«فنلندا والسويد».. على أبواب الناتو

«فنلندا والسويد».. على أبواب الناتوفنلندا والسويد

عرب وعالم7-6-2022 | 15:05

كشفت تقارير وسائل إعلام عالمية ورؤى تحليلية لخبراء ومختصين في العلاقات الدولية عن التحديات التي تواجه انضمام فنلندا و السويد إلى حلف الناتو، والتي تفرض المزيد من التعقيدات الجسيمة أمام مساعي دولتي فنلندا و السويد للانضمام لحلف الناتو، وأرجعت السبب إلى أن الرموز السياسية الموالية للكرملين ووسائل الإعلام المتعاطفة مع روسيا نجحت في بناء كتلة من الدول الأوروبية الموالية لروسيا والترويج للتوجهات الاستراتيجية الروسية نحو توسع حلف الناتو شمالا.

كما كشفت التقارير أن هذه الحواجز تزيد من تعقيدات مساعي الدول الغربية الراغبة في ضم الدولتين، خاصة في ظل معارضة دولتا تركيا وكرواتيا انضمام فنلندا و السويد إلى الناتو والتلويح باستخدام «الفيتو».

السطور التالية تلقي الضوء على كافة الرؤى والتحليلات وتكشف عن أبعاد موقف دولتي تركيا وكرواتيا المعارض لانضمام السويد و فنلندا إلى حلف الناتو.

أكد جان أسيلبورن، وزير خارجية لوكسمبرج، فى تصريحات نشرتها شبكة دويتشه فيله الألمانية وتناقلتها وسائل إعلام ألمانيا وصحف تركية، أن أسباب موقف تركيا المعارض لانضمام كل من السويد و فنلندا إلى حلف الناتو، لا يتعلق بالانفصاليين الأكراد، مرجعا السبب إلى رغبة تركيا فى الحصول على مقاتلات «F16» من الولايات المتحدة، قائلا: «أعتقد أن أردوغان يسعى لزيادة الضغوط للحصول على مقاتلات «F16»، وهذه لعبة خطيرة”.

وأضاف أسيلبورن أن تركيا لن تستطيع عرقلة انضمام هاتين الدولتين لصفوف الحلف ولن تستطيع تحمل مسؤولية موقفها المعارض، مشيرًا إلى أن الموقف التركى يقود إلى تنازلات فيما يتعلق بصادرات الصناعات الدفاعية.

وعلاوة على ذلك ذكرت شبكة دويتشه فيله الألمانية أن تركيا ترغب فى الضغط على دول حلف الناتو لوقف العقوبات الأمريكية المفروضة على تركيا، مشيرة إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد سلسلة من المفاوضات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة و تركيا حول الموقف التركي، كما ستشهد مساعى دبلوماسية من جانب فنلندا و السويد للتفاوض مع تركيا.

سياسة الباب المفتوح

صرح المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين، لصحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية وعدد من الصحف التركية، أن بلاده لم تغلق الباب أمام عضوية فنلندا و السويد فى حلف الناتو، وذلك تعقيبا على تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان بأنه لن يدعم انضمام السويد و فنلندا إلى الناتو، لأن الدول الإسكندنافية أصبحت “بيوت ضيافة” للمنظمات الإرهابية.

وأوضح كالين أن بلاده لا تغلق الباب أمام انضمام هذه البلدان إلى حلف شمال الأطلسي، قائلا: “ومع ذلك، فإننا نطرح هذه القضية بشكل أساسى على جدول الأعمال باعتبارها قضية أمن قومى لتركيا”.

ولفت كالين إلى أن ما يجب القيام به واضح، وذلك لأن الدولتين بحاجة إلى عدم السماح لمنافذ وأنشطة ومنظمات وأفراد حزب العمال الكردستانى بالتواجد داخل أراضيهما، قائلا: “سنرى كيف تسير الأمور، لكن النقطة الأولى التى نود أن نلفت انتباه جميع الحلفاء إليها أن أى دولة ترغب فى الانضمام إلى الناتو تحتاج لتصويت لصالحها بالإجماع من أعضاء التحالف العسكري».

وذكرت تقارير تركية نشرتها صحيفة زمان التركية أن السلطات التركية، قدمت إلى السويد قائمة مطلوبين تضم 33 شخصا، وكانت السويد حظرت تصدير الأسلحة إلى تركيا، مع إطلاق تركيا عملية عسكرية ضد المقاتلين الأكراد فى شمال سوريا، وهو ما يزعج أنقرة وترى أن الظروف مواتية للمطالبة بتغييره.

