لدى قناعة كبيرة بأن الملف الليبيى أقرب للحل عما سواه، بالنسبة للأزمات الموجودة على الساحة العربية، بأبعادها المختلفة لأسباب كثيرة من بينها وفرة الموارد والثروات الطبيعية وقلة عدد السكان ودعم دول الجوار، وخاصة مصر لمسار الحل السلمى، وإعادة وبناء مؤسسات الدولة وإعادة الإعمار، إضافة لذلك، فإن مرجعية الحل واضحة، وبالتالى لا داعى لتدخلات مباشرة من الدول الكبرى وأجهزتها المختلفة والتجارب ونتائجها خير دليل، ولنا أن نستعرض عدد مبعوثى الأمم المتحدة للحل فى ليبيا والضغط من أجل تنفيذ الاتفاقيات والمرجعيات التى تقود لحلول مستدامة. ومع ذلك لا يوجد جديد لأن هناك أطرافا دولية تعمل فى الخفاء لاستنزاف موارد الشعب وثرواته واستمرار معاناته وقبل مغادرتها للعمل فى الملف الليبيى ظل دورها محصورا فى المهام التيسيرية (إدارة الأزمة)، ومن ثم لم تتمكن "ستيفانى وليامز"، من حسم الصراع على ما يسمى بالشرعية فى ليبيا.
ومن المفترض أن كل المناصب الراهنة انتقالية لإدارة المرحلة والتمهيد لانتخابات يختار من خلالها الشعب الليبيى تقرير مصيره، فيمن يحكمه وليس من خلال قوائم خارجية تقدم بين وقت وآخر لإخراج ليبيا من نفق الانسداد السياسى والاحتراب الذى يشتعل بين وقت وآخر، وبالتالى فإن الوضع فى ليبيا مرتبط بتغيير سياسة الأمم المتحدة وليس بتغيير المبعوثين وهنا تثبت التجربة أن دورها منذ البداية كان واضح المعالم من حيث التوصل لنتائج ذات قيمة؛ لأن البعثة لم تسع للوصول إلى ممثلي الشعب الليبي، بل اقتصرت على التعامل مع متصدري المشهد السياسي الحالي واكتفت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، ستيفانى وليامز بدعوة القادة الليبيين إلى التغلب على الجمود السياسى الحالى وأزمة السلطة التنفيذية المتكررة، من خلال إقرار إطار دستورى توافقى يحدد محطات واضحة، ويؤسس للعقد بين الحاكم والمحكوم، ويضع ضوابط لإنهاء الفترة الانتقالية من خلال الانتخابات الوطنية.
وفى تقديرى يمكن لقادة ليبيا إعطاء الفرصة للحل السياسى، بعيدا عن الصدام لأن الأرض تستوعب الجميع خاصة من يرغبون فى إخراج بلادهم من الوضع المأزوم إلى آفاق أفضل ومستقبل مستقر ينعم الجميع فيه بالرخاء والإخاء والسلام
وكان أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، قد أعرب أكثر من مرة خلال شهر واحد عن قلقه إزاء تطورات الوضع فى ليبيا، وذلك عقب الإخفاق فى التوافق حول بعض القضايا العالقة بمسودة الدستور، والتي سبق لمجلسي النواب والأعلى للدولة أن حققا توافقاً مشجعاً فى معظمها خلال اجتماعات القاهرة وجنيف.