ماذا بعد أن فشلت التجربة؟

ماذا بعد أن فشلت التجربة؟الدكتور عبد الله زلطة

الرأى4-7-2022 | 22:33

منذ عامين أصدر المجلس الأعلي للجامعات قرارا بإلغاء الكتاب المطبوع في الجامعات بحجة مسايرة مايسمى (الرقمنة)!!! ووجه المجلس الأعلي بأن يقتصر التعامل في المناهج الدراسية مع المادة المنشورة علي مواقع الجامعات أو أسطوانات تباع للطلاب، ظنا من أعضاء المجلس الموقر أنهم بهذا القرار يحققون طفرة في التعليم الجامعي وأن هذا النظام الجديد سينتج نوابغ وعباقرة وخريجين علي درجة عالية من الكفاءة العلمية!..

فماذا حدث؟!..

يضطر الطلاب لدفع رسوم المادة المنشورة علي أسطوانات مدمجة ثم يضطرون مرة أخري لطباعتها بأغلي الأسعار في المكتبات الواقعة في محيط الجامعات، وهكذا يجد الطالب نفسه محملا بأعباء مالية ضعف ما كان يتحمله قبل تطبيق النظام الجديد.

ثم إن هناك الآلاف من الطلاب الذين ينتمون لأسر فقيرة يسكنون القرى والكفور والنجوع ولا يملكون أجهزة كمبيوتر ولا حتي أجهزة موبايل حديثة، ومعظم هؤلاء حريصون علي استذكار المقررات الدراسية من الكتب المطبوعة ويضعون خطوطا وعلامات أسفل الفقرات المهمة للتركيز عليها في المذاكرة، فأصبحوا في حيرة من أمرهم بسبب هذا الوضع الجديد.

كنا نتمنى بعد مرور عامين على تطبيق هذا النظام أن يكلف المجلس الأعلي للجامعات بيت خبرة أو جهة محايدة بإجراء دراسة ميدانية تحليلية عن إيجابيات وسلبيات هذا النظام، وأن يستطلع آراء عينة من الطلاب في مختلف الجامعات المصرية للوقوف علي مدى ما حققه لهم من مزايا أو مساوئ!.

إننا نحن أساتذة الجامعات الذين نعيش في أوساط الطلاب ونعرف ظروفهم واحتياجاتهم المادية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية، ندرك تماما مدى ما يعانيه الغالبية العظمي من هؤلاء الطلاب وأسرهم بسبب هذا النظام الجديد الذي ثبت فشله تماما.

ثم إن هناك ما هو أخطر من ذلك؛ لقد قضى هذا النظام على التأليف الجامعي، فلم يعد من يحرص على تأليف كتاب جديد عن طريق إحدى دور النشر لطرحه في معارض الكتب الشهيرة في كافة الدول العربية كما كان يحدث في الماضي.

لقد ساد خلال العامين الماضيين ما يمكن أن نطلق عليه (تسطيح الثقافة الجامعية)! حيث لم يعد الطالب في حاجة إلا لمذكرة تحوي بضع صفحات مطبوعة على أسطوانة مدمجة، بضع صفحات قليلة يعيد طبعها ورقيا بدلا من الكتب الدسمة التي تحوي الثقافة الجادة وتنتج خريجين مثقفين في مجالات تخصصاتهم.

ثم إن من مساوئ إلغاء الكتاب المطبوع بالجامعات، إغلاق آلاف المطابع وقطع أرزاق آلاف العمال المهرة في مجال الطباعة، فتحول هؤلاء إلى سائقي تكاتك!!..

ولله الأمر من قبل ومن بعد!!!

أضف تعليق

حظر الأونروا .. الطريق نحو تصفية القضية الفلسطينية

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2