تركيا الأردوغانية تتجه للتصعيد أم تحاول فقط إفساد الفرح المصرى بـ«ظٌهر» ؟!

تركيا الأردوغانية تتجه للتصعيد أم تحاول فقط إفساد الفرح المصرى بـ«ظٌهر» ؟!تركيا الأردوغانية تتجه للتصعيد أم تحاول فقط إفساد الفرح المصرى بـ«ظٌهر» ؟!

*سلايد رئيسى8-2-2018 | 22:10

دار المعارف

في الإحتفال بدء الإنتاج المبكر لحقل "ظهر" لإنتاج الغاز بالبحر المتوسط ، كانت الرسالة واضحة من الرئيس السيسى عندما أكد " لولا ترسيم الحدود البحرية مع قبرص لما تمت عملية البحث والتنقيب عن الغاز وثروات مصر، الأمر الذي ينطبق علي كافة الحدود البحرية في البحرين المتوسط والأحمر.

لكن تعزيز مصر من استكشافات ثرواتها من الطاقة، غير مرهون باجراءات ترسيم الحدود البحرية فقط، ذلك أن هناك استراتجية تنفذها الحكومة المصرية تستهدف تعزيز قدراتها الشاملة من الجوانب الفنية، والأمنية، لتأمين ثرواتها والإستفاده منها، وسط صراع إقليمي محتدم علي الطاقة في المتوسط، حيث تتداخل أطماع قوي إقليمية في الفترة الأخيرة مع جهود وطنية لدول شرق وجنوب المتوسط وفي مقدمتها مصر لتعزيز الإستفادة من ثرواتها من الطاقة.

بالتأكيد فأن بدء إنتاج "ظهر" لن يحقق الإكتفاء المصري من الغاز، ولكنه سوف يحقق نقلة إقتصادية نوعية للدولة المصرية ، فبعد أن كانت مصر تتحمل مليار و200 مليون دولار شهريا لشراء منتجات بترولية نتيجة لتوقف الإنتاج نتيجة لحالة الثورة التى كانت تمر بها مصر ، وفر إنتاج "ظهر" هذه التكلفة العالية علي الموازنة ، ذلك أن إنتاجه قادر علي سد احتياجات السوق المحلي بل ويكفي للإتجاه للتصدير.

ويقدر حجم إحتياطي حقل "ظهر" بحوالى 30 تريليون قدم مكعب غاز ما يعادل 5,4 مليار برميل زيت مكافئ، كما أن احتياطيات الحقل تمثل اكثر من 135% من الاحتياطى الحالى للزيت الخام فى مصر ، فضلا عما يمثله من جذب استثمارات أجنبية لمصر تقدر بحوالى 12 مليار دولار تم انفاق 5 مليار منهم خلال المرحلة الأولى.

ويفوق هذا الإنتاج إحتياطي حقل"أفروديت" الذي تم اكتشافه في قبرص يناير 2011 ويقدر بنحو 27 تريليون قدم مكعب بقيمة 120 مليار دولار ، لكن التعاون المشترك بين البلدين في الفترة الأخيرة يساهم في نقل إنتاج الحقل القبرصي لمصر لتسييله وإعادة تصديره.

التحالف الثلاثي 

لكن الدولة المصرية واجهت تحديات عدة للتتحول من دولة مستورده ومستهلكة تتضاعف ديونها إلي دولة منتجه ومصدره في القريب العاجل في فترة زمنية قياسية ، هذه التحديات خاضتها باستراتجية استهدفت تعزيز التعاون مع دول جوار وعلي رأسها ألية التعاون مع قبرص واليونان ، ومواجهة أطماع إقليمية من دول مثل تركيا ، وتطوير قدراتها العسكرية بتعزيز إمكانيات القوات البحرية المصرية.

والواقع أن الصراع علي نفوذ إنتاج الغاز بالمتوسط ليس وليد السنوات الأخيرة ولكنه قائم منذ عقود ، لكن ما يضاعف من مساعي دول المتوسط حجم الإستكشافات الأخيرة التي ترسم خريطة جديدة للدول المنتجه والمصدرة للطاقة وتجعل من مصر مركز إقليمي حقيقي لإنتاج وتصدير الغاز.

وتوضيحا لإستراتجية الدولة المصرية كان توجه الدولة المصرية مع بداية فترة حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي بتدشين آلية التعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان في شرق المتوسط ، وكانت انعقاد أول قمة لقادة الدول الثلاثة في نوفمبر 2014 بالقاهرة ، لتتوالي إنعقادها حتي نسختها الخامسة في نوفمبر 2017 بالعاصمة القبرصية نيقوسيا.

ومع كل دورية انعقاد لألية التعاون الثلاثي تثبت جدواها حتي تحولت لتحالف ثلاثي إقليمي يقدم نموذجا للعلاقات مع دول الإتحاد الأوربي بالمنطقة ، وحقق كثير من المكاسب لعل أبرزها التعاون في مجال استكشاف الغاز والطاقة وتعزيز التعاون في النقل البحري والربط الكهربائي والتنسيق المشترك في مواجهة تحدي الإرهاب.

ثم كانت أحد أبرز هذه الثمار اجراءات ترسيم الحدود البحرية التي تساهم في تكثيف عمليات البحث والتنقيب علي الغاز والبترول، وهو ماتم بشكل كامل مع قبرص، وبشكل مبدئي محتمل مع اليونان،  بجانب اتفاق مصر مع قبرص خلال زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة لنيقوسيا في نوفمبر 2017 والتي تقضي علي تسييل الغاز القبرصي في شرق المتوسط ضمن اتفاقية التعاون المشترك في مجال الطاقة واستكشافات الغاز وإعادة تصديره ، في ظل ما تمتلكه مصر من محطات تسييل مثل الموجودة في دمياط ورشيد.

