تسعى لنبذ العادات والتقاليد البطالية .. مبادرات الزواج.. طوق نجاة لـ 13 مليون شاب وفتاة

تسعى لنبذ العادات والتقاليد البطالية .. مبادرات الزواج.. طوق نجاة لـ 13 مليون شاب وفتاةصورة تعبيرية

ثقافة وفنون19-7-2022 | 14:54

مع ارتفاع تكاليف الزواج بصورة مبالغ فيها، وكثرة الطلبات والشروط غير الضرورية، التى يفرضها الأهل لدرجة شكلت عائقاً كبيراً أمام زواج الشباب والفتيات، على عكس ما يحثنا عليه ديننا الحنيف، أصبح الشاب والفتاة يتحملان مشاق ارتفاع الأسعار، ومجبرين على شراء بعض الأجهزة والكماليات، التى لا يستفيدان بها فقط لأن هذه هى العادات والتقاليد، ما أدى إلى عزوف العديد من الشباب عن الزواج وارتفاع معدل العنوسة بالتبعية..

وجاء إعلان « الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء» أن عدد الشباب والفتيات، الذين تجاوز أعمارهم 35 عاماً من دون زواج بلغ 13 مليون شاب وفتاة فى مطلع العام الحالي، منهم 2.5 مليون شاب و10.5 مليون فتاة، ليدق ناقوس الخطر أمام المجتمع المتمسك بعاداته وتقاليده على حساب مصلحة أبنائه بل ومصلحته كمجتمع صحى ومتماسك.

هذه الملايين من الشباب والفتيات، الذين تأخروا فى الزواج، تختلف نسبتهم من محافظة إلى أخرى، وحسب تقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، بلغت فى المحافظات الحدودية 30 فى المئة، ومحافظات الوجه البحرى 27.8 فى المئة، والصعيد 25 فى المئة، فى حين تبلغ حالات الزواج العرفى فى مصر حوالى 88 ألف حالة، أى بنسبة 9 فى المئة من إجمالى عقود الزواج.

يرتبط ذلك بالوضع المادى للشباب المصرى وارتفاع تكاليف الزواج، حيث أشارت إحصائية صادرة عن الجهة الرسمية نفسها خلال العام الجارى إلى أن معدل البطالة بين الشباب يبلغ 27.3 فى المئة.

مبادرة «لتسكنوا إليها»

العديد من المبادرات تم الإعلان عنها مؤخرا من أجل تيسير الزواج، وخفض تكاليفه، لعل أهمها وأحدثها مبادرة الأزهر الشريف «لتسكنوا إليها»؛ لخفض تكاليف الزواج، حيث أطلق مجمع البحوث الإسلامية ب الأزهر الشريف مبادرة موسعة لمواجهة التكاليف الباهظة للزواج فى محافظات الجمهورية بعنوان «لتسكنوا إليها»، وتهدف المبادرة إلى القضاء على العادات السيئة والمتبعة فى الزواج أملا فى تيسير الأمور المتعلقة به ومواجهة المغالاة فى تكاليفه، خاصة فى مثل هذه الظروف الاقتصادية، التى يعانى منها العالم أجمع.

وتعد مبادرة «لتسكنوا إليها» دعوة عامة لجميع الناس للتخلى عن العادات، التى تحول دون تكوين أسرة مستقرة وآمنة تحقق أهدافها وتبنى مستقبلها ويتولى نشرها وعاظ وواعظات الأزهر بالمحافظات من خلال متابعة الأمانة العام للدعوة والإعلام الديني.

المبادرة لها عدة مراحل، المرحلة الأولى خلال فترة الخِطبة وتسعى لترسيخ مجموعة من الأمور من أهمها قصر مراسم الخطوبة على قراءة الفاتحة وحضور درجات القرابة الأولى ودبلة فقط، ضبط اللقاء بين المخطوبين بحضور الأهل، عقد جلسة نقاشية أسبوعية بين الجانبين فى إدارة أسرة المستقبل التقليل من الهدايا المتبادلة لتظل رمزًا للمودة لا للمفاخرة ولا تكون ضغطًا على أحد الطرفين عدم تطويل فترة الخطوبة بشكل يؤدى إلى وقوع بعض المشكلات والاتفاق على كل مصروفات وتكاليف الزواج خلال فترة الخطوبة وقبل كتب الكتاب..

