الحوار الوطني.. الأهمية والأولوية

كادت تسقط لكن أساسها المتين الممتد في أعمق التاريخ حمى جدار هويتها الوطنية من أن ينقض، بل قرر الحاضر أن يشيد بناء الوطن مجددًا ليعلو شامخًا بين الأمم، فكانت مهمة إعادة بناء الدولة بعد ثورة 30 يونيو تطلب إرادة سياسية ورغبة شعبية وهو ما تحقق بعد عام 2014، لتسير مصر بالتوازي نحو مختلف مسارات بناء الدولة بخطى ثابتة وسرعة فائقة. البناء الأمني للدولة المصرية كان التحدي الأبرز بعد فترة من الفوضى وسطو جماعة الإخوان الإرهابية على السلطة، ما أتاح الفرصة أمام الجماعات الإرهابية الأخرى للتمدد والتواجد خاصة في سيناء، ومن ثم طورت وحدثت مصر من جيشها وشرطتها بما يتلاءم وتلك التحديات الداخلية أو حتى الإقليمية ونجحت في هذا الأمر باقتدار، جنبا إلى جنب كان قرار الإصلاح الاقتصادي لمعالجة التشوه الذي أصاب الاقتصاد المصري جراء التمرجح ما بين الاشتراكية والرأس مالية، ما أضاع هوية الاقتصاد المصري، وبالتالي كان هذا القرار أولى محطات البناء الاقتصادي للدولة المصرية ومن بعدها انطلقت آفاق الاستثمار والتنمية والإعمار في كل ربوع الوطن، ولأن الاقتصاد يحتاج إلى بناء سياسي قوي مرت مصر بسبعة استحقاقات انتخابية وأسست دستورها الجديد ومكنت المرأة والشباب وأصحاب الهمم، كما أتاحت بنية تشريعية ساهمت في تطوير عمل الأحزاب والمجتمع المدني، سيرا مع كل هذا بناء الإنسان المصري أيضا شهد عملاً دءوبًا سواء على صعيد إزالة المناطق الخطرة وتطوير العشوائيات وتطوير منظومة التعليم والصحة وصولاً للمشروع الأهم في هذا الإطار وهو حياة كريمة. والآن يفتح الرئيس عبد الفتاح السيسي آفاقًا جديدة أمام البناء السياسي للدولة المصرية، عبر تعزيز دور الأحزاب والكتل الشبابية وإشراكهم في حوار وطني يهدف لتحديد أولويات العمل خلال تلك المرحلة الراهنة التي تشهد متغيرات دولية وإقليمية تحتاج للتكاتف الداخلي الذي دوما ما يكون جسر عبور الوطن لبر الأمان، ومن هنا تبرز أهمية الحوار الوطني الذي دشنه الرئيس، حيث يتيح فرصة حقيقية لكل القوى السياسية للمشاركة والمساهمة الإيجابية في صناعة القرار السياسي خارج نمط العمل التقليدي لتلك القوى والمتمثل في البرلمان على سبيل المثال. المنخرطون في هذا الحوار الوطني لديهم مسئولية كبيرة تتطلب الإعداد المسبق بالدراسة المتأنية لأولويات المرحلة الراهنة قبل بدء جلسات الحوار، خاصة أن تحديد الأولويات يجب ألا يتعارض مع مسارات بناء الدولة المصرية الحديثة الماضية نحو جمهوريتها الجديدة، معادلة تكاد تكون صعبة لكنها اختبار جاد لقوة وقدرة الأحزاب والكتل الشبابية و القوى السياسية المختلفة على اتخاذ وصنع القرار بما يخدم مصلحة الوطن.