شهدت ليلة النصف من شعبان، حادثًا فارقًا في تاريخ الإسلام، ونقطةَ تحول في مسار الأمة ففي هذة الليلة المباركة تم تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الحرام، حيث كانت قبلة المسلمين عندما كتبت عليهم الصلاة إلي المسجد الأقصي، لكن النبي عليه السلام كان يود أن يبدل الله تعالى قبلته نحو المسجد الحرام، فكان في مكة يجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس فيصلّي، وعندما أتى المدينة أصبح يصلي نحو المسجد الأقصى حتى أذن الله له بتغيير قبلته في الصلاة نزل قوله تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ).
تعد ليلة النصف من شعبان هذة الليلة فرصة عظيمة يجب علي الملسمين اغتنامها، كما جاء في حديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في شأنها: «إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن»، رواه ابن ماجه وابن حبان.
ترصد «بوابة دار المعارف»، الحكمة من تحويل القبلة، وفضل الصيام في ليلة النصف من شعبان.
تم تحويل القبلة لحكمة تربوية فهي كانت اختباراً للمسلمين وغير المسلمين، والدليل علي ذلك قوله تعالي: (وَمَا جَعَلْنَا القِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ).
فالمسلمون امتثلوا فورًا لأوامر ربهم ولم يتوانوا في تنفيذ حُكمه بتغيير وجهتهم في صلاتهم إلى الكعبة، أمّا اليهود فقد كرهوا ذلك وزعموا أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، قد خالف الأنبياء من قبله فقد كانت قبلتهم المسجد الأقصى، ولو كان نبيا لما خالف باقي الأنبياء، وأما المشركون فاستبشروا وتهللوا ظانّين أنّه بذلك قد يوشك أن يعود إلى دينهم بعد أن عاد إلى قبلتهم.
والمنافقون فزعموا أن النبي صلي اللع عليه وسلم، لا يدري ما يصنع، فإن كان على الحقّ في تغييره للقبلة فقد كان على باطلٍ قبل ذلك، وإن كان الحقّ في القبلة الأولى فإنّه وصل إلى باطلٍ في تغييره لقبلته، وكلّ ذلك كان اختبارًا من الله سبحانه للناس والتميز بين المؤمن والمنافق.
تعليم المسلمين سرعة الاستجابة لأوامر الله تعالى، والثقة بنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، فلقد جاء الأمر على النبيّ ب تحويل القبلة فحوّلها وتحوّلوا وهم راكعون إلى القبلة الجديدة دون أدنى شكّ أو رَيبٍ يلبَسُهُم. توحيد المسلمين على اختلاف مواطنهم وأماكنهم، وألوانهم وأجناسهم.
وجاء تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام أيضا لتقر عين الرسول حيث كان قلبه معلق بمكة, يمتلئ شوقا وحنينا إليها, إذ هي أحب البلاد إليه, وقد أخرجه قومه واضطروه إلى الهجرة إلى المدينة المنورة التي شرفت بمقامه الشريف فخرج من بين ظهرانيهم ووقف على مشارف مكة المكرمة قائلا: " والله إنك لخير أرض الله وأحب الأرض إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت" (رواه الترمذي).
فضل الصيام في ليلة النصف من شعبان
عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال: «هَذِهِ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَطْلُعُ عَلَى عِبَادِهِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِلْمُسْتَغْفِرِينَ، وَيَرْحَمُ الْمُسْتَرْحِمِينَ، وَيُؤَخِّرُ أَهْلَ الْحِقْدِ كَمَا هُمْ»، (روي عن ابن ماجة).