المرحلة الثانية للمبادرة وهى مرحلة الإعداد للزواج من خلال الحصول على دورة مكثفة للزوجين فى التأهيل الأسرى، الاقتصار على كتابة المنقولات الفعلية، التى يؤسس بها بيت الزوجية دون مبالغة اختيار مسكن الزوجية بالتوافق بين طرفى الزواج فقط وعلى حسب الاستطاعة دون تدخل الأسرتين ودون شروط غير ضرورية الاتفاق على الذهب بالقيمة وليس بالجرامات ويُثبت فى قائمة المنقولات القيمة تأجيل ما يمكن تأجيله من أثاث حرصًا على التخفيف والتيسير، الاقتصار على الأجهزة الضرورية للبيت دون اشتراطات خاصة، الاقتصاد فيما يسمى
بـ «الكسوة» وأن يكون الكساء للعروسين بعدد منطقى من الملابس وإلغاء الأجهزة الكهربائية غير الضرورية، التى ينتج عنها مزيدًا من التكاليف فى الفواتير الشهرية.

المرحلة الثالثة، تؤكد إقامة مراسم الأفراح بصورة بسيطة على قدر الاستطاعة وعدم التقيد بمظاهر ومغالاة مرهقة أن يقتصر نقل جهاز العروسة على سيارة واحدة فقط وبدون حضور مدعوين تجنبًا للتكاليف الإضافية وإلغاء عادات تكاليف الضيافة الباهظة أثناء الفرح وإلغاء اشتراط كسوة الأهل من الجانبين وإلغاء ما يسمى بـ «سيشن التصوير» وإلغاء اشتراط السفر لقضاء ما يسمى بـ «شهر العسل» وعدم المبالغة فى الزيارات اليومية والعزومات المتبادلة والهدايا المرهقة أثناء التهنئة بالزواج.

مبادرات تيسير الزواج

تم تدشين العديد من المبادرات الخاصة بتيسير الزواج فى محافظات مصر، ففى سوهاج تم إطلاق مبادرة «تيسير الزواج»، التى تتضمن أن تكون الشبكة 20 جراما من الذهب وألا تزيد (القايمة) عن 150 ألف جنيه لا غير وبعض البنود، التى تيسر عملية الزواج، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف الزواج فى المحافظة، التى قد تصل إلى ملايين الجنيهات.

أيضا تم إطلاق مبادرة «بلاها شبكة» بالصعيد جنوب مصر، وتقوم على التخلّى عن الشَبكة وهى عبارة عن الذهب، الذى يقدّمه العريس للعروس، وذلك من أجل تقليل تكاليف الزواج، خاصةً فى ظل ارتفاع أسعار الذهب بشكل قياسي.

كذلك انطلقت من محافظة بنى سويف بصعيد مصر إلى محافظات أخرى مبادرة «زواج بدون ذهب»، التى طالبت أيضاً بإلغاء الذهب من قائمة طلبات العروس.

وفى السياق ذاته، انطلقت مبادرة شبابية أخرى اسمها «اتجوزوا ببساطة» وغيرها من المبادرات، التى تهدف إلى تقليل تكاليف الزواج، التى قد تصل إلى ملايين الجنيهات.

مبادرات إلغاء النيش

نهاد أبو القمصان، المحامية بالنقض ورئيس المركز المصرى لحقوق المرأة تقول: شاهدت العديد من المبادرات من جميع محافظات مصر تقريبا هدفها تيسير الزواج، وعندما تعمقت فى دراسة بنود وأهداف كل مبادرة وجدت أن القاسم المشترك لها هو إلغاء النيش، وكأن النيش هو سبب كل الكوارث، ولكن لم أقف عند هذه النقطة، الذى استوقفنى هو أن من أهداف المبادرة عندما تشترى العروس الأدوات الكهربائية يتم إحضار عدد واحد من كل جهاز كهربائي، فاستغربت كثيراً لذلك فالطبيعى أن يتم شراء جهاز واحد، ولكننى اكتشفت بعد استقصاء الحقائق وجدت أن من عادات بعض المحافظات أن تشترى العروس من كل جهاز 3 أو أربع أجهزة، فمثلا تشترى 3 شاشات «تليفزيون» وشاشة أخرى لأم العريس، و 4 بوتاجازات وبوتجاز آخر لأم العريس، وهذا الأمر غير طبيعي.

