انعقدت فى السادس عشر من الشهر الحالى قمة جدة للأمن و التنمية لدول مجلس التعاون الخليجى وبحضور مصر والأردن والعراق والولايات المتحدة الأمريكية.. وهى قمة غير دورية تم التنسيق على عقدها بعد طلب الإدارة الأمريكية تنفيذ جولة للرئيس الأمريكى بايدن بمنطقة الشرق الأوسط تشمل إسرائيل وبعض الدول الخليجية والعربية .. وحسناً فعلت القيادات العربيه القائدة فى المنطقة أن تعمدت أن يتم لقاء الرئيس الأمريكى من خلال تجمع إقليمى عربى ضخم يضم بين جنباته أكبر القوى الإقتصادية العربية ( المملكة العربية السعودية - دولة الإمارات – مصر - الكويت – قطر) وأكبر القوى العسكرية العربية ( مصر – السعودية - الامارات ) وهم جميعا يمتلكون مصادر طبيعية متمثلة فى إحتياطات مؤكدة من البترول والغاز الأمر الذى جعل من تلك البقعة دائما هدفا مباشرا للادارات الأمريكية على مر العصور ..وبالتالى كان للتجمع العربى فى هذه القمة على هذا النحو أثره البالغ حيث أرسل عدة رسائل بالغة الأهمية إلى الإدارة الأمريكية بصفة خاصة والإدارات الغربية بصفة عامة كالتالى :
- ظهرت لأول مرة منذ عدة عقود القدرة العربية على تشكيل تجمع إقليمى عربى قوى يضم غالبية القوى الاقتصادية والعسكرية العربية (إذا ما أقتضت الضروره ذلك ) بعيدا عن الصورة الذهنية السلبية لجامعة الدول العربية .. وأن هذا التجمع قادر على تحديد أهدافه ومصالحه المشتركة ومن ثم تنفيذها والدفاع عنها تاكيدا لمقولة الرئيس السيسى منذ ثلاث سنوات (لن ترونا الا معاً )
- هناك محاولات جادة ومثمرة لاعادة قطر الى مجالها العربى والقومى بعد ان كانت تغرد خارج السرب بحثا عن حماية امنية مدفوعة الاجر ودور إقليمى اكبر من قدراتها استنفذت بسببه الكثير من ثرواتها وعائداتها النفطية .
- العلاقات العربية الامريكية قائمه على المصالح المشتركة وليست على استغلال أحد الاطراف للآخر وعلى الاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية وهو ما بدا واضحا فى الاستقبال الفاتر للرئيس بايدن فى جدة ردا على توعده بفرض العزلة السياسية على المملكة أثناء حملته الانتخابية.
- على الجميع احترام ثقافاتنا العربية وتقاليدنا لن نسمح بفرض ثقافة مغايرة لعاداتنا وتقالدينا وديننا وهو على مايبدوا تعبيراً عن الموقف العربى الرافض للتوجه الغربى الخاص برؤيتهم لحقوق الانسان خاصة فيما يتعلق بحقوق المثليين وحق الاجهاض .
