العقاب بالنشر

العقاب بالنشرسعيد صلاح

الرأى15-3-2022 | 13:44

قبل سنوات طويلة تتعدى العشرين عاما، بدأت العمل فى قسم الحوادث وكأى شاب صحفى فى بداية مشواره المهنى كنت دائمًا أنظر إلى الموضوعات الصحفية التى تأخذ العين وتبقى حديث الناس لفترات طويلة، محاولاً أن أضع اسمى بشكل دائم فى مرمى اهتمام القارئ، وخلال هذه الفترة تصادف أن تابعت عددا كبيرا من قضايا الآداب الشهيرة وتلك التى تتعلق ببعض العلاقات غير الشرعية وتتسبب فى جرائم أخرى كالقتل مثلا ، وكنت أنشر كثيرا من التفاصيل فى هذه القضايا مؤمنًا بمبدأ أن النشر فى هذا النوع من القضايا يمثل "عقابا" ويحقق فلسفة الردع والعبرة.

وكنت أعتقد أن هذا المبدأ أيضا يتسق مع الشرع الذى شدد على العلانية فى تطبيق حد الزنا لتحقيق الردع الاجتماعى، إلا أننى اصطدمت خلال متابعتى لقضية ابنة المطربة ليلى غفران بأمر هام وهو ضرورة التفريق بين ما هو عام وما هو خاص ومن يستغل الرذيلة ويحترفها ويتاجر بجسده ومن تجمعه علاقة خاصة كل عيبها أنها كانت سرية.. بعض الصحف نشرت تفاصيل خاصة عن حياة ابنة ليلى غفران وصديقتها بعيدًا عن موضوع القضية فى محاولة لجذب القارئ وتحقيق رقم مبيعات أكبر، وما قاله والد صديقة ابنة ليلى غفران للصحفيين وقتها فى قاعة المحكمة كان كفيلا بأن نراجع ما نكتب ألف مرة قبل نشره، فهناك شعرة دقيقة بين العام والخاص فى مثل هذه القضايا يجب أن نحافظ عليها وندرك ونعى أولا جدوى وفائدة ما ننشر ومدى تأثيره على الأشخاص الذين سنتحدث عنهم.

أقول هذا الكلام الآن بسبب ما حدث فى قضية "بسنت خالد" فتاة كفر الزيات التى راحت ضحية الابتزاز الجنسى، هذه القضية التى شغلتنا جميعا لفترة شهدت الأسبوع الماضى مفاجأة احتوى عليها تقرير الطب الشرعى، وقتها قررت ألا أنشر أى تفاصيل من هذا التقرير رغم توافر صورة منه لدى، نظرت إلى الأمر من منطلق أنها فتاة فارقت الحياة والحديث عنها بهذه الطريقة قد يسىء إليها وإلى أسرتها التى أعتقد أنها لاتزال تعانى وستظل لفترة طويلة.

وإن طبقنا نظرية الجدوى والفائدة من النشر سنجد أنه لا فائدة، لكن أمراض ركوب التريند واللايكات والمشاهدات والزيارات جعلت الكثير منا يتغاضى عن ذلك ويقرر النشر الذى هو مسئولية كبرى خاصة فى هذا النوع من القضايا.

تمهلوا قليلا يرحمكم الله فى هذا النوع من القضايا حتى لا نضرب نسيج المجتمع فى مقتل.. تخلوا عن أوهام التريند واللايكات وعيشوا واقعا مهما وهو أن الحياة الخاصة لها حرمتها والنشر له مسئوليته وتذكروا أن الكلمة فرقان بين نبى وبغى.

أضف تعليق

تدمير المجتمعات من الداخل

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2