وأضافت الصحيفة التركية أنه بينما تهدد تركيا باستخدام حق النقض ضد قرار انضمام السويد و فنلندا لحلف الناتو، أثار تقديم أنقرة قائمة بأسماء مطلوبين إلى هاتين الدولتين جدلاً، كبيرًا داخل الدولتين مصحوبا برفض المطلب التركى بضم قوائم الترحيل التى تطالب بها السلطات التركية حكومات الدولتين.

وحول هذا الشأن، أكد رئيس البرلمان الفنلندى ماتى فانهانين، الرفض التام للمطلب التركي، قائلا: «بشأن طلبات الترحيل التى قدمتها تركيا، لن يتم تسليم الأبرياء إلى دولة أخرى، خاصة إذا كان هناك خطر التعرض للسجن أو الحكم عليهم دون مبرر».

ولفت إلى أنه يجب على تركيا أن تفهم أن فنلندا لن تغير موقفها السياسى بشأن القضايا المتعلقة بسيادة القانون، مشيرًا إلى أنه فيما يتعلق بالقضايا المتعلقة بالصادرات والأسلحة، فإنه يجب على تركيا توضيح موقفها بشكل واضح.

وكانت وزيرة الخارجية الفنلندية بيكا هافيستو أكدت على مبدأ “سيادة القانون” فيما يتعلق بتسليم المجرمين. وصرحت هافيستو بأنه يمكن طمأنة تركيا بأن الأشخاص المرتبطين بحزب العمال الكردستانى “سيخضعون للمراقبة عن كثب”.

النفوذ الروسي

فى إطار رؤيتها التحليلية لقضية انضمام فنلندا و السويد إلى حلف الناتو، ذكرت صحيفة الإندبندنت البريطانية أن النفوذ الروسى فى جميع أنحاء أوروبا يضع حاجزًا أمام تمدد حلف الناتو شمالا بضم دول شمال أوروبا للتحالف العسكري، ومن هذا المنطلق أكدت الصحيفة أن النفوذ الروسى مدعومًا بتوجهات وسائل الإعلام الموالية لروسيا، من الممكن أن يعرقل خطط دخول الناتو من قبل فنلندا والسويد.

ونقلت الصحيفة البريطانية عن بورزو دراجاهي، المحلل السياسى المتخصص فى العلاقات الدولية، أن الإعلام المؤيد للحكومة فى المجر العضو فى الناتو الأقرب سياسيًا إلى روسيا يتبنى استراتيجية الكرملين بشأن عدم توسع الناتو، مشيرًا إلى أن أكبر موقع إخبارى مؤيد للحكومة فى المجر يؤيد بشكل علنى خط الكرملين بشأن عدم توسع الناتو.

موقف كرواتيا

وفيما يتعلق بمعارضة كرواتيا لانضمام فنلندا و السويد إلى الناتو، ذكر أن السبب فى تعهد زوران ميلانوفيتش، رئيس كرواتيا، الدولة العضو فى الناتو، بمنع انضمام السويد و فنلندا الوشيك إلى الناتو يرجع إلى أن زوران ميلانوفيتش، رئيس كرواتيا، استمر لفترة طويلة حليفًا للكرملين، وهو تحالف ولد من رحم العلاقات التجارية بمرور السنين.

وأوضحت الصحيفة البريطانية فى هذا الشأن أنه لطالما اتُهم ميلانوفيتش، رئيس كرواتيا، الذى يتولى منصب القائد العام للقوات المسلحة، بإقامة علاقات قوية مع الكرملين من خلال تعاملات الطاقة، لافتة إلى أنه كان منذ شهور يقلل من شأن جرائم الحرب الروسية المزعومة فى أوكرانيا أو ينفيها، بما فى ذلك قصف مستشفيات الأمومة والهجمات على المدنيين.

وأضافت أنه عندما أصبح هذا الموقف لا يمكن الدفاع عنه بسبب الأدلة المتزايدة على الفظائع، قام بتعديل موقفه ليقول إن روسيا كانت خطرة للغاية بحيث لا يمكن استفزازها وأن الناتو يجب أن يمارس «ضبط النفس» عندما يتعلق الأمر بإضافة أعضاء، ونقلت الصحيفة البريطانية عن الرئيس الكرواتى قوله «أعلم أن أصحاب الأخلاق والناس القلقين على مصير كل شبر من العالم لن يفهموا ذلك، لكننى انتُخبت لأكون رئيسًا لكرواتيا، وليس عالمًا أخلاقيًا عالميًا».

وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس كرواتيا يتحدى معارضة رئيس الوزراء والحكومة فى بلاده، ويجادل بأن فنلندا و السويد لا يمكنهما الانضمام إلى الناتو حتى يتم إصلاح قوانين الانتخابات فى البوسنة والهرسك الدول المجاورة غير الأعضاء بحلف الناتو، بما يتيح الأدوات اللازمة لتصبح هذه الدول أكثر صداقة مع العرق الكرواتي.