معركة الغاز بالمتوسط

بعد نجاح نموذج التعاون الثلاثي بين مصر وقبرص واليونان ، تسعي الدول الثلاثة لتعزيز هذا التعاون الإقليمي بتوسيعه وإضافة دول أخري ، وهذا التوجه تم طرحه في مباحثات القمة الثلاثية لقادة الدول الثلاثة بقبرص نوفمبر 2017 ، وعبر عنه رئيس الوزراء اليوناني إلكسيس تسيبراس في المؤتمر الصحفي المشترك وقتها عندما قال أنه "يرغب في توسيع التعاون الثلاثي بضم أطراف اخري ، خاصة في القمة السادسة التي ستعقد في اليونان ٢٠١٨".

وهناك اتجاه متفق عليه لتوسيع التحالف الثلاثي بضم دولة إيطاليا ليكون تحالفا رباعيا بالمتوسط ، وهو توجه عبّر عنه أكثر من مسئول في مصر وقبرص وتحديدا من السفيرة المصرية بنيقوسيا مي طه ومن المستشار الإعلامي للرئيس القبرصي ميخاليس ميخائيل .

وستكون إيطاليا الأقرب للانضمام للتعاون الثلاثي ، وقد تنتهي هذه الإجراءات قبل انعقاد القمة السادسة في اليونان خلال هذا العام ، خاصة وأن هناك تعاون مشترك بين الأطراف الأربعة بصفة خاصة في ملف الغاز  ، حيث بدأت الشركات الإيطالية تدخل في السوق القبرصي وعلي رأسها شركة "إيني" مكتشفة حقل "ظهر" بمصر ، وفي نفس الوقت هناك مشروع إيطالي قبرصي يوناني لإنشاء خط انابيب لنقل الغاز لاوروبا.

لكن هذا الإتجاه يأتي بالتوازي مع تحركات من دول أخري ، كشف عنها ميخاليس ميخائيل المستشار الاعلامي للرئيس القبرصي ، حيث أن هناك اتجاه لتعميم فكرة التعاون الثلاثي بمنطقة شرق المتوسط بعد نجاح تجربة التعاون الثلاثي المصري اليوناني والقبرصي وبهدف استقرار منطقة شرق المتوسط.

انزعاج تركي وتصعيد

التعاون المصري مع دول شرق المتوسط ، كان مصدر انزعاج لتركيا ، ليس فقط في التلويح المستمر بدعم القضية القبرصية وإنهاء الإحتلال التركي لإحدي شطري الجزيرة القبرصية ، ولكن في مجالات التعاون المشتركة ، وبدا ذلك واضحا في بيانات الجزء المحتل من تركيا بعد القمة الثلاثية الأخيرة بنوقيسيا والذي يرفضون فيه قرارات وتوصيات القمة الثلاثية والتي كان أهمها دعم الدول الثلاثة للقضية القبرصية وانهاء الاحتلال التركي وفقا لقرارات الامم المتحدة.

ووسط هذا الترقب التركي ، جاءت التحركات التركية للاستفاده من ثروات الطاقة بالمتوسط ، حيث بادر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بزيارة العاصمة اليونانية أثينا في النصف الأول من ديسمبر الماضي ، في أول زيارة لرئيس تركي لليونان منذ 65 عاما.

ورسم أردوغان خريطة التعاون مع أثينا وفقا لاتفاقية المجلس الاستراتيجي المشترك بهدف تحقيق الأمن والإستقرار وتعزيز التعاون الإقتصادي المشترك ، لكن يبقي الإحتلال التركي للجزء القبرصي وممارساتها بالمنطقة عائقا أمام توسيع تعاونها مع دول المتوسط.

خطة تأمين الغاز المصري

يبقي جانب التأمين ، حيث نفذت الدولة المصرية استراتجية وطنية لتعزيز قدرات القوات المسلحة وتحديدا البحرية المصرية لتأمين ثرواتها البحرية ، وخلال السنوات الأربعة الماضية حققت القوات المسلحة نقلة حقيقية في تطوير التسليح.

وفي سبيل تأمين ثروات مصر بالمتوسط ، انضمت العديد من الوحدات البحرية الحديثة والتي تتناسب مع التحديات الحالية والمستقبلية ولنضمن أيضا استمرار الدور الفعال للقوات البحرية المصرية في تأمين الثروات القوية للبحر داخل وفي عمق مياهنا الاقتصادية.

لعل أبرز ما تم ما ذكره الفريق أحمد خالد حسن قائد القوات البحرية المصرية ، بداية من حاملتى طائرات مروحية طراز المسترال " جمال عبدالناصر وأنور السادات " إضافة إلى الفرقاطة طراز فريم " تحيا مصر " وعدد من لنشات الصواريخ والغواصات التقليدية المتقدمة.

كما شمل أيضا التطوير في مجال البنية التحتية القوات والموانئ البحرية لتزيد من قدرة القوات البحرية على صيانة وبناء وتفعيل قدرات الوحدات البحرية المنضمة إلى البحرية المصرية لتصبح القوات البحرية المصرية على المستوى المنشود والمأمول من حيث الكفاءة القتالية والفنية التي تمكنها من تأمين المصالح الحيوية للدولة المصرية.

أضف تعليق

إعلان آراك 2