- أن الزيارة الموسمية لكل إداره امريكية جديدة إلى منطقة الخليج تهدف فى الأساس إلى استنزاف الموارد الاقتصادية لدول الخليج بمختلف الصور والأشكال فى مقابل توفير الحماية لها من التهديد الإيرانى فى المنطقة وهو التهديد الذى يتصاعد ويهدأ طبقا لمتطلبات الغرب والإدارات الأمريكية المختلفة وهو أمر لم يعد مقبولا وفى هذا المجال تحديدا لابد وأن نشيد بمواقف الدول العربية المشاركة فى هذه القمة فى تعاملها الغير مسبوق مع هذه الإشكالية.. فعند إعداد الإدراة الامريكية لزيارة بايدن للمنطقة وكالمعتاد فى مثل هذه النوعية من الزيارات بدأت على الفور إجراءات زيادة معدلات التوتر السياسى والعسكرى فى المنطقة بإستغلال الجانب الايرانى.. فعلى الفور سرعان ما ظهرت تقارير إعلامية إسرائيلية فجأة بتاريخ 3/6/2022 تحذر من تصاعد التهديد النووى الإيرانى وأن رئيس وزراء إسرائيل يصرح فى الكنيست قد نتحرك وحدنا ضد إيران.. وفى 12/6/ 2022 أمريكا تدعو إيران إلى وقف أنشطتها النووية.. وفى 14/6/2022 نشر صور تم التقاطها بالأقمار الصناعىة لصاروخ إيرانى بعيد المدى ومن الممكن أن يصل إلى الفضاء الخارجى..!! أصبح من الواضح أن السرعة التى صاحبت إصدار تلك التصريحات فى فترة زمنية قليلة للغاية وسابقة على زيارة بايدن للمنطقة بأيام تهدف إلى إرهاب العرب وإجبارهم على الدفع مقابل الحماية كما أعلنها الرئيس الأمريكى السابق ترامب من قبل صراحة.. على الخليج أن يدفع مقابل حمايتنا له .. فلا فطائر مجانية ..!! وهو ماحاول سلفه بايدن على ما يبدوا أن يسير على خطاه ..فى ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى يعانى منها الاقتصاد الأمريكى حاليا نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية.. إلا أن القادة العرب تعاملوا مع هذا الامر هذه المرة بشكل مختلف تماما و عزفوا سيمفونية متناغمة لافشال التهديد الأمريكى الغير مباشر المستخدم للعصا الايرانية .. فقد أعلنت الإمارات العربية المتحدة "فجأة" و قبل الزيارة بيوم واحد عن رغبتها فى تعيين سفير جديد لها فى طهران وعوده العلاقات الدبلوماسيه الى وضعها الطبيعى بين الدولتين (كان قد تم سحب السفير الاماراتى من طهران منذ 6 سنوات) وان الامارات لن تشترك فى أى تحالف دولى ضد إيران .. بينما وجه ولى العهد السعودى الامير سلمان رساله طمأنه واضحه خلال كلمته الافتتاحيه فى القمه ويدعوها الى فتح صفحه جديده خاليه من الصراعات .. وذلك فى وجود بايدن بطبيعة الحال ..!! بينما تحدث الرئيس السيسى وخلال كلمته فى القمة.. إلى أن الأمن العربى كل لا يتجزأ .. محذرا الجميع من العبث به .. خاصة من يدفع ويمول ويسلح التنظيمات المسلحة فلا تهاون معهم .. بينما أعاد وزير الخارجية السعودى فى البيان الختامى للقمة تأكيده للجانب الإيرانى على أن العرب يمدون أيديهم للايرانين فى دعوة للتعامل البناء والتعاون فيما يعود على شعوب المنطقة بالكامل بالتقدم والإزدهار وارتفاع مستويات المعيشة.. ضاربا بذلك آمال بايدن المشبوهة فى مقتل .. ليغادر مصحوبا بخيبة أمل أتصورها كبيرة وغير مسبوقة.. وما هى إلا ساعات قليلة لمغادرته المنطقة .. لتعلن بعض المصادر الإيرانية عن قرب إمتلاك إيران لقنبلة نووية ..؟ ويعلن رئيس الأركان الإسرائيلى فى سابقة غير معهودة عن أنه تم الإعداد لخطط عسكرية لمهاجمة إيران.. وهى المرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية على ما اعتقد ان تعلن دولة عن اعتزامها مهاجمة دولة اخرى فى وسائل الإعلام..؟ لتنتهى بتلك القمة الجولة الأولى فى مسار العلاقات العربيه الأمريكية فى عهد بايدن .. لكن الأكيد أن هناك جولات أخرى بإذن الله علينا الاستعداد لها خاصة مع دخول الرئيس الروسى بوتن على الخط والإعلان عن قمة روسية تركية إيرانية خلال ساعات .. فماذا بعد ..؟