قال فضيلة الأستاذ الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، إن التشريع الإسلامى لم يفرض شكلا أو مفهوما خاصا للدولة، ولم يهتم كثيرا بالأسماء، وإنما نظر إلى ضرورة مراعاة ضوابط ومحددات من شأنها إقامة العدل، وتحقيق الأمن والاستقرار، والعيش الكريم للإنسان فى وطنه.
وأضاف مفتى الجمهورية خلال لقائه الأسبوعى فى برنامج نظرة مع الإعلامى حمدى رزق على فضائية صدى البلد، أنه ليس هناك نظام سياسى أو اقتصادى معين فى الإسلام، ولكن هناك أدوات شرعها الشرع الشريف فى نطاق السياسة والاقتصاد تحقق مصالح العباد والبلاد؛ وهذا ما يعرف بالسياسة الشرعية، وهذا خاضع لكل تطور حديث ما دام لا يخالف مبدأ من مبادئ الشريعة الإسلامية.
ولفت فضيلة المفتى النظر إلى أن التطبيق العملى للتشريع فى إجراءاته المتنوعة يهتم بقضية التكافل والتراحم، ونجد ذلك مبثوثا فى أمور الشريعة كلها، كالإعانة للطوائف المحتاجة، كما نرى أن تشريعات الزكاة جاءت متكاملة لتصب فى صالح المحتاجين، والحكمة منها هى كفاية المحتاج، حيث لا يشعر بالتهميش والدونية؛ بما يدفعه للتفاعل مع المجتمع مؤثرا فيه ومتأثرا به إيجابا لا سلبا.
وتابع فضيلة مفتى الجمهورية: وهذه الطوائف المحتاجة فى مجملها هى طوائف مستهلكة قابلة للاستهلاك بشكل عام فكلما ملكت مالا استهلكته، ومردود ذلك جيد عند الاقتصاديين لما يمثله من دوران عجلة الاقتصاد فيرتد أثر ذلك على المجتمع بعمومه، ولهذا قال الرسول الكريم: «ما نقصت صدقة من مال»، فالمعطى وإن كان له فضل العطاء، فإن ثمرة الصدقة تعود إلى المتصدق بدورها، عن طريق دوران عجلة الإنتاج وانتعاش الاقتصاد وحركة السوق، وذلك لب نظرية التشغيل التى نادى بها الاقتصادى الإنجليزى جون ماينرد كينز لإعادة دوران عجلة الاقتصاد بعد الكساد الكبير، وهو كذلك ثمرة نظرية الزكاة فى الإسلام، عن طريق تزويد الفقراء والمحتاجين بالصدقات بما يخلق لديهم القدرة على الاستهلاك ومن ثم تشغيل عجلة الإنتاج.
وعن ادعاء البعض بأن هناك ازدواجية فى التفريق بين حكم ما تقوم به البنوك وبين ما يقوم به القائمون على توظيف الأموال من الأفراد قال مفتى الجمهورية: إن البنوك شخصيات اعتبارية تختلف أحكامها عن الشخصية الفردية عند التعرض لقضية الربا وغيرها، مستدلا فضيلته بنظام الوقف الذى تختلف أحكامه عن التعاملات الفردية، كعدم حصول الزكاة فى أموال الوقف بعكس الأموال الأخرى المملوكة للأشخاص، وذلك وفق الضوابط الشرعية.
وشدد فضيلته على أن هناك فرقا بين الشخصية الاعتبارية كالبنوك والدولة وبين الشخصية الفردية فى المعاملات المالية، حيث إن القرض المحرم هو الذى يقوم على التربح والخروج بعقد القرض عن طبيعته، ولهذا صنفه الفقهاء على أنه من عقود الإرفاق، أما البنك فلا؛ لأن عمل البنوك لا يقوم على الاقتراض من الناحية الاستثمارية، وإنما القصد الوكالة عن المودع فى استثمار ماله، فالعلاقة ليست علاقة قرض بين البنك والمودع، بل هى علاقة استثمار، فما يأخذه العميل هو فى إطار الربح حلال.