الرئيس والحوار ومحاولات «الأستاذ هيكل ورزق»

الرئيس والحوار ومحاولات «الأستاذ هيكل ورزق»الدكتورة فاطمة سيد احمد

الرأى29-5-2022 | 14:45

تحدث الرئيس السيسي مع الإعلام أثناء الجولة التفقدية لمشروع (مستقبل مصر)، الذي جعل الصحراء زرعًا أخضر ونماء في طريق الضبعة الوعر، هذا الطريق الذي يعرفه العسكريون بـ «الشبر» ويعرفون طبيعة أرضه من الألف للياء، استحضر الرئيس خبراء الزراعة واستصلاح الصحراء من أساتذة الجامعات المصرية فى هذه التخصصات، لتصير الصحراء مستقبل مصر «بحق وحقيقى»، ويجب أن نكون جميعا على قدر المسئولية ونحافظ على هذا المورد الضخم للسلع الاستراتيجية لمصر، الذي يجعلنا لا نحتاج أبدا لأن نعيش أزمات طارئة وغيرها تكون على سطح الأحداث العالمية كل يوم، والتى تجعل الدول فى بعض الأحيان تعيش ظروف الانغلاق على نفسها محتفظة بسلعها قدر المستطاع.

بما أننى محررة عسكرية عتيقة، وكنت أمر على هذه الأراضى الصحراوية الشاسعة، ولدي تخوف من فضائها، بأن تكون فى يوم ما مسرح عمليات لا يقل خطورة عن حدودنا الشرقية (سيناء) ، فمثل هذه الأراضى تعطى فرصا للطامعين والاستعماريين بأنهم أقدر على استغلالها منا طالما لم نفكر فى تعميرها.

ويستحلون إعطاء أفكار بشأنها، ظنا منهم أننا عاجزون عن التفكير ويعطون حلولا مثل توطين غير المصريين لتعميرها، وحل أزمات لهم أو استغلالها فى شكل عسكري كقواعد، وترفض مصر هذا تماما طوال تاريخها منذ ثورة ٢٣ يوليو ٥٢ وإقامة الجمهورية، ولكن الجمهورية الثانية وليدة ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ أرادت أن تمحو استغلال الآخرين لنا، وأن الأمن القومى المصري هو فى (شغل أراضيها) كعمق عسكري آمن، وأيضا ذا فائدة اقتصادية للشعب، عندما تؤمن له سلة غذائه وقوت يومه وللأجيال المقبلة …

كان الرئيس أثناء حديثه وتعقيبه على المتحدثين عن المشروع، ونحن فى خيمة العرض (غاضبا) من الذين يتحدثون دون علم أو معرفة، وطالبهم بأن يتحدثوا بالمعلومات والبيانات المتوافرة على الصفحات الرسمية لمجلس الوزراء ووزارات الدولة المختلفة …

فهل ونحن فى عصر التكنولوجيا والنداء بأن المعلومة يجب أن تكون متوافرة، يتشدقون بالكلمات، دون تكليف أنفسهم الذهاب إلى المعلومة، التى صارت متوافرة (وعلى عينك يا تاجر)، وما زال حديث الإفك كما هو، محلك سر بنفس طريقته وأدواته؟

يطلبون من الدولة التطوير، وهم لم يتطوروا ولم يتغيروا مع المتغيرات والمعطيات الجديدة …

وعندما أطلق الرئيس (مبادرة الحوار الوطنى) فى إفطار الأسرة المصرية فى ٢٦ رمضان الماضى، وحضره لفيف من أصحاب الحناجر والأجندات، ومد الرئيس يد التسامح معهم، فيما فعلوه، رغبة فى أن يخلق وطنا يسع الجميع، بعد أن استمر سنوات طوال تصل إلى خمس من ٢٠١٧ وحتى 2022 يعمل على إرساء قواعد ودعائم الدولة الوطنية والحفاظ على المعنى والشكل لدولتنا الحديثة، عندما أطلق منذ عام (دخولنا لتدشين الجمهورية الثانية) وسيكون مقر مصر الحديثة (العاصمة الإدارية الجديدة) …

وحتى عندما فعل الرئيس ذلك، نجد أن البعض من هؤلاء لا يزالون على فكرهم القديم، هؤلاء الذين للأسف وضعوا يدهم فى يد الإخوان، حتى أوصلوهم للحكم، ثم تنصل الإخوان من هؤلاء الحلفاء، فأخذوا يضربون أنفسهم بالأقلام، لأن غدر الإخوان سيلاحقهم للتنكيل بهم فى كل مكان، فما كان منهم إلا أن ينضموا لثورة الشعب ٣٠ يونيو لينقذوا أنفسهم من براثن الإخوان، ولكن الآن يظهرون ويتطهرون من تاريخهم الأسود المسجل «صوت وصورة» ويعرضون أفكارهم البالية، التى ما زالت كلها مصالح وانتفاع، ويطالبون الدولة بالتغيير وهم ما زالوا راكدين دون جديد، وكأنهم ما زالوا فى غياهب عقد مضى من الزمان، تغيرت فيه أحوال البلاد تماما عما كانت عليه …

من هذا المنطلق توجهت للرئيس بسؤال، بعد أن وقف معنا طويلا يستقبل أسئلتنا واستفساراتنا جميعا، وقال لنا بأريحية وود: «أنا معكم حتى صباح اليوم التالى، حتى تنهوا أنتم بأنفسكم كل ما تريدون منى توضيحه».