وتابعت: تلك المبادرات التى تم إطلاقها جعلتنى اكتشف شيئا فى غاية الأهمية وهو عندما تأملت تطورات الزواج فى الماضى وحتى الآن، وجدت أنه فى الماضى كنا متبعين مذهب الإمام أبو حنيفة النعمان فى الزواج، الذى من ضمن شروطه يكون المهر ركنا أساسيا فى الزواج، وأن الولى من حقه أن يفسخ عقد الزواج إذا لم يقبض مهراً من العريس، وعندما ضاقت الأحوال أصبحنا لا نأخذ مهراً وأصبح العريس يشترى الخشب والعروس تتحمل الرفايع من ملابس وتجهيزات المطبخ فقط، وعندما ضاقت الأحوال أكثر العريس أصبح لا يدفع مهرا والعروس تجهز معه وتتحمل شراء حجرة من الخشب مع العريس، أما الآن الدنيا ضاقت أكثر وأكثر وأصبحت العروس هى التى تتدفع المهر بشراء كل هذه الأجهزة للعريس ولأمه وشراء خزين من الأكل والطعام.

وأشارت إلى أنه يجب مراعاة سوء الأحوال الاقتصادية، التى يمر بها العالم أجمع وأن يكون هناك تيسير للزواج أكثر من ذلك فكل هذه الأشياء غير منطقية أن تتحملها العروس بمفردها وهو ما نتج عنه ظهور العديد من الغارمات وأيضا ارتفاع معدل العنوسة ومعدل عزوف الشباب عن الزواج وهو أمر خطير للغاية.

التفاخر والتباهي

ومن جانبه، أكد الدكتور وليد هندى استشارى الصحة النفسية، أن أهل العروس وأهلها يضعون شروطا صعبة على العريس منها شبكة باهظة الثمن وشراء أثاث باهظ الثمن وتجهيز الشقة بطريقة معينة وكل هذا فى سبيل التباهى والتفاخر ليس أكثر، وكنوع من المحاكاة والتقليد من زاوية أخرى، لأحد من أفراد عائلتها، كما أن بعض أولياء الأمور يتخيلون أن العريس بشرائه شبكة باهظة الثمن وشراء كل ما يلزم للزواج وفقاً لمتطلباتهم هذا يعزز من قيمة الفتاة لدى عريسها ومؤشر قوى لجدية الزواج.

وأضاف استشارى الصحة النفسية، أن كثيرين لديهم تشوهات فكرية تجاه الشبكة فيطلبون من العريس شراء عدد من الجرامات المحددة، كما أن هناك أيضا من أهل العريس ما يعتقدون أنه بتساهل أهل العروسة أن العروس بها عيب ما «معيوبة» لأنهم لا يغالون فى متطلبات الزواج وهذا الأمر شائع للأسف، والسؤال هنا أنه بارتفاع تكاليف الزواج والارتفاع الجنونى بالأسعار، هل يمكن الاستغناء عن بعض متطلبات الزواج وفقا للظروف الاقتصادية؟، فهذا مطلب حياتى يجب أن يكون له تبعية فى منظور القيم والعادات والتقاليد تجاه تكاليف الزواج، فيجب الاختيار بين الحياة السعيدة للعروس بعد الزواج وبين الذهب والأجهزة والخشب والقايمة وغيرها.

وأكد د. وليد هندى، إن ارتفاع تكاليف الزواج بهذا الشكل أدى إلى عزوف الشباب عن الزواج، مما يجعل الفتاة تجلس فى بيت أبيها بدون زواج لسنوات عديدة، فيجب إعادة النظر بموضوعية للزواج على أنه «الاستقرار والسكينة» وليست عملية تجارية، فالسعادة لا تكون بالأسورة والذهب والأجهزة وعددها ولكن بتوافق طرفين وتلاحمهما فى تكوين علاقة زوجية ناجحة.

أضف تعليق

حكايات لم تنشر من سيناء (2)

#
مقال رئيس التحرير
محــــــــمد أمين
إعلان آراك 2