«المارشيملو» فى مواجهة الأنانية والإنتقام

«المارشيملو» فى مواجهة الأنانية والإنتقامحسين خيرى

الرأى10-4-2022 | 14:04

فرصة النجاة من مركبة بدون فرامل شبه مستحيلة، والتحكم فى حاجة الشخص للانتقام بمثابة صراع فى حلبة المصارعة، والشخص ضعيف الإرادة أكثر عرضة للفشل، وحين تطغى رغباته يصبح أكثر عرضة للأمراض النفسية والجسدية، وطريقة قمعها تتم من خلال وسيلتين، أولهما الابتعاد عن مصادر إثارة رغباته مثل تعرضه للاستفزاز والغضب والأخيرة بالتدريب على ضبطها والإمساك بها وهذا يولد نفسا سوية.

ولا يعني كبح رغبات النفس منع الشخص تماما من الاستجابة لها ولكن نجاحك يتوقف على مهاراتك فى السيطرة على جنون سرعتها وكلما زادت ميول الشخص إلى الاستيقاظ لفترات طويلة، يدفعه ذلك إلى تناول مشروبات منبهة بشراهة كالقهوة، وهنا لابد من التدخل السريع لقمع تلك الأفكار.

وبمعنى آخر ليس السعيد الذي يجني كل ما يحتاجه، فرغبات الإنسان لا تنتهي، والسعيد الحقيقي الذي يقتنع بما لديه، ويحمد الله، ورغبته مقياس لأخلاقه، وعندما يختل التوازن النفسي، تنقلب الرغبات عن حدودها الصحيحة، كالشعور بالظلم أو بالخطر، وتصبح النفس وقتها متأهبة لفعل الشر.

وأجمع علماء النفس والدين والاجتماع على أن السبيل الوحيد لعودة الاتزان النفسي بشكل سريع، هو الاقتراب من الله، وعلماء الدين وجهوا نظرنا إلى أهمية دور شهر رمضان فى الصحة النفسية، وأكدت هذا الدور قراءة الباحثين لسلوك الصائمين عبر التاريخ.

وكشفت تجربة طبيب النفس النمساوي "وولتر ميشيل" تهذيب النفس بواسطة تأخير رغباتها، وتسمى بتجربة "المارشيملو"، وتهدف إلى تمرين الأطفال على تأجيل إشباع رغباتهم فى تناول قطعة الحلوى المارشيملو، وذلك فى سبيل حصولهم على أكثر من قطعة.

وجاءت نتائج الدراسة لتسجل أن الأطفال الذين لم يكبحوا رغباتهم، كانت قدرتهم أقل على التعامل مع الضغط والتوتر، وعلى النقيض كان التحصيل الدراسي أعلى بفارق ملحوظ للأطفال الذين نجحوا فى تأجيل إشباعهم للحلوى.

واتفق علماء النفس المحدثين على أن قدرة التحكم فى ضبط النفس تجعلها تكتسب مبادئ عليا كالأخلاق والقيم، ولذا أحكام الإسلام مرتبطة ومتجذرة فى ضبط النفس، مثل المواعيد المحددة للصلاة، ومثل تجنب المحظورات، وكذلك حكم الصيام.

وفضيلة الصيام لا تنحصر فى الامتناع عن الشهوات والرغبات، وإنما فرصة لتدريب النفس على قمع اندفاعها نحو تحقيق إشباع فوري ومؤقت، وهو ما يمهد لولادة نفس عدوانية وأنانية، وكانت تجربة المارشيملو أقوى دراسة حديثة توضح الأثر الطيب للصيام، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم حين يقول: "فأروا الله من أنفسكم خيرا فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل"

أضف تعليق

وكلاء الخراب

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2