هل تخيلت نفسك وأنت تستيقظ ذات صباح لتمارس حياتك بشكل طبيعى بدون "موبايل" .. هذا الجهاز الرهيب الذى أفسد حياتنا وحولها الى مايشبه "لوح ثلج" بسبب "التواصل الالكترونى" المصطنع الذى سلب منا الكثير من الأشياء الجميلة التى كنا نعيشها "أيام زمان" وكانت تمنحنا قدراً كبيراً من السعادة والهناء وراحة البال ، حيث كنا نسأل عن بعضنا البعض ونتواصل بشكل حقيقى مع أشخاص من "دم ولحم" قبل ان يتحول هذا العالم من النقيض الى النقيض ويصبح عالماً "افتراضياً" ما انزل الله به من سلطان.
هل تخيلت نفسك وأنت تستيقظ على صوت المنبه التقليدى "القديم" الذى كنت تضبطه قبل النوم ليصدر لك صوتاً لايوقظك أنت وحدك بل يوقظ أحياناً سكان العمارة بأكملها ، ولكنه وبكل تأكيد فهو أرحم بكثير من تلك الأصوات العجيبة التى "يتفننون" فى إدراجها ضمن أصوات "منبه الموبايل" والتى تكون فى كثير من الأحيان أصوات "خبط و رزع" مستفزه .
هل تخيلت نفسك وأنت تستيقظ من نومك بدون رسائل "واتس آب" أو "ماسنجر" أو " "تليجرام" أو "فيس تايم" ؟ .. أعتقد أنك فى هذه الحالة ستقضى يومك فى هدوء وبدون توتر أو عصبية طالما لم تصلك تلك الرسائل "المزعجة" التى تقتحم حياتك بمناسبة وبدون مناسبة من أشخاص لا يهمهم سوى إشغال أوقات فراغهم بهذا النوع من الرسائل المعادة والمكررة من نوعية "أسعد الله صباحك" و"جمعة مباركة" و"مساء الورد" وما شابه ذلك ، علماً بأنهم لو أجهدوا أنفسهم قليلاً وكتبوا نفس الرساله بحروف نابعة من القلب وذكروا فيها اسمك كنوع من التأكيد على أنها مكتوبة خصيصاً لك وليست مجرد "كليشيهات" ثابت موجهة الى الجميع .
هل تخيلت نفسك وانت تستيقظ ذات صباح بدون" فيسبوك" ؟ أعتقد أن الحياة ستكون سهلة وبسيطة لأنك فى هذه الحالة لن تدخل سرادق العزاء الممتد طوال اليوم ، فما أن تبدأ فى تصفح الفسيبوك حتى تجد نفسك غارقاً لـ"شوشتك" فى قراءة "بوستات" لشخص ينعى صديق له واخر "يولول" على وفاة عمته أو خالته وثالث يطلب من الجميع قراءة الفاتحة على روح "إبن" عمة زوجته الذى كان شخصاً طيب القلب .. الجميع يبكون والجميع يواسون والخلاصة أننا جميعاً ندخل وبمحض إرادتنا فى سرادق عزاء كبير لا أول له ولا آخر .. بينما سيكون الأمر أسهل من ذلك بكثير لو اقتصرت تلك النوعية من " البوستات" على رحيل الأقارب من الدرجة الأولى فقط . بدلاً من هذا الاستعراض الذى أقل ما يوصف به أنه " سمك لبن تمر هندى"
أعتقد أن الحياة ستكون سهلة وبسيطة لو منحنا أنفسنا راحة من "الموبايل" حتى ولو كانت بضع ساعات نقضيها يومياً بدون هذا الجهاز "المؤذى" الذى افسد حياتنا وقلبها رأساً على عقب.
جرب ولن تندم .. فلو فشلت ، سوف يكون لك وبكل تأكيد "أجر المحاولة" .. المهم أن تكون محاولة "جادة" و"حقيقية" ونابعة من القلب.