كشفت بروتوكولات وقرائن تتعلق بمجزرة كفر قاسم (مدينة فلسطينية داخل حدود عام 1948)، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي خطط لارتكاب المجزرة، ونفذها جنوده بدم بارد بغرض قتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، كان من بينهم أطفال ونساء.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن محكمة الاستئنافات العسكرية الإسرائيلية، سمحت اليوم الجمعة، بنشر بروتوكولات المجزرة، التي نفذتها فرقة "حرس الحدود" في جيش الاحتلال الإسرائيلي، في 29 أكتوبر العام 1956، واستشهد فيها نحو 50 مواطنا عربيا فلسطينيا.
وتتضمن البروتوكولات شهادات أدليت خلال مداولات محكمة عسكرية أعقبت المجزرة، حيث تشير إلى أن "البلدات والقرى العربية كانت تخضع لحكم عسكري منذ تأسيس إسرائيل وحتى العام 1965. وفي اليوم الذي ارتكبت فيه المجزرة تم فرض حظر تجول على القرى العربية في المثلث، بالتزامن مع بدء العدوان الثلاثي (الإسرائيلي – البريطاني – الفرنسي) على مصر".
وتكشف أن "قائد حرس الحدود في تلك المنطقة يسّخار شيدمي، قرر تبكير سريان حظر التجول من الساعة التاسعة مساء إلى الساعة الخامسة مساء، من دون الإعلان عن ذلك، ولم يكن قد عاد قسم من السكان من أعمالهم إلى قراهم. ولدى عودتهم أطلقت القوة العسكرية الإسرائيلية النار عليهم وقتلتهم بزعم تواجدهم خارج بيوتهم".
ويتبين من بروتوكولات المحكمة أن "الجنود سُئلوا إذا كان بإمكانهم التبليغ عن الأحداث بأجهزة الاتصال اللاسلكي، وأجابوا بنعم. وسُئل ضابط عن الاستعدادات لفرض حظر التجول في كفر قاسم، وأجاب الضابط أنه: عندما لا يكون هناك وقت، نتنازل عن أمور ليست ضرورية".
واعترف حاييم ليفي، أحد ضباط سرية في حرس الحدود، بأن قائد الكتيبة، صموئيل ملينكي، أبلغه بأن خطة عملية "الخلد" السرية لاغية وأنه توجد خطة جديدة.
و"خطة الخلد" هي خطة إسرائيلية سرية لم تخرج إلى حيّز التنفيذ ولم تنشر تفاصيلها الكاملة، كانت تهدف إلى تهجير سكان منطقة المثلث إلى الأردن، وسمحت المحكمة بذكر الخطة في البروتوكولات أو المداولات التي جرت حولها، لكنها حظرت نشر الخطة نفسها وصورا من موقع المجزرة.
ويتضح مما نشر أن "ضباط حرس الحدود تحدثوا قبل المجزرة بيوم واحد عن إمكانية احتلال الأردن، ولذلك كانوا في حالة استنفار. وانتشرت القوة الإسرائيلية حول كفر قاسم، باستثناء القسم الشرقي من القرية، بهدف تهجير السكان إلى الأردن".
وقال الضابط ليفي في إفادته أمام المحكمة إن "قائد الكتيبة ملينكي أبلغه بشكل واضح بأنه يُرغب بسقوط عدد من القتلى". وفي رده على سؤال حول ما إذا كانت أقوال ملينكي معقولة، قال ليفي: "فهمت أن هكذا ينبغي أن يكون، وأن هذه هي السياسة/ الرغبة، وخلال ذلك قيل إن أي أحد يشاهد سيقتل، وأدركت ذلك من خلال الأمر العسكري الصادر".
وقال شيدمي في شهادته أمام المحكمة لدى سؤاله عن الأمر العسكري الذي تلقاه بخصوص المواطنين العائدين إلى بيوتهم في كفر قاسم، إن الأمر الذي تلقاه كان "الله يرحمه". وأضاف لاحقا أنه "أصدرت هذا الأمر العسكري في حال حدوث أعمال شغب وخرق واسع لحظر التجول، ومن خلال التأكيد على أنه يحظر علينا خلق أوضاع قد تؤدي إلى انعدام هدوء".
وتشمل البروتوكولات التي سمح بنشرها مئات الوثائق التي تتضمن شهادات وإفادات جنود وضباط من جيش الاحتلال الذي شاركوا في ارتكاب مجزرة كفر قاسم.
كانت نيابة الاحتلال العسكرية تعارض بشكل كامل كشف معظم المواد السرية المرتبطة بالمجزرة، والتي قدمت إلى المحكمة ضد مرتكبي المجزرة، مدعيةً أنه "بعد مشاورات مع جهات مختلفة، بينها وزارة الخارجية الإسرائيلية، فإن نشر المواد سيشكل خطرا على أمن إسرائيل ويلحق ضررا بسياستها الخارجية".
وتراجعت نيابة الاحتلال عن معارضتها، في ديسمبر الماضي، دون الإعلان عن تفسير لذلك. وعلى هذه الخلفية، قررت محكمة الاستئناف العسكرية، في مارس الماضي، السماح بنشر هذه المواد، وسمح بنشر هذا القرار أواخر شهر مايو الماضي، قبل أن يسمح بنشر البروتوكولات اليوم.
وقالت عضو الكنيست عن القائمة المشتركة عايدة توما سليمان تعقيبا على كشف بروتوكولات مجزرة كفر قاسم: "اليوم، تم الكشف عما قلناه من اليوم الأول: المذبحة في كفر قاسم عام 1956 كانت، جزء من خطة"، لافتةً إلى ان البروتوكولات المنشورة تؤكد أن إسرائيل لم تقتل 50 مواطنًا عربيًا بدم بارد فحسب، بل خططت لذلك أيضا.
وأضافت: "ليس فقط عام 1948 وفي ظل النظام العسكري في الخمسينيات، بل بعد 66 عامًا، ما زالت دولة إسرائيل تهرب من المسؤولية".
وتابعت: "يجب أن تعترف دولة إسرائيل رسميًا بمسؤوليتها عن المذبحة... يعتبر الاعتراف بالماضي خطوة ضرورية على طريق تصحيح الظلم التاريخي والأساس لمستقبل مشترك".