طرح السياسي الفنلندي المُخضرم توماس ميني تساؤلاً حول جدوى انضمام كل من فنلندا و السويد لحلف شمال الأطلسي وما إذا كانت هذه الخطوة سوف تضمن لكلا البلدين تحقيق قدر أكبر من الأمن أم لا.
وأشار وزير الصناعة والتجارة الفنلندي الأسبق في مقال نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية، إلى أن السويد ظلت لقرون طويلة تتبنى سياسة الحياد بينما ظلت فنلندا مشهورة بتبنيها سياسة إعلاء المصالح الوطنية العليا مستفيدين في ذلك بموقعهما الجغرافي الذي يربطهما بحدود مشتركة مع روسيا تصل إلى حوالى 830 ميلًا.
ولكن تقدم الدولتين بطلب رسمي للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي يعنى، كما يعتقد الكاتب، خروجًا على التقليد الأوروبي المعروف عنهما منذ قرون، موضحًا أن على فنلندا في هذه الحالة أن تتبنى سياسات تتفق مع التوجهات الأوروبية.
ويقول الكاتب إن النخبة السياسية في فنلندا اعتمدت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية استراتيجية حكيمة حافظت من خلالها على علاقات متوازنة مع كل من روسيا ودول أوروبا الغربية وتمكنت من خلال تلك السياسة تحقيق نتائج جيدة حيث تحولت فنلندا من أفقر دولة أوروبية عام 1945 إلى دولة تتمتع بمستوى اقتصادي على قدم المساواة مع باقي الدول الأوروبية، إلا أنها عليها الآن التخلي عن هذه السياسة التي حققت من خلالها توازنًا في علاقاتها بين روسيا والغرب من أجل الانضمام إلى المعسكر الغربي بالكامل عن طريق عضويتها في حلف شمال الأطلسي.
ويتطرق الكاتب إلى رد فعل الكرملين تجاه طلب كل من فنلندا و السويد الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي حيث يشير إلى أن الكرملين حذر من أي حشود عسكرية في كلا البلدين، موضحًا أن روسيا بقيادة فلاديمير بوتين لم تشر من قريب أو بعيد إلى القيام بأي أعمال عدوانية تجاه البلدين والتي ظلت لفترة طويلة من الزمن تحافظ على علاقات وطيدة معهما.
ويرى الكاتب أن المواجهات العسكرية التي وقعت في الماضي بين روسيا و فنلندا لا تعني على أي حال من الأحوال احتمال تكرارها، موضحًا أن من يتبنى مثل هذا الاقتراح عليه أن يفكر في العلاج النفسي لأن فنلندا الآن أصبحت من ضمن الدول المصنعة للسلاح إلى جانب أن نظام المخابئ المتطور لديها يجعل استخدام السلاح النووي ضدها عديم الجدوى.
ويعرب الكاتب عن اعتقاده أن انضمام فنلندا لحلف شمال الأطلسي يثير الكثير من الشكوك حول قدرتها على الحفاظ على سياسة إعلاء المصالح الوطنية العليا والتي استطاعت من خلالها تحقيق مكاسب واسعة عن طريق علاقاتها الجيدة مع موسكو ودول أوروبا الغربية.
ولكن وبعد أن أصبحت فنلندا على وشك الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، يقول الكاتب، أنها أصبحت معرضة لخطر التخلي عن سياساتها المتوازنة السابقة والتي ثبت نجاحها على مدار عقود طويلة.
ويضيف الكاتب أن النخبة السياسية الحالية في فنلندا ترى أنها سوف تحقق معدلات أمان أعلى من خلال انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي دون أن يلتفتوا إلى الفقرة الخامسة من لوائح الحلف التي تنص على أن دفاع الحلف عن الدول الأعضاء يخضع لسلسلة طويلة من المباحثات.
ويختتم السياسي الفنلندي مقاله مستشهدًا بمقولة المفكر الفنلندي مارتي كوشكينيمي أن انضمام فنلندا لحلف شمال الأطلسي لا يعنى أنها سوف تصبح أكثر أمنًا غدًا بعد أن كانت تفتقده بالأمس.