وكان عندى للرئيس سؤالان: الأول ويخص الحوار الوطنى… قلت للرئيس: لدي اعتقاد بخصوص الحوار، أريد من سيادتك تأكيده أو نفيه …

الرئيس: اتفضلى..

فقلت: أعتقد أن الحوار لجمع الأفكار، لنأتى منها بمبادئ وفلسفة ثورة ٣٠ يونيو، لتكون مبادئ حاكمة لجمهوريتنا الثانية، خاصة أن سيادتك طلبت أثناء إطلاق مبادرة الحوار، أن يتقدم أفراد الشعب بأفكار تكون معينا لمتخذي القرار … وهذا فى رأيي أحد أهم دعائم الديمقراطية، أن يدلو الشعب بأفكاره ويترجمها، وينفذها القائمون على مصالح الشعب …

قال الرئيس: الحوار من أجل أن نسمع بعضنا البعض، أما بخصوص مبادئ ثورة ٣٠ يونيو، فقد كانت هناك محاولات من (الأستاذ ياسر رزق، رحمه الله)، ولكن لم تتم لأننى كنت أناقشها، ولكن لم أقرها، لأنها مجرد محاولات، وهذه الأوراق، هى طرف ياسر رزق وليست معنا … (عندها انتهى كلام الرئيس).

ولكن من يعلم ويقرأ ما يريد الرئيس، من كل كلمة يصير لديه الموقف برمته، ولذلك فأنا أؤكد أن الرئيس عندما ذكر بأن الأوراق فى حوزة (ياسر رزق) وليست طرف الرئاسة أو غيرها، وأنها كانت محاولات، أي ما يطلق عليه (إرهاصات) لم ترق إلى الشكل الذي يمكننا أن نطلق عليها (مبادئ) وأن تأكيد الرئيس على مناقشتها فقط، هو تأكيد على أنه لم يوافق عليها أو أقرها …

ويريد الرئيس بتأكيده على أن أوراق هذه المحاولات طرف (رزق)، إنما هو حماية لملكية فكرية، لمن سيقومون بعمل وكتابة هذه المبادئ حتى لا يأتى من يقول هذه المبادئ كان قد كتبها (رزق) والآخرون استغلوها، هذه رسالة للتاريخ من رئيس الدولة بأن (ياسر رزق قام بمحاولات لم تكتمل ولم يوافق عليها الرئيس وأوراق هذه المحاولات التى عرضها رزق هى طرف ياسر نفسه رحمة الله عليه، والمبادئ التى سيتم إعلانها فيما بعد لا تخص محاولات رزق من قريب أو بعيد) …

ويبقى السؤال الآتى: هل ما زال هناك بعض من الذين يقدمون (شخصًا بعينه) للرئيس، دون عرض مجموعة أسماء بأمانة عليه، ليقدم كل منهم محاولاته، والرئيس يختار ويقر من تلك المحاولات ما يراه معبرا حقيقيا عن ثورة يونيو؟

وبمناسبة الرجل الأوحد والوحيد، والذي يتوارى من خلفه من دفع به، لقد ذكر الرئيس أيضا فى إجابته عن سؤالى، بأنه عندما تقلد رئاسة الجمهورية فى ٢٠١٤ ذهب إليه (الأستاذ هيكل) عارضا عليه أوراقا تحمل عنوان (الحقوق والواجبات لثورة ٣٠ يونيو)، ولكن الرئيس شكره، وقال: «هذا ليس وقته، أمامي بناء دولة والحفاظ عليها، وشعب تعب، وحدود ملتهبة، وإرهاب منتشر فى سيناء»، ولم يأخذ الرئيس أي أوراق من (الأستاذ هيكل) أيضا، وانصرف الأستاذ ومعه أوراقه …

هذه حقائق للتاريخ، يجب ألا تُنسى وتُسجل فى ذاكرة كل من استمع لها …

أما السؤال الثانى للرئيس، فكان بخصوص موقفنا من الأزمة (الروسية - الأوكرانية)، كالآتي :

«سيادة الرئيس اسمح لى أن أطلق على الحرب الروسية الأوكرانية (القضية) وليس الحرب، فهى ليست حربا بالمفهوم العام للكلمة …

وعليه، فهل لو كنا اتخذنا موقفا غير حيادي تجاه أحد أطراف تلك القضية كانت ستصير لنا مكاسب أو خسائر من جراء هذا؟»

الرئيس: ماذا تقصدين بالمكاسب والخسائر؟…

فقلت: أريد معرفة، هل لو كان لنا موقف مختلف، كنا نكسب أو نخسر أشياء أم أن موقفنا الحيادي جنبنا هذا؟

الرئيس: «وأنت شايفة إيه؟… هل يمكن أن نتخذ موقفًا آخر؟»

رددت: «أنا عايزة إجابة سيادتك، لأنك من لديه كافة المعلومات عن هذا الموقف؟»

الرئيس: وبناء على المعلومات لدينا، فهذا موقفنا، وهو ما كان سيفعله أي شخص آخر مكانى، لأنه الموقف الأمثل لنا» …

شكرا لك سيادة الرئيس …

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2