وذكرت الصحيفة البريطانية أن النفوذ الروسى كبير داخل دولة السويد نفسها، وهو ما يتسبب فى شعور الخبراء والمختصين بالقلق من أن أنصار روسيا بإمكانهم إشعال الشكوك العالقة والمتوارثة داخل الحزب الاشتراكى الديمقراطى ا لحاكم بشأن الانضمام إلى حلف الناتو، مشيرًة إلى أن أنصار روسيا داخل الحزب الحاكم يرفعون شعار «لا للناتو. لا تحالف مع الفاشيين»، وذلك بحسب ما جاء فى إعلان احتجاج ستوكهولم ضد الناتو.

تحديات جسيمة

وبحسب تحليلات صحيفة الإندبندنت البريطانية تظل تركيا من أكبر العقبات أمام تطلعات فنلندا و السويد للانضمام إلى الناتو، مؤكدة أنها تتبنى محاولة لتشكيل جبهة غربية موحدة ضد روسيا تحقق المصالح التركية فى أعقاب اندلاع الحرب فى أوكرانيا.

الكتلة الأوروبية الموالية للكرملين تفرض تحديات جسيمة أمام تنفيذ سياسات الناتو، وأوضحت الصحيفة البريطانية أن الرموز السياسية ووسائل الإعلام المتعاطفة مع الكرملين استطاعت بناء كتلة من الدول الأوروبية الموالية لروسيا، وأن هؤلاء نجحوا فى الترويج للتوجهات السياسية الروسية على مدار السنوات الماضية، وهو ما يفرض تحديات كبيرة أمام انضمام فنلندا و السويد إلى الناتو وتوسعه شمالا، مشيرة إلى أن أصحاب هذه التيارات من المتعاطفين مع روسيا تشكك فى جدوى خطط دمج فنلندا و السويد سريعا فى الناتو فى غضون الأشهر المقبلة.

وأضافت الصحيفة أن سنوات من بناء النفوذ الروسى تضمنت بناء العلاقات السياسية والضغط السياسى والعلاقات التجارية تؤتى ثمارها بطريقة يمكن أن تشكل حواجز أخرى أمام دخول دول الشمال إلى الناتو.

وبحسب تحليلات الصحيفة البريطانية فى هذا الشأن، أوضح بول ليفين، أستاذ العلاقات الدولية المتخصص فى العلاقات التركية بجامعة ستوكهولم للدراسات التركية، أن عملية انضمام فنلندا و السويد نفسها إلى حلف الناتو ستخلق فرصا عديدة لعمل الاستخبارات الروسية وتساعد الكرملين على الحصول على المعلومات، قائلا: «لقد كنت قلقًا من أن عملية الدخول نفسها ستخلق فرصة لعمليات المعلومات فى الكرملين».

مخاوف ملموسة

وذكرت الصحيفة البريطانية أنه لطالما كان لدى الدول الأعضاء فى حلف الناتو مخاوف ملموسة بشأن ما يمكن أن يعنيه انضمام فنلندا و السويد إلى الكتلة لأمنهم، وتشكو تركيا، التى انضمت إلى الناتو فى عام 1952، منذ سنوات مما تعتبره علاقات حميمة بين ستوكهولم والفرع السورى لحزب العمال الكردستاني، الجماعة الانفصالية الكردية المحظورة.

كما ذكرت الصحيفة أن أنقرة غضبت من لقاء وزير الخارجية السويدى آن ليندى ووزير الدفاع بيتر هولتكفيست والعديد من النواب فى مارس الماضى مع نسرين عبد الله، زعيمة حزب العمال الكردستانى فى منطقة الحكم الذاتى الخاضعة لحزب العمال الكردستانى فى شمال شرق سوريا.

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن هناك اتجاها مؤيدا للموقف التركى داخل الكتلة الأوروبية الموالية لروسيا والتى تشهد قوة النفوذ الروسي، وأن ذلك ما يكشف عنه، إعلان وزير خارجية المجر عن تعاطفه مع مخاوف الرئيس التركى رجب طيب أردوغان.

وأضافت الصحيفة البريطانية أنه أيضا رفض مسئولون حكوميون آخرون فى بودابست الحرب على الحدود الشرقية للمجر ووصفوها بأنها معركة بين الولايات المتحدة وروسيا على الأراضى الأوكرانية، كما عارضت بودابست بالفعل عقوبات الاتحاد الأوروبى للطاقة المفروضة على روسيا، حيث حذر صديق أوربان رئيس المجر من أن مثل هذه القيود ستضر بالاقتصاد المجرى «مثل القنبلة النووية».

أضف تعليق

خلخلة الشعوب و تفكيك الدول

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2