرية فى أمان ، فقد كانت بحق ملكة قوية متحمسة للوصول بالبلاد إلى أزهى العصور فقد قامت بفتح المناجم والمحاجر ونشطت حركات التجارة بين مصر والبلاد المحيطة بها كما أمنت حدود البلاد داخليا وخارجيا وقد قامت بذلك بأداء واجبها تجاه مصر والمصريين فى عهدها.
قد نرى تجاوزا فى اتهام حاتشبسوت بانفرادها بالحكم فمن الممكن أن تكون أمور البلاد قد احتاجت لذلك الانفراد إلى جانب الاعتقاد من البعض لحبها السيطرة الكاملة على حكم البلاد ورغم وجود المنافسة بينها وبين تحتمس الثالث على الحكم إلا أن خبرتها وذكائها ووجود المناصرين لها أدى لابقائها على عرشها وتراجع تحتمس الثالث وما يؤكد اعتقادنا اهتمامها بالتربية العسكرية لتحتمس الثالث وتعليمه لفنون الإدارة والقيادة وإرسال حملات عسكرية بقيادته فى عهدها وإعداده لتولى الحكم من بعدها، إلا أن إزالة أثار حاتشبسوت عمدا بعد وفاتها كان دليلا قاطعا على وجود النزاع على العرش بينها وبين تحتمس الثالث وكراهية البعض لكونها حاكمة لمصر وما يدل أيضا على أنها عانت الكثير خلال عهدها لقيادة البلاد والحفاظ على كيانها.
كما نرى أيضا أن اتهام سننموت بحب الملكة حاتشبسوت غير بعيد عن أى رجل ذكى يرى فيها صورة المرأة القوية القادرة على قيادة البلاد وحمايتها ورفع لوائها ، كما نرى أن حاتشبسوت كان شغلها الشاغل إدارة شئون البلاد وحمايتها وحماية منصبها وكونها حاكمة البلاد حاملة الألقاب قد شغلها عن ايجاد زوج آخر أو الحصول على حياة طبيعية كمن فى عمرها من النساء.
اعتقد فيما سبق أن حاتشبسوت قد توفيت نتيجة نزاع على العرش، إلا أن ذلك الاعتقاد تبدل باكتشاف مومياؤها التى تم العثور عليها فى المقبرة ٦٠ بوادى الملوك عام ١٩٠٣ إلا أنه لم يتم التأكد من أن تلك المومياء للملكة حاتشبسوت إلا عام ٢٠٠٧ بعد اجراء فحص الحمض النووى لها الذى أثبت أصلها كما أثبتت الفحوصات الأخرى وفاتها الطبيعية فى سن الخامسة والخمسين من عمرها وأنها كانت تعانى من مرض السكر وأن سبب وفاتها مرض السرطان والمومياء معروضة الآن بالمتحف القومى للحضارة.