عبد المنعم فؤاد: الأروقة.. مصدات فكرية ضد الأفكار المتطرفة

عبد المنعم فؤاد: الأروقة.. مصدات فكرية ضد الأفكار المتطرفةالدكتور عبد المنعم فؤاد المشرف العام على رواق الأزهر

يظل الأزهر الشريف وشيوخه وعلماؤه منارة علمية مرموقة، ومصدر ثقة وأمان للمصريين فى كل ما يتعلق بأمور الدين الإسلامى، فالمادة السابعة فى الدستور تنص على أن الأزهر هو المعنى ببيان وشرح تعاليم الإسلام داخل مصر وخارجها، ويتجسد حب المصريين وثقتهم فى مؤسسة الأزهر الشريف فى تلك الأعداد الكبيرة التى حرصت على أن يلتحق أبناؤهم برواق الأزهر ل حفظ القرآن الكريم عقب فتح باب التقديم، حتى وصل عدد المتقدمين خلال أيام قليلة إلى 500 ألف طفل.

«أكتوبر _ بوابة دار المعارف» التقت د. عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على رواق الأزهر، والذى حدثنا عن مشروع أروقة تحفيظ القرآن الكريم، والهدف منه، ومصير قوائم الانتظار، والانتقادات التى وجهت للمشروع، وغير ذلك من الأمور المهمة.

بداية.. حدثنا عن المبادرة وأهميتها؟

الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رأى أنه لا منقذ لعقول أولادنا وشبابنا وأطفالنا وفتياتنا ونسائنا إلا بالعودة إلى الإسلام وجمال الإسلام وروعته، وهذا لا يكون إلا من خلال الكتاب والسنة، فوجه فضيلته بفتح أروقة لتحفيظ القرآن الكريم فى جميع محافظات مصر وفوجئنا بالأعداد الهائلة التى تقدمت للالتحاق بالرواق، حيث فتحنا فى كل مركز من مراكز مصر ما يقرب من ٥ أروقة، ثم يتفرع من هذه الأروقة أروقة أخرى إن شاء الله.


فالقرآن الكريم هو المنقذ لنا وهو الذى عاش عليه الأولون والسلف الكرام.

هل فكرة الرواق جديدة؟

الأروقة فكرة قديمة جديدة منذ انتصب منبر الجامع الأزهر، تحت سماء القاهرة، ووجد ما يسمى بشيخ العمود، وهذه الأعمدة الموجودة بالجامع الأزهر لها تاريخ طويل ممتد فى جذور التاريخ، وكل عمود مرتبط بعلماء وطلاب ورواد نهضة، ورؤساء وأمراء تخرجوا تحت هذه الأعمدة، وعلماء أمثال: ابن حجر العسقلاني، والعيني، والقلقشندي، وابن خلدون عالم الاجتماع المعروف، والشيخ الشعراوى، ود.عبد الحليم محمود، والشيخ جاد الحق، والشيخ الطيب، وهذه الأعمدة ظلت موجودة إلى أن توقفت، فلما جاء الشيخ الطيب وضع مفردات ومناهج لإعادة تدريس كُتُب التراث تحت هذه الأعمدة، وتم تشكيل لجنة علمية من كبار العلماء لتكوين وثيقة علمية لإعادة العمل بالأروقة، وتم وضع تلك الوثيقة فى مضبطة الأزهر الشريف.

وهل تعمل الأروقة وفق المنهجية الخاصة بالعمود؟

وضعنا أهدافا نعمل عليها لتحقيق المقاصد المطلوبة، وقررنا التخلى عن نظام المركزية تحقيقا لمبدأ نشر التراث الأزهرى، حيث وجَّه الإمام بفتح أروقة فى عواصم المحافظات، وبلغ عدد الدارسين بها الآن قرابة 20 ألف دارس، وبعدما نجح الهدف الأول انتقلنا إلى المرحلة الثانية بفتح أروقة أزهرية للأطفال فى عواصم المحافظات والمراكز والقرى والنجوع، وتم معاينة 507 أروقة، وتقدم إلينا خلال أسبوعين ما يزيد على نصف مليون طفل من سن 5 حتى 13 سنة، بما يعكس الثقة فى الأزهر الشريف، رغم حملات الطعن والتشكيك ممن يدَّعون أنهم رواد الثقافة فى مهاجمتهم تلك الأروقة ووصفها زورا بأنها أوكار للتطرف.

