قال الدكتور محمد مختار وزير الأوقاف إنه لا شك أن جميع العبادات تحمل في مضامينها قيمًا ومعانيَ أخلاقية كثيرةٍ ساميةٍ، وذلك لأن الإسلام قد ربط جميع العبادات بمكارم الأخلاق، فما من عبادة شرعها الإسلام من صلاة، أو صيام، أو زكاة، أو حج، إلا ولها أثر يظهر على سلوك الفرد في سموِّهِ الأخلاقي إذا أدى العبادة على الوجه المراد، بل إن هذا الأثر يتعدى الفرد إلى المجتمع وينعكس أثره عليه، فإن الإسلام ليس طقوسًا جوفاء لا علاقة لها بالواقع، فيخرج المصلي من صلاته ليغش ويحتكر، ويؤذي جاره، أو يكذب أو يخون أو يخلف العهد أو الوعد، أو يرجع الحاج من حجه إلى ما كان عليه من التقصير دون تصحيح مسار حياته بالإكثار من الطاعات وهجر ما كان عليه من المعاصي.
وأضاف وزير الأوقاف في مقالة بعنوان ال حج ومكارم الأخلاق، أن ال حج لا يؤتي ثمرته المرجوة ولا يكون مبرورًا يعود الحاج منه كيوم ولدته أمه إلا إذا اجتنب صاحبه الرفث والفسوق والجدال، حيث يقول الحق سبحانه: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ}[البقرة: 197]، وحيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "مَنْ حَجَّ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أمُّهُ" (متفقٌ عَلَيْهِ)، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "مَنْ أَتَى هَذَا الْبَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" (رواه مسلم).
وأكد أنه يجب على الحاج أن يتحلى بمكارم الأخلاق من الإيثار لا الأثرة، والاستغناء والتعفف لا السؤال والابتذال، وأن يتجنب الغيبة والنميمة والرفث والفسوق والعصيان والجدل، وكلَّ ما من شأنه أن ينال من حجه، وليحرص على اغتنام هذه الفرصة التي قد لا تواتيه مرة أخرى، وقد لا يعوضها إن ضيعها، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): " إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا ; لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ يُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا"فليتحلَّ الحاج بمكارم الأخلاق قبل الحج، وأثناء الحج، وبعد الحج، وليدرك أن قبو ل حجه مرهون بمدى تخليه عن مساوئ الأخلاق وتحليه بمكارمها، وأن أكثر ما يدخل الجنة هو تقوى الله (عز وجل) وحسن الخلق.