لابد أن يودع المجتمع ما يسمى بكليات القمة وكليات القاع، تلك الثقافة، التى عفا عليها الزمن وتصدرت فكر المجتمع فى الـ 40 سنة الماضية وأدت إلى إفساد العملية التعليمية وازدياد نسب البطالة، وقد آن الأوان لتصحيح المسار وأن تتغير ثقافة المجتمع تجاه التعليم؛ ليكون قائمًا على احتياج سوق العمل وليس الوجاهة الاجتماعية، وهى ستكون كليات المستقبل، وهى النصيحة الغالية، التى نقدمها لطلاب الثانوية العامة مع اقتراب موعد إعلان النتيجة بأن يضعوا نصب أعينهم عند التقدم للالتحاق بالجامعة التوجه نحو التخصصات، التى يحتاجها سوق العمل، خاصة التخصصات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعى و الطاقة المتجددة والنانو تكنولوجى وغيرها.. والابتعاد بقدر الإمكان عن الكليات والتخصصات التقليدية، التى عفا عليها الزمن، التى نهايتها البطالة، ولا يغرهم أسماء الكليات قدر أن تكون مطلوبة فى سوق العمل حتى لا تكون النهاية وقوفهم فى طابور العاطلين.
وفى رأيى أن كليات القمة هى كليات المستقبل، التى يحتاجها سوق العمل وكذلك تلك التخصصات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعى وغيره.. وهذا ما يجب أن يضعه الطلاب وأولياء الأمور فى اعتبارهم عند اختيارهم للكليات.
وقد نبه الرئيس السيسي لهذا الأمر أثناء افتتاحه لعدد من مشروعات "مصر الرقمية" منذ أيام قليلة بأن دعا المجتمع إلى تغيير الثقافة تجاه التعليم بحيث لا يصبح الهدف هو حصول الطالب على شهادة جامعية.. والتوجه نحو التخصصات الجديدة، التى يحتاجها سوق العمل، وأن الكليات التكنولوجية الجديدة هى المستقبل لأبنائهم ويجب التسويق لتخصصاتها.
وهو كلام فى غاية الأهمية.. ويتطلب لترجمته تحقيق أمرين عاجلين.. الأمر الأول لفت نظر المجتمع إلى ضرورة الابتعاد عن الكليات النظرية والتعليم السهل، الذى نهايته البطالة، وهذا هو دور الإعلام، والأمر الثانى تغيير السياسات التعليمية؛ لتقوم على ربط التعليم بما يتطلبه سوق العمل.. وسوق الوظائف الجديدة، وهذا هو دور وزارة التعليم العالى والجامعات لإعداد العقول والكوادر، التى يتطلبها سوق العمل عن طريق التوسع فى إنشاء الجامعات التكنولوجية والتخصصات الجديدة.
وحسنًا ما قامت به الدولة مؤخرًا من إنشاء عدد من الكليات التكنولوجية وإدخال بعض التخصصات الجديدة، مثل الذكاء الاصطناعى وغيره، فضلا عن أن الأمر يتطلب أيضا إحداث تطوير عاجل للكليات التقليدية؛ لتتواكب مع سوق العمل مثل إدخال الإعلام الرقمى لكليات الإعلام.. وإدخال تخصصات جديدة مثل إنترنت الأشياء والطباعة ثلاثية الأبعاد و"البلوك تشين" بدلاً من كليات التجارة وهو نظام يساعد على الانتقال للأموال عبر الحدود بشكل آمن عن طريق سجل تجارى وغيرها.