ما تفسيرك للإقبال غير المسبوق على الرواق؟

أرى أن هذا الإقبال دليل على أن المصريين بخير وسيظلون بخير، والنبى صل الله عليه وسلم أوصى بمصر وأهلها خيرا والقرآن إذا كان نزل فى مكة فإنه قرأ فى مصر.

فالإقبال كان منقطع النظير ففى أسبوع أو ١٠ أيام تقدم لنا ما يزيد على ٥٠٠ ألف طفل، وبعد غلق باب التقدم فوجئنا بأن قائمة الانتظار بها أضعاف مضاعفة.

ما ردك على الذين يهاجمون الفكرة وأن الرواق يهدر طفولة أولادنا؟

هذا كلام غير واقعى بالمرة، فإن كان البعض يرى أن تحفيظ أبنائنا القرآن فى سن مبكرة يختطف طفولتهم، لأنهم يحفظون آيات لا يعرفون معانيها فهذا كلام فى غير محله، ويحتاج إلى مراجعة، فالقرآن لا يختطف العقول بل القرآن ينير العقول، فالذين حفظوا القرآن الكريم منذ الصغر رأيناهم وقد أصبحوا رموز مصر العظيمة قديما وحديثا.

فمن هذه الأروقة تخرج رواد فكر فرأينا قادة رأى ورأينا زعماء منهم على سبيل المثال، مصطفى كامل وأحمد عرابى ورائد التنوير رفاعة رافع الطهطاوى، رأينا رؤساء دول فى دول إسلامية أخرى، فالقرآن ينير القلوب ويأخذ بيد الشباب بالفكر المستنير الحقيقى لبناء الأوطان والبلاد ولذلك وضع منهج لانتهاء الأطفال من حفظ القرآن فى سن من ٥ حتى ١٣ سنة.

هؤلاء الشباب هم من سيكونون مصدات فكرية ضد الأفكار المتغولة على بلادنا وعقول أبنائنا وسيتصدون للإرهاب.

هل الهدف تخريج جيل ي حفظ القرآن وفقط؟

بالطبع لا.. فالهدف الحفاظ على النشء من الأفكار المتطرفة، فالتحفيظ يكون على يد علماء متخصصين فأرنى واحدا ممن حفظ القرآن على أيدى علماء تطرف فكريا أما الذين تختطف عقولهم ممن تعلموا على أيدى غير الأزهريين، لذلك رأى الأزهر أن من مسئوليته الحفاظ على النشء المسلم، فأوجد أروقة لتحفيظ القرآن الكريم فى كل بقعة من بقاع مصر، كما توجد أروقة شرعية للعلوم الشرعية ثم تفتح بعد ذلك أروقة جديدة، بعد خطة تقدم لفضيلة الإمام تكون مدروسة جيدا وحسب توجيهاته نقوم بالتنفيذ.

وما خطتكم لمواجهة هذه التحديات؟

فضيلة الإمام يرى أن الأفكار المتطرفة لابد أن تواجه بالأفكار المعتدلة فنحن لا نواجه بأسلحة يدوية إنما بأسلحة فكرية، فالحرب الفكرية أشد وطأة على عقول الشباب من الحرب العسكرية، فالحروب العسكرية يمكن أن تلقى قنبلة أو قنبلتين ونتائجها معروفة ومحدودة أما الحرب الفكرية من الممكن أن تدمر أمة، وعلماؤنا واجهوا التكفير والإرهاب والتطرف بالحكمة والحجة والبرهان.

ف الأزهر بعلمائه يرى دائما أن مجابهة هذه الأفكار مسئولية أمام الله تعالى ثم أمام الوطن، لذلك لا يألو العلماء جهدا فى متابعة هذه القضية وتصحيح المفاهيم.

