بعيدا عن التحفظات الفنية، فإن "الاختيار٣" يكمل منظومة أكبر وأهم عملية توثيق لحقبة تاريخية غاية في الاستثنائية في تاريخ مصر الحديث.
"الاختيار٣" يقدم سبقا لم تراه الدراما المصرية والعربية من قبل، ولم تعهده الدماغ المصرية أبدا، على طريقة تلفزيون الواقع، من الكاستينج، والذى يشمل مفاجآت مثيرة، منها الأداء العالمى للفنان ياسر جلال في دور السيسى، وحتى التسريبات المنظمة، المليئة بالرسائل، التى تثبت أن عملية التوثيق هذه، تقف وراءها أجهزة وطنية عمالقة.
بالتأكيد، تغير الأجواء، وتنوع التحديات، اختلفت بسببه ردود الفعل حول المسلسل، لكنها تتزايد مع الوقت، والجميع الآن يراجع المواقف ويجتر آلام وأوجاع هذه الفترة العصيبة على كل المصريين الوطنيين.
وفي الوقت الذي تسائل البعض، لماذا الاهتمام بأدوار كل المؤسسات في هذه الفترة في تاريخ مصر، في حين لم نرى اهتماما مماثلا بدور السلطة الرابعة صاحبة الجلالة، لاحظنا بعض الإشارات التقديرية مثل التركيز على استشهاد المصور حسين أبو ضيف.
عملية التوثيق هذه، غير تقليدية في تاريخ مصر، وعلى العقلية المصرية، بل والعالمية، وبالتالى سيكون لها وعليها، فنيا وفي سياقات أخرى، لكن التجربة إجمالا في غاية الأهمية، ونرصدها بشغف، وتؤكد إنه مهما تعقدت التحديات على المصريين، يجب آلا ينسوا عدوهم الأول، وهم الاخوان، الذي لا أتوقف عن تسميتهم بصهاينة الإسلام.
فلقد حول كل من وقف وراء عملية التوثيق هذه، تلفزيون الواقع لسلاح من ضمن أسلحة الدولة المصرية المؤثرة، والتى لا تقل فتكا عن الأسلحة العسكرية، بل تزيد، وهذا ما كنا ندعو له كثيرا، من خلال عملية تثقيف موجه، حتى يدرك الجميع ما حدث، في الكواليس قبل العلن، لأن ليس لدينا ما نخفيه..صحيح؟!
الحالة عامة في غاية الثراء، وعلى الجميع أن يعرف ماذا كان يدور في الكواليس، فنادينا كثيرا بأن تكون لدينا عمليات توثيق بهذه الطريقة وغيرها، لتاريخ مصر، على طريقة تلفزيون الواقع، وبالذات للحقب والأحداث الخطيرة في تاريخنا، ومنها كواليس هزيمة ٦٧, وكواليس ثورة يوليو، وكواليس نصر أكتوبر، وكواليس ثورة التصحيح، وكواليس يناير، وكواليس مقتل حكيم، وغيرها.
وسترفع العقلية المصرية بالتأكيد سقف طموحاتها مع هذا السبق الدرامى التوثيقي، الذي نعايشه الآن مع "الاختيار٣"، الذي من الضرورى أن نرفع لكل من وقف وراءه القبعة، مثل الشئون المعنوية للقوات المسلحة والرئاسة والمخابرات والأمن الوطنى، وجهات التنفيذ الفنى.
ولنستمر كلنا في متابعة هذا الحدث المهم، حتى نهاية الشهر الكريم، حتى نعرف زوايا مهمة في تاريخنا المعاصر، وان كنت أتمنى أن أعرف رد الفعل الرئيس حيال هذا العمل الكبير، من كل الأبعاد.