العمال والحوار الوطنى

العمال والحوار الوطنىمحسن عليوة

الرأى28-5-2022 | 10:25

بداية يجب توضيح لفظة ( الحوار ) فى اللغة والإصطلاح حيث أن لفظة حوار"لغة" تدل على التحادث والتجاوب القولى ، فالمحاورة هى المجاوبة ، وايضاً لفظة حوار تعنى الرجوع عن الشئ، والارتداد عنه ، أما لفظة الحوار فى الاصطلاح بمعنى مراجعة الكلام، وتداوله، بين أطرافه ، لمعالجة قضية من قضايا الفكر، أو العلم، أو المعرفة.. بأسلوب متكافئ، يغلب عليه طابع الهدوء، والبعد عن الخصومة.


و الحوار بأدابه يمنح الفرصة للمتحاورين لتعديل الرأى والرجوع عن مواقف وأمور، والوصول الى الاتفاق لتعم فائدة الحوار ، وهذا ما أشارت إليه المعاجم اللغوية فـ "حوّر الكلام أى غيّره" على اتفاق بين كافة أطراف الحوار.


ويعتبر الحوار الفعال والشامل بين الأحزاب السياسية والقوى المدنية هو سبيل النجاة بالإتفاق على تقديم حلول قابلة للتنفيذ وأن يكون الحوار مبنياً على تغليب مصلحة الوطن على المصالح الفردية بما يحقق الرخاء لكافة المواطنين .


فمن هنا جائت الدعوة من القيادة السياسية للحوار الوطنى الشامل فى كل مناحى الحياة لاستكمال مسيرة البناء والتنمية وتطوير كافة مؤسسات الدولة للوصول الى الجمهورية الجديدة التى نسعى لها جميعاً .


وينبغى تعزيز الحوار بين الأحزاب السياسية وتقويته أيضا بتجاوز اقتصاره على النخب السياسية ، والعمل على استيعاب القوى المجتمعية المختلفة ، وإدماج العمال و الشباب ، والمرأة والأقليات .


والحوار يجب أن يُبنى على منظومة التاءات الأربع وهى التواصل Communication ، التشاور Consultation، التوافق Consensus والتراضى Compromise وذلك بتحقيق تبادل المعلومات وتنوع الآراء والإجماع عليها و الإصغاء لها وموازنة الخيارات والموافقة على المصالح المشتركة من أجل تحقيق الهدف من الحوار .


وللعمال دوراً هاماً فى المجتمع على مدار التاريخ فى الماضى والحاضر فهم بُناة الحضارة المصرية القديمة وهم بُناة الجمهورية الجديدة ، وهم عماد النهضة وركيزة التنمية وصُناع المستقبل ، وهم الشريحة الأكبر من شرائح المجتمع ، لذا فمن الضرورى مشاركتهم فى الحوار المجتمعى لما لهم من دور هام فى كل ما يهم الوطن .


وعلى ذلك فإنه يجب أن يتبى الحوار تمثيلاً حقيقياً للعمال حيث أنه إذا كان من اهداف الحوار ثورة صناعية و تنمية اقتصادية فهنا يتبادر الى الذهن سؤالاً هاماً بديهياً ومنطقياً وهو على يد من تتم هذه الثورة الصناعية وبيد من تتم التنمية الاقتصادية والمجتمعية ؟ فالجواب قولاً واحداً إنهم عمال مصر الشرفاء بُناة النهضة وأساس الجمهورية الجديدة ، ويتبادر للذهن سؤالاً آخر حول من يمثل العمال فى هذا الحوار ؟ وهذا السؤال من الأهمية بمكان فى هذا التوقيت الهام والمرحلة الأهم ، والأمل أن يمثلهم وجوهاً تقبلها غالبية الطبقة العاملة وجوه معتدلة مشهود لهم بالوطنية والاعتدال وتغليب مصالح الوطن، فهناك قيادات عمالية فى مؤسسات المجتمع المدنى والأحزاب ممثلين للعمال على درجة كبيرة من الوعى والوطنية .