مهمة الأزهر أنه يقوم بمسئولياته والمادة السابعة فى الدستور تنص على أن الأزهر هو المعنى ببيان وشرح تعاليم الإسلام داخل مصر وخارجها، فنحن نقوم بالمسئولية التى حملناها من قبل الدستور وأولا من قبل الشرع الحكيم.

كيف يتم اختيار المحفظين؟

المحفظون تم اختيارهم عن طريق لجنة مراجعة المصحف الشريف وامتحانهم بالصوت والصورة، ثم حصلت مقابلات فكرية بعد اجتيازهم درجات النجاح، وهى لا تقل عن ٨٠% ثم تكونت لجنة من أساتذة جامعة الأزهر لمقابلتهم لمعرفة توجهاتهم الفكرية حتى نطمئن على عقول أبنائنا ونضعها فى أيد أمينة، واللافت أن فضيلة الإمام الأكبر يتابع معنا أولا بأول ما تم إنجازه وكذا وكيل الأزهر الذى لا يألو جهدا لمحاولة إنجاح هذه العملية التعليمية التى ستنتج منتجا فكريا طيبا وأغلى منتج فى الكون وهو الإنسان السوى الذى يحب بلاده ويحافظ على الأمانة التى سيحملها فى وطنه.

ما موقف الأعداد الكبيرة على قوائم الانتظار؟

بداية كل من تقدم حتى غلق الباب تم قبوله وانتظم فى الحلقة بعد اختبارات تحديد المستوى، والآن لا نستطيع أن نقول إننا سنتوسع ونفتح فروعا جديدة لكننا فى مرحلة التنظيم والتنفيذ ونسعى لأن ينفذ الأمر حسب الدراسة الموضوعة ثم بعد ذلك إن كانت رؤية للتوسع تأتى بعد دراسة الأمر وكل ما يهمنا الآن أن تنجح هذه العملية التعليمية.

وكيف يتم التنسيق والمتابعة للفروع بالمحافظات؟

هناك فى كل محافظة لجنة متابعة مكونة من ٧ أفراد ترفع التقارير لنا بشكل يومى وأسبوعى وأخرى شهرية، ثم تقوم لجان من الأزهر لمتابعة هذه اللجان فى المحافظات والاطمئنان على صحة التقارير التى وردت إلينا، فلدينا فى الجامع الأزهر ما يسمى غرفة عمليات لمتابعة كل مراحل التنفيذ فى كل محافظة من محافظات مصر.

وكيف يتم تحديد أماكن إقامة الرواق؟

الرواق اتجاه فكرى نتعاون فيه مع قطاع المعاهد الأزهرية، وقبل أن يفتح الرواق فى أى معهد أزهرى قامت لجان متابعة وكتبت تقارير وقدمت فيديوهات وصورا وقالت إن هذا المكان يصلح أن يكون رواقا، فكل معهد فتح فيه رواق مجهز ومعد لتنفيذ الفكرة وهناك تعاون تام بين الأروقة وقطاع المعاهد الأزهرية.

هل الدراسة مجانية بالكامل؟

فضيلة الإمام الأكبر وجه بأن تكون الدراسة فى الرواق مجانية تماما وهى هدية من الأزهر الشريف إلى أبناء مصر والهدف منها المحافظة على العقول التى ستبنى الأوطان وتواجه الأفكار المتطرفة وأفكار الغلو التى تتغول على عقول شبابنا وتأتى إلينا من كل فج عميق ونحن لا نعرف مصدرها.

ما موقف الطلاب من جنسيات أخرى؟

باب الأروقة مفتوح أمام كل من يسكن على أرض مصر طالما يستقر على نظام الدولة وبالقانون، ف الأزهر لا يغلق بابه فى حفظ القرآن أمام أحد، ولم يحدد جنسية معينة.

أضف تعليق

أصحاب مفاتيح الجنة

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
تسوق مع جوميا

الاكثر قراءة

إعلان آراك 2