قال الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف العمل ليس نافلة ولا رفاهية، العمل واجب، العمل ضرورة، العمل حياة، العمل عز وشرف، وقد بين لنا ديننا الحنيف شرف العمل وأهميته، فهو سبيل الرقي والتقدم، والمتأمل في القرآن الكريم يجد فيه دعوة صريحة للعمل الذي تتحقق به عمارة الكون ومصالح البلاد والعباد والخير للدنيا وما فيها، حيث يقول الحق سبحانه: “هُوَ الذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِليْهِ النُّشُورُ”.
وأوضح وزير الأوقاف أن السنة النبوية المشرفة زاخرةٌ بالدعوة إلى العمل وإتقانه والجدِّ فيه، باعتباره شرفًا يحفظ للإنسان كرامته، حيث يقول نبينا (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ دَاوُدَ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ" وفي رواية: " كان نبي الله داود عليه السلام لا يأكل إلا من عمل يده " ويقول (صلى الله عليه وسلم): "مَنْ باتَ كَالاًّ مِنْ عَمَلهِ بَاتَ مَغفورًا لَه"، ويقول ( صلى الله عليه وسلم ): " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه "، وكان سيدنا عمر (رضي الله عنه) يقول: "لَا يَقْعُدُ أحدكم عن طلب الرزق يقول: اللهمَّ ارْزُقْنِي؛ فَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ السَّمَاءَ لَا تمطر ذهبًا ولا فضة".
وتابع: عندما نتحدث عن العمل فإنه لابد من التذكير بعدة أمور:
أولها: مبدأ الحق والواجب، أو الحق مقابل الواجب، وهو أحد أهم المبادئ العادلة التي تسهم في إصلاح المجتمع، ومن ذلك حق العامل وحق العمل معًا.
والقاعدة: أن من أخذ الأجر حاسبه الله على العمل، وأن العقد شريعة المتعاقدين، وقد أمرنا رب العزة بالوفاء بالعقود، فقال سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ".
ثانيا: مراقبة الله في كل جوانب حياتنا: قولا وعملا، سرا وعلنا، فقد حثنا ديننا الحنيف على مراقبة الله (عزو جل) في السر والعلن قبل مراقبة الخلق، لأن الخلق إن غفلوا عن المراقبة أو المتابعة، فهناك من لا يغفل ولا ينام، ولا تأخذه سنة ولا نوم، حيث يقول سبحانه: "الله لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ"، ويقول (عز وجل): "مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ"، ويقول سبحانه وتعالى على لسان لقمان (عليه السلام): "يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ".
ثالثا: ضرورة تطوير الذات وتسليحها بالعلم والثقافة والتعلم المستمر، فحيث يتوقف الإنسان عن تطوير ذاته يسبقه الآخرون ويتجاوزه الزمن، إن لم يصبح هو قاب قوسين أو أدنى من فقد ما حققه أو وصل إليه، ولا ينبغي لبرامج التأهيل أن تتوقف ما دام في مجال العلم وميدانه بقية ومتسع، على أن مجالات العلم ومستجداته لا تتوقف ما دامت الحياة مستمرة، وما دامت الوقائع والمستجدات والمستحدثات تتّابع، وهو ما فهمه علماؤنا الأوائل حين قالوا: العلم من المهد إلى اللحد، وقدر كل امرئ ما كان يحسنه، وقيمة المرء على قدر ما يجيده ويتقنه، ولم يعد بإمكان أحد أن يشق طريقه بغير العلم والوطنية والإخلاص والتفاني والجد في العمل.