ويرتكز دور العمال فى الحوار الوطنى من خلال المحاور التالية :


تفعيل ما جاء بالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان فيما يخص العمال والنقابات العمالية والتثقيف العمالى والمفاوضة الجماعية وتسوية النزاعات الفردية والجماعية وإبرام اتفاقيات العمل الجماعية وتحقيق التوازن والعدالة فى علاقات العمل وهو ما يؤدى بدوره الى زيادة الإنتاج، ودخول التنظيم النقابى عالم الرقمنة، وتوفير الدعم المالى للنقابات العمالية دون أن يتعارض ذلك مع حريتها واستقلاليتها ، و مشاركة التنظيم النقابى فى رسم السياسات من خلال وجوده فى المجالس التشريعية وغيرها من المجالس الاقتصادية والاجتماعية حتى يستطيع أن يعبّر تعبيراً حقيقياً عن الشريحة التى يمثلها.


يجب أن يتبنى الحوار تنمية العلاقات العربية والأفريقية والدولية مع المنظمات العمالية ذات الصلة لدعم استراتيجيات الدولة المصرية خاصة فى مجال التنمية وتنفيذاً لتوجيهات القيادة السياسية بأهمية حماية الصناعة الوطنية ودعم المنتج المحلى والنهوض بالشركات الوطنية والحفاظ على مقدرات الوطن .


يجب أن يتبى الحوار دراسات جادة نحو سبل توفير فرص عمل تستوعب خريجى الجامعات والمعاهد مع تبنى الحوار ربط التعليم بسوق العمل من خلال التوسع فى التعليم الفنى المزدوج كخطوة هامة نحو تحقيق تنمية مستدامة فى معدل دوران العمالة .
يجب أن يتبى الحوار ملف التدريب الداخلى والخارجى لرفع كفاءة العمالة والاهتمام بإنشاء مراكز تدريب متخصصة ووضع برامج تدريبية تتفق والنهضة التكنولوجية و التحول الرقمى .
يجب أن يتبى الحوار الحفاظ على الشركات الوطنية للصناعات الغذائية التى كانت وما زالت صمام الامان عند التعرض للأزمات .
يجب أن يتبى الحوار تحديد الحد الأدنى للأجور سنوياً بموجب قانون ملزم لكافة الأطراف بتطبيقه على أن يكون عادلاً كافياً للوفاء بمتطلبات المعيشة الأساسية متناسباً مع زيادة أسعار السلع والخدمات الأساسية ، ويُعاد النظر فيه بما يتلائم مع معدلات التضخم.


يجب أن يتبى الحوار إقرار مشروع قانون العمل الجديد بحيث تكون فلسفته الأمان الوظيفى للعاملين بالقطاع الخاص وتحقيق الأجر العادل الذى يكفى الاحتياجات الأساسية للعمال ، كما يجب تعديل قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات رقم 148 لسنة 2019، وسرعة انجاز هذا التعديل ، خاصة مادة المعاش المبكرالتى اثارات مشاكل عند التطبيق.


يجب أن يتبى الحوار العمل على ضرورة سريان قانون العمل ( بعد اقراره ) على العمالة المنزلية وهى مستبعدة من نطاقه الحالى، أو سن قانون منفصل ينظم علاقات عمل هذه الفئة .


يجب أن يتبى الحوار ضرورة توفير الحماية القانونية والاجتماعية للعمالة غير المنتظمة مع التضافر الجاد لحصر هذه الفئة حصراً فعلياً لسهولة تقديم الخدمات اللازمة لهذه الفئة الهامة ، كما يجب ان يتبنى الحوار تمكين العمالة الغير منتظمة من تكوين منظمات نقابية فاعلة تدافع عن حقوقهم، وتتبنى مطالبهم فى اطار الدستور والقانون .


يجب أن يتبى الحوار سرعة تشكيل المحاكم العمالية الواردة فى مشروع قانون العمل المقدم من الحكومة ، و تفعيل تلك المحاكم بحيث تكفل سرعة الفصل فى القضايا العمالية وذلك حتماً سيؤدى الى استقرار كثير من المنشآت والافراد .


إن مصر وهى تعيش هذه المرحلة الفارقة من تاريخها تأمل فى تضافر جهود أبنائها المخلصين على كافة الأصعدة للسير قدماً نحو تحقيق الحياة الكريمة المنشودة بالجمهورية الجديدة .


حفظ الله مصر

